من المعلوم أن مدير المدرسة هو الممثل الحقيقي للميدان التربوي وهو الأقرب إلى ملامسة فعاليات العملية التعليمية بصورتها الجلية دون مواربة أو تزييف لذا يطلق عليه البعض القلب النابض وقد نادى بعض المسئولين في أعلى الهرم التعليمي بالقول ان كل مدير مدرسة وزير في مدرسته انطلاقاً من حيوية المهام الموكلة إليه والتصاقها المباشر بالطالب الذي يعد المحور الأساسي للعملية التعليمية برمتها. وانطلاقاً من ذلك فقد أوكلت حديثاً إلى مدير المدرسة صلاحيات إضافية تسهم في إنجاح دوره لكن الذي حدث ان تلك الصلاحيات الممنوحة لا تزال تجتز من قبل الجهات الأعلى كون النظام التعليمي لدينا يعتمد على النظام المركزي في طبيعته مما جعل تلك الصلاحيات تتبخر في مسار المركزية الممقوتة ولعل ملامسة قضايا مديري المدارس عن قرب تكشف الكثير من السلبيات التي تؤثر بصورة مباشرة على فعاليات العملية التعليمية فعلى سبيل المثال لا الحصر الأنشطة اللاصفية بمختلف اتجاهاتها تستوجب أن يتوفر لها المطلب المالي وهو ما لم يحدث للمدير بعد أن أصبح المقصف المدرسي ملكاً للشركة الموكل إليها وهي التي لا تقدم لإدارة المدارس الا الفتات اليسير الذي لا يوفي بأدنى الاحتياجات وفي جانب آخر المبالغ التشغيلية للمدرسة التي حددتها الوزارة على ضوء إعداد طلابها لم تصرف للمدارس منذ عام تقريبا كما أشار بذلك بعض مديري المدارس حيث ان إجمالي تلك المبالغ التي لم تسدد في محافظة من المحافظات الكبرى لقسم البنين حوالي 17 مليون ريال ومثلها تقريبا لفرع البنات فأين تلك المبالغ ؟ ولماذا لم يتم صرفها لمديري المدارس ؟ وهي التي يستوجب ان تصرف في بداية العام الدراسي كي تسهم في حراك الأنشطة اللاصفية وتكريم المعلمين والطلاب المتميزين وتنفيذ الصيانة السريعة لبعض الأجهزة وشراء بعض الاحتياجات الضرورية حيث نجد الكثير من مديري المدارس يشكون عطل بعض الأجهزة وعدم توفر بعض المواد الأساسية كالأحبار والأوراق والمستلزمات الاخرى الدقيقة . في جانب آخر نجد عمليات الصيانة للمدارس تشكو الضعف والتباطؤ الشديد مما يتسبب في شلل بعض الفعاليات والمهام التي تستوجب الأداء الفوري لها . ان كل تلك المعوقات بالتأكيد ستؤدي الى الكثير من الخلل في الأداء وسيكون لها بالغ الأثر على مدير المدرسة الذي يجد نفسه ملزماً بتوفير تلك المتطلبات المالية من جيبه الخاص وهو ما لا يستطيع البعض منهم توفيره نظراً لمحدودية دخله وكونه غير ملزم بذلك الأمر ضمن المهام الموكلة اليه . وفي ظل تلك الحالة التي يعيشها مدير المدرسة نجد ان المحاسبة له تطال كل صغيرة وكبيرة وخاصة فيما يتعلق بمثل تلك المناشط التي تستوجب صرفاً مالياً بالإضافة الى مطالبته بين الحين والآخر بدفع بعض المبالغ المالية لتنفيذ بعض العمليات الأخرى لجهات أعلى وهو ما يوقع المدير في الحرج وخاصة عند حالة الرفض. وانطلاقاً من المعطيات السابقة فإنني أنادي بان تمنح لمدير المدرسة كافة الصلاحيات اللازمة لتسيير العملية التعليمية وألا يتم سحبها عند الحاجة من الجهات العليا وقبل ذلك كله ان يكون اختيار مديري المدارس وفق معايير دقيقة تتناسب وشعار ان كل مدير مدرسة وزير في مدرسته وان توفر له كافة المتطلبات المالية وان توكل الى إدارة المدرسة مهمة المقصف المدرسي ولكن وفق معايير وشروط ومواصفات دقيقة ، وقبل ذلك كله أن يتم تفعيل الصيانة الفنية والمعمارية للمبنى المدرسي من خلال تكثيف أجهزتها وتوزيعها حسب المواقع للمدينة . ولعل قضية المباني المدرسية المستأجرة والمسائية تعد قضية القضايا مما يستوجب ان تحل فوراً بمبانٍ حديثة وفق آلية سريعة يفضل أن تنفذها شركات كبرى خارجة عن بيروقراطية وزارة التربية والتعليم ووزارة المالية التي عجزت عن إيجاد الحل لتلك المشكلة المستدامة منذ عقود وعجزت وزارة التربية عن استثمار المساحات المخصصة للمباني التعليمية ضمن المخططات الجديدة والله تعالى من وراء القصد .