سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل تكون هيئة الاستثمار للاستثمار المحلي والأجنبي؟!
البلاد ليست بحاجة لسيولة مالية، بل حاجتها إلى صناعات وإنتاج ينوّع الموارد، ويفتح أبواب التوظيف للسعوديين
صدرت الموافقة السامية بتعيين الأستاذ عبداللطيف العثمان محافظًا جديدًا للهيئة العامة للاستثمار، وهو تعيين تُعلّق عليه آمال كبيرة؛ لتحقيق ما ورد في الأمر الملكي الذي صدر سابقًا برقم أ/ 121 في 2/7/1432ه، وممّا جاء فيه «مراجعة لوائح وأنظمة الهيئة العامة للاستثمار لإعادة هيكلة ما يتعارض منها مع جهود السعودة بما يحقق إلزام المستثمرين الأجانب بإنفاذ الحلول العاجلة، والحلول المستقبلية لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات والدبلومات بهدف إيجاد فرص وظيفية للمواطنين والمواطنات. وكنت قد كتبت في هذه الجريدة في 18/7/1432ه الموافق 20/6/2011م مقالاً بعنوان: «مراجعة لوائح وأنظمة الهيئة العامة للاستثمار»، وممّا أشرت إليه أن الطموح كان أن تحقق الهيئة ثلاثة أمور: نقل التقنية، وتوظيف المواطنين، وتدريبهم، وممّا قلت فيه: إن المطلوب «مصانع إنتاج لا مدن عقار، ومصانع كبيرة لا ورش نجارة وحدادة ومطاعم، ويكون عماد ذلك العمالة الوطنية لا المستوردة، وأشرت إلى تركيز الهيئة على تسهيل إجراءات المستثمر الأجنبي عن طريق مراكز الخدمة الشاملة في حين أن المستثمر السعودي يعاني الأمرين من مراجعة الأجهزة الحكومية المتباعدة، حتى وصل الأمر إلى أن رئيس مجلس الغرف السعودية يطالب بأن يعطى المستثمر السعودي المزايا التي تمنحها الهيئة للمستثمر الأجنبي أو المختلط. والهيئة حرصت على مقابلة ما يكتب عنها بحملات إعلامية مدافعة عن نفسها، وحرصت كذلك على الحصول على شهادات من الخارج بأنها تقدمت مراتب ودرجات على مستوى المنافسة العالمية، وتجاهلت مطالب المواطن بإقامة مصانع، ونقل تقنية، وتوظيف مواطنين ومواطنات، وقد مر عام كامل على الأمر الملكي بمراجعة لوائحها وأنظمتها، ولم يصدر شيء عن التنفيذ. لا عيب إن كانت بعض الأنظمة واللوائح لم يمكن تنفيذها على أرض الواقع، فالتجربة خير برهان، ولكن الاستمرار في الخطأ هو الخطأ، وقد مرت فترة كافية على الهيئة، فماذا أنشئ من مصانع كبيرة كمصانع سابك والهيئة الملكية للجبيل وينبع؟ وكم عدد العمالة السعودية؟ وهل العمالة المستوردة أكفأ أم أرخص، أم هي ذات صلة قرابة بالمستثمر الأجنبي؟ فالمطلوب إنجاز لصالح الوطن والمواطن، فالأصل أن الاستثمار الأجنبي لصالحهما أولاً. بعض المستثمرين الأجانب كانوا يعملون في مؤسسات وطنية سعودية، فأتاح لهم نظام الاستثمار الأجنبي، استخراج تصريح في نشاط مَن كان موظفًا عنده، وبعضهم أخرجه من السوق، أو أضعف إنتاجه، فماذا قدّم في المقابل؟!. كان التوقع أن يأتي مستثمر المليارات لا مستثمر الآلاف، وإن كانت البلاد ليست بحاجة لسيولة مالية، بل حاجتها إلى صناعات وإنتاج ينوّع الموارد، ويفتح أبواب التوظيف للسعوديين، ويوطّن الصناعة والإنتاج، ويحوّل المدن الصناعية إلى مدن تضج بالحركة والإنتاج لا مدن عقار وتسويق. الأمل أن تبعد الهيئة نفسها في عهدها الجديد عن حمّى الإعلام والشهادات والتزكيات الخارجية، وأن تجعل شهادتها واقعًا في إقامة مصانع وتوظيف وهيكلة بحيث يكون الإنتاج والتوظيف هو الناطق المعرّف لها أمام الناس. الأمل أن تطور الهيئة نفسها لتكون هيئة استثمار للمستثمر المحلي والأجنبي، فما الذي أعطى الأجنبي ميزة كل هذه التسهيلات، وحرم منها المواطن؟. لتنسَ الهيئة الماضي، وتبدأ صفحة جديدة، فالآمال معلّقة على تنفيذ الأمر الملكي بمراجعة الأنظمة واللوائح، وإعادة الهيكلة، ليكون المستثمر المحلي قبل الأجنبي إن لم يكن مثله، وعند الصباح يحمد القوم السُّرَى. فاكس: 012389934 [email protected]