تهدف زاوية أماكن إلى التعريف بكنوز مبثوثة في الوطن الغالي وتنقل الصورة والمعلومة الصحيحة ليحفظها الجيل بعد الجيل ويزيدهم اعتزازاً بهذا الوطن ومن تلك الكنوز: برْك الغماد أو البرْك: وهو من المواقع التهامية المعروفة عند المؤرخين والجغرافيين العرب وكتاب السير الذين أشاروا إلى موقعها وإلى الأهمية التاريخية، وقد ورد ذكر برك الغماد في غزوة بدر، وكما ذكر أن الصحابي الجليل أبا بكر الصديق رضي الله عنه خرج مهاجراً إلى الحبشة قبل هجرته إلى المدينة، فلما بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة- زعيم قبيلة القارة- وقال لأبي بكر: مثلك لا يخرج، إرجع إلى بلدك فأنت في جواري، فعاد ابو بكر إلى مكة، ويورد ياقوت موقع برك الغماد مرتبطاً بعبد الله بن جدعان – أحد زعماء قريش في الجاهلية- على أنه مات ودفن بها، مما يدل على أن البرك معروفة منذ ما قبل الإسلام، أما الهمداني فيذكر أن البرك تقع في حرة كنانة، ثم يورد حديث سعد بن معاذ الأنصاري والمقداد بن عمرو – رضي الله عنهما- في غزوة بدر، حينما قالا للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو اعترضت بنا البحر لخضناه، أو قصدت بنا برك الغماد لقصدناه" وكلام الصحابيين الجليلين مختصر .والبرك من المواقع التاريخية القديمة في تهامة، وكان لموقعها على الطريق بين مكة واليمن أهمية اقتصادية وحربية كبيرة، وهناك عشرات المواقع على طريق تهامة التجاري القادم من اليمن وإليها والذي تسلكه قوافل قريش وغيرها في تجارتها شتاءً كما أن هناك طريقاً تجارياً أعلى في جبال السروات القادم من اليمن والشحر وحضرموت يسمى الطريق السروي (نسبة إلى سراة) ولكن الشهرة لبرك الغماد عن بقية القرى لورود ذكرها في غزوة بدر التي لاينطفيء وهجها ولايخفت نورها (مهما دارت الأيام) ولذلك اشتهر برك الغماد، كما اُعتُنِيَ بتحصينها وتسويرها منذ وقت مبكر، ولا تزال بقايا أسوارها شاخصة إلى اليوم. وقد خصص برك العماد في الحديث النبوي الآنف الذكر لبعده عن المدينة حيث يقع في منطقة عسير ويبعد عن مكة جنوباً ما يقارب (500) كم وبعد المدينة عن مكة ما يقارب هذه المسافة أيضاً أي أن الوصول إليه من الصعوبة بمكان.