المرأة مهما كان وضعها عزباء أم متزوجة أم مطلقة أو معلقة صغيرة وشابة أم عجوز هي إنسان قبل أي شيء ، وهي مواطنة لابد أن تتمتع بكل مزايا المواطنة لا فرق بينها وبين شقيقها الرجل ،فلماذا يحرمها البعض من تلك الحقوق كلها أو بعضها ؟ ليس من الصعب استعراض صور شتى من أحوال المرأة ومعاناتها في مجتمعنا ، ففي كثير من الأحيان تمر بظروف لا تحسد عليها ، خاصة إن مات عنها زوجها وترك لها أبناء وبنات صغارا ، أو طلقها وتركها بأطفالها لتعاني الأمرين ، والويل لها إن كان ذووها ممن لا يرحمون من قدر الله عليها بالطلاق فتلقى أسوأ معاملة ، أو أن تفتقد أصلا من تلوذ به من أفراد الأسرة ، حيث لا أب ولا أم لأنها متوفيان ، وأما أشقاؤها وشقيقاتها فالجميع مشغول بنفسه وبيته ولا أحد من يسأل عنها ، لا لشيء إلا لأن لكل واحد منهم مسألته وحالته الحرجة أصلا ( غالبا ) ، وحتى لو كان لها أولاد وبنات كبار وأصحاب بيوت إلا أن ظروف كثير من الأولاد المتزوجين تفرض عليهم التقصير مع أمهاتهم وربما تحت ضغط الزوجة ، أو عدم القدرة المالية باعتبار غلاء المعيشة وكثرة المصاريف خاصة في بعض المدن كالرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة حيث ارتفاع إيجارات الشقق إلى درجات غير معقولة فوصلت إلى الثلاثين ألف ريال ، ناهيك عمن لديه سائق وشغالة ومصاريفهما ليست من السهولة بحيث يستطيع الجميع تحملها !! ما هو وضع المرأة التي مات عنها زوجها أو طلقها ولها أولاد موظفون ولكن الله أعلم بحالهم ، خاصة إن كان دخل الواحد منهم لا يكفي قضاء حاجيات بيته ، أو إن كان الأولاد رواتبهم ضعيفة جدا أو بعضهم لا يعمل أصلا أو ما يزال يدرس ، فما الحال إن كان بعضهم أو كلهم صغار السن ؟ وحتى لو كان للمرأة أشقاء أو أزواج بنات فهل يمكن لهم التكفل بأمور هذه المرأة المسكينة إن لم تكن موظفة أو ورثت ثروة عن زوجها أو أبيها مثلا ؟ ما حال المرأة التي تعاني الأمرين مع زوج متورط في مشكلات إدمان وحكايات البشك والسهر إلى وقت متأخر من الليل يوميا على حساب مشاعر وحقوق زوجته وعياله ، وهي لا تجد من يسندها أو تلجأ إليه من البشر تشكو حالها إليه يساعدها على مواجهة مأساتها ، وكيف وهي تخوض معركة الحياة بالعمل لتوفير لقمة العيش وتمنح أولادها شيئا من الكرامة لفقدانهم حنان ورعاية الأب التائه؟ قضية المرأة ليست مجرد تفاهات يرددها البعض ، إنها قضايا كبيرة لابد من الاهتمام بها مراعاة لإنسانيتها وحقوقها كمواطنة ، وكم من النساء يعشن هذه المآسي ولا يدري عنهن أحد سوى الله ، في وقتٍ المجتمع غافل عنهن أو مشغول كل بحاله وعياله؟