مع بدء العد التنازلي للإجازة الصيفية، رفعت الجهات المنظمة للمهرجانات الإنشادية وبعض الفعاليات السياحية درجة الاستعداد لاستقبال موسم من المرجح أن يكون ساخنا جدا ، ويتبوأ فيه الإنشاد مكانا مرموقا في ظل حرص منظمي الحفلات الخارجية على استقطاب المنشدين من معظم الدول العربية . والسؤال الأهم في هذه اللحظة .. كيف نجعل من الصيف موسما حقيقيا للتعريف بمنشدي الوطن في الخارج ؟ وما هي متطلبات النجاح ليكونوا خير سفراء لهذا البلد؟ في البداية أوضح مسؤول تنظيم المهرجانات والفعاليات السياحية بجدة أحمد الجعيثن أن على المنشد أن يعرف كيف يستطيع أن يثبت نفسه خارجيا؟، وأشار إلى انه من الصعوبة أن يصل المنشد لهذه الدرجة إلا بعد جهد ومثابرة ،وتقديمه لبعض للتضحيات ،وكما يقولون " من طلب العلا سهر الليالي". العفاسى أنموذجًا وبين الجعيثن أن الشيخ مشاري العفاسي كان صاحب البداية في إحياء حفلات خارجية حيث بدأ قارئا ثم اتجه لإخراج كليبات إنشادية ،و لم تكن كأي كليب عادى ، وحرص على تقديم منتج فني بجودة عالية في الصورة والكلمة والأداء وكذلك الصوت. وأشار إلى أن هناك مقومات ومتطلبات لنجاح المنشد خارجيا ،وأنه يجب عليه إذا أراد الوصول لهدف معين أن يحافظ على مبادئه الإنسانية والمهنية ، وألا يقلل من شأنه. وقال :"بعض المنشدين عندما يذهب لأي بلد آخر نجده يتنازل عن لونه الفني شيئا فشيئا، وقد يمزج أناشيده بإيقاعات في الخارج.. وهنا تكون المشكلة، فيصبح بوجهين ،وعندما يعود إلى بلده وخاصة إلى السعودية.. فإننا نجده ينشد بدون إيقاع تحسبا من ردة فعل الجمهور.. وهذه النقطة يكون تأثيرها متوسطا على المتلقي في البداية لكنها تدريجيا تأتي بنتائج سلبية !!". مقومات عدة أما قائد فرقة ربى الفنية المنشد أكرم العروسي فأوضح بأن نجاح المنشد في عكس صورة طيبة عن نفسه ووطنه ودينه بالخارج تتطلب مجموعة من المقومات، منها ما يتعلق بجمال صوته ، ورقى أدائه الفني وشكله الخارجي، بجانب حسن الخلق ، مشيرا إلى أن المنشد له هدف و رسالة ،وعليه أن يظهر بشكل جيد وجميل. وبين العروسي أن الجهات الخارجية عندما تأتي بمنشد من خارج بلدها ، تريد منه أن يلحن وينشد باللون الذي عرف عنه بلده ،وهذا الأمر لا يراعيه أكثر المنشدين للأسف الشديد ، وقال :"البعض عندما يذهب لدولة أخرى يحاول محاكاة فنون الإنشاد في تلك الدولة من حيث طريقة الأداء واللحن ..وهذا خطأ كبير من وجهة نظري، وعلى المنشد أن يحاكي اللون الذي يبدع فيه داخل مجتمعه لان الجمهور عرفه من ذلك اللون .. وعليه أيضا أن يفرض هويته وليست هوية المكان الذي يذهب إليه لأن الناس في الخارج تريد رؤية لون جديد وليس لونا مكرورا مثل الذي يعرفونه". ونوّه بأن أغلب المنشدين الذين يذهبون لإحياء حفلات خارجية إما أن يكونوا من ذوي الأصوات العذبة والجميلة ويقدمون عملهم بإتقان ولذلك تتم الاستعانة بهم خارجيا ، أو أناس كونوا علاقات ومصالح مشتركة مع آخرين " مشيرا إلى أن الصنف الأخير يمثل نفسه فقط وليس مجتمعه المحلى . التأثير مختلف من جهته، أوضح قائد منظومة "فرح جدة " جميل العميري أن المنشد أحد الأسباب في عكس صورة دينه ووطنه في المحافل الخارجية ويكون تأثيره إما إيجابيا أو سلبيا ويعود ذلك لمستوى أدائه وكلماته التي يشدو بها في المحفل الخارجي ،وقال :"بعض الكلمات حسنة وجذابة ويحبها الجميع ، فالكلمة الهادفة التي لها معنى جليّ ، وعندما تخرج من القلب تصل لقلوب المستمعين، مع مراعاة أنه من الأفضل اختيار المنشد صاحب الصوت الشجي والعذب ليكون سفيرا حسنا لبلاده ". وطالب العميري أن يكون الإنشاد وسيلة للوصول إلى هدف معين ،وهو تقديم رسالة سامية لفن النشيد ، وأن يخرج بشكل بصورة مشرّفة، ضاربا بذلك ما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم للشاعر حسان بن ثابت "أهجهم وروح القدس معك" ، واختتم حديثه بالطلب من جميع المنشدين أن يكون عملهم ابتغاء مرضاة الله تعالى . التراث الأصيل من جانبه طالب رئيس فرقة فرح جدة الفنان عثمان الغزالي من يشاركون في حفلات بالخارج أن يحرصوا على تقديم التراث الأصيل للوطن بكل ما فيه من أحاسيس ومشاعر حتى يصبح هو الوطن بالخارج ،وأن يكون خير سفير له، وأشار إلى أن المنشد عليه أن يكون في المقام الأول ممثلا لدينه ووطنه قبل أن يمثل نفسه، وعليه أن يكون محمود السيرة. وأضاف الغزالي بأن المنشدين الذين يتم استقطابهم في الخارج غالبا ما تكون لهم جماهيرية وشهرة عالية ،وعليهم تقديم أداء حسن على المنبر الإنشادي ليكونوا خير ممثلين عن التراث المحلى ،ونقطة انطلاقه نحو العالمية .