عندما تقلد حزب البعث الحكم في سوريا والعراق في الستينيات تحت شعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" ، فإن الكثيرين من أبناء الأمة انساقوا خلفه، لكن سرعان ما بدت سوءات "البعث" تتكشف عامًا بعد عام ليظهر على حقيقته كحزب سلطوي يقوم على أساس تأليه الحاكم واستعباد الشعب ونهب ثرواته والتنكر للشعارات التي كان يرفعها، وهو ما اتضح بشكل فاضح عندما لم يحرك النظام السوري البعثي ساكنًا في العمل على تحرير الجولان منذ احتلالها عام 1967، وعندما قام جناح البعث العراقي بزعامة صدام حسين بغزو الكويت عام 1990 تحت شعار"الطريق إلى القدس يمر عبر الكويت". بيد أن الطامة الكبرى حدثت عندما تحول "البعث" في آخر المطاف، إلى حزب فئوي طائفي بغيض، حيث أصبح من الواضح أن الطائفة العلوية التي أصبحت الممثل الأخير المتبقي للحزب، الأداة الإرهابية الأكبر في يد نظام الأسد في قمعه للشعب السوري الذي يمثل السنة سواده الأعظم. مذبحة الجمعة التي نفذتها الفلول العلوية سواءً من قواته المسلحة أو(الشبيحة) ضد أبناء الحولة باستخدام الدبابات وقذائف الهاون والقنابل اليدوية والبنادق الرشاشة بما أودى بحياة أكثر من مائة ضحية نصفهم من الأطفال دون العاشرة من أعمارهم، هذه المذبحة التي تناقلت مشاهدها الوحشية وسائل الإعلام ووسائط الاتصال الاجتماعي وهزت مشاعر العالم بأسره -أعادت إلى الأذهان صور ومشاهد مذابح دير ياسين وصيرا وشاتيلا وبحر البقر وقانا وجنين وغزة وتل الزعتر، مع التذكير بأن حصار تل الزعتر ومذبحته قانا من تدبير الرئيس حافظ الأسد نفسه. وهو ما يعني أن الأسد والصهيونية وجهان لنفس النوع من الإرهاب الذي يستهدف الأطفال بشكل خاص. محاولة تنصل الأسد من مسؤوليته عن تلك المذبحة البشعة -كما جرت عادته- لا يمكن أن تنطلي على أحد هذه المرة فاستخدامه الدبابات والمدفعية والقنابل اليدوية والبنادق الآلية في تلك المذبحة يؤكد أن قواته المسلحة وشبيحته وراء تلك المذبحة، التي لا يمكن أن تمر دون عقاب. على المجتمع الدولي والجامعة العربية التحرك فورًا لإنقاذ الشعب السوري من بطش نظام فقد عقله وتجرد من أبسط قيم الإنسانية.