* كتبت لي القارئة التي رمزت لنفسها (بابنة متقاعد) في تعليقها على مقالي المعنون ب «معارك مع الفقر» أن ما تدفعه الشؤون للمسنة التي لا عائل لها هو مبلغ (862) ريالا في الشهر مضافا إليها 50 ريالاً مصاريف غذاء، كما كتب العديد من القراء منتقداً الشؤون الاجتماعية واصفاً إياها بأنها هي سبب الفقر في بلدنا، حيث تبدو أنها تعيش في زمن غير زمننا، هذا الذي حوّل القوة الشرائية لل (100) ريال إلى (1) ريال وال(1000) إلى (100) ريال، هذا الزمن الذي رفع سعر الكبسة السعودية التي تحتوي على (20) جراماً من اللحم وكيلو من الأرز إلى (35) ريالاً، هذا الزمن الذي حرم الفقراء من كثير وحاصرهم بين قوسين وأخلص جداً في أن يبقيهم بعيداً عن الترف، قريباً من الحرمان والسؤال، الذي دفعت به هذه القارئة يبدو من خلاله أنها قريبة جداً من المعاناة إن لم تكن هي أول من يعيش الفقر بتفاصيله حيث تبدو مستفزة من كل شئ، من المخصص الشهري للمسنة والذي تراه وأراه أنه أدنى من أن يفي بحاجة امرأة مسنة تفرض عليها الحياة أن تدفع كثيراً، للغذاء والدواء وبعض الكماليات وكيف تستطيع؟! من خلال ما تقبضه من الشؤون التي اعتقدت أن مبلغ ال (50) ريالاً يكفي للغذاء في شهر واحد وأي غذاء تستطيع هذه العجوز شراءه بالخمسين ريالاً خلال الشهر، فإن فطرت ساندويتش وتغدت بمثله ونامت دون عشاء لكان المبلغ يوازي (180) ريالاً فأي منطق هذا الذي يرى أن الخمسين ريالاً تغذي إنسانا لثلاثين يوما.. أليست هذه مأساة..؟!!! * الفقر يا سادتي هو مأساة ستبقى طالما أن بعض المسؤولين الذين يتعاطون مع الفقر يعرفون أن الفقر هو كلمة مكونة من ثلاثة حروف فقط، وأنهم قط ما عاشوا الجوع ولا جرّبوا الحرمان، مثل هؤلاء يعتقدون أن الخمسين ريالاً مبلغ يحل مشكلة الغذاء لمسنة، ربما تحتاج إلى نوعية من الطعام سهلة المضغ كالجريش مثلاً أو غيره لكي يسهل عليها بلعه، فهل تعتقدون أنتم أيها الفضلاء أن هذه ال(50) ريالاً كافية لتكون مصروف شهر لطاعنة في السن، وأن مبلغ ال(862) ريالاً مبلغ يحقق لمالكه الفرح ويجلب له السعادة في زمننا هذا، الذي تباع فيه الدجاجة ب(26) ريالاً وكيلو اللحم ب(40) ريالاً وأن علبة المسكّن ب(6) ريالات وشراب الكحة ب 12 ريالاً. فهل أستطيع أن أجد إجابة من المسؤولين عن الشؤون تقنعني بأن ما يقدمونه للفقراء هو مبلغ قد جاء كنتيجة حتمية للدراسات التي استطلعت الحياة، ومن الواقع رأت أن المبلغ الذي يقدمونه للفقراء هو المبلغ المثالي.. أقول ربما تكون لهم حساباتهم المختلفة وربما أكون أنا المخطئ الأول في حقهم أثابهم الله. * (خاتمة الهمزة).. (لم نعد على مشارف الصحراء بل أصبحت الصحراء فينا.. إنه التصحر العاطفي).. هذه خاتمتي ودمتم.