بعد مرور عام من عمرها.. ماذا تحقق من أهداف ثورة 25 يناير؟ وما الذي لم يتحقق وكان يجب أن يتحقق؟ ولماذا؟! ثلاثة محاور أساسية ناقشتها ندوة «المدينة» في القاهرة مع المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة الأسبق واللواء الدكتور عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية واللواء أركان حرب طيار محمد عكاشة الخبير الاستراتيجي (حزب العدل) وخالد الشريف أمين عام منتدى الوسطية (الجماعة الاسلامية) والمستشار أحمد محروس عضو أمانة التثقيف السياسي (حزب الحرية والعدالة) والدكتورة فادية كوري الفنانة التشكيلية والناشطة السياسية المستقلة, واحمد حمدي طه مقرر اللجنة الاعلامية لائتلاف شباب الثورة بالاسكندرية وأحمد حمدي إبراهيم عضو المكتب التنفيذي المتحدث الاعلامي لجبهة «أنا مصري» ومحمد فياض المنسق العام لجبهة « أنا مصري» وفيما يلي ابرز ما تداولته الندوة: ** (المدينة) لنبدأ بسؤال حول ما الذي تحقق في «سنة أولى ثورة»؟ * عادل سليمان: منذ 25 يناير نشأت في مصر حالة ثورية من مختلف قطاعات الشعب المصري تحت شعار «عيش حرية عدالة اجتماعية» وهو يمثل الهدف العام للثورة الذي يتطلب خلق آليات للتطبيق لايجاد منظومة سياسية وإدارية وتنفيذية لتحقيق الهدف الرئيس الذي قد يتطلب عامين أو أكثر لتحقيقه، وما تحقق حتى الآن بعد عام من الثورة اشياء مهمة ورئيسية ومن أبرزها كسر حاجز الخوف الذي كان مسيطرًا على الشعب المصري بكل اطيافه ومكوناته، والثورة اخرجت المارد المصري من القمقم. * اللواء عكاشة: ما تم في 25 يناير يعادل نصر 1973، وحرب 73 عمل عسكري رائع، لكن نتائجه السياسية المطلوبة لم تكن على مستوى العمل العسكري وتم سرقة نصر أكتوبر وأخشى أن تسرق ثورة 25.. والخطأ من الثوار أنهم تركوا الميدان بعد 11 فبراير، الأهداف التي تحققت ضئيلة وليست بالمستوى المطلوب، وإذا كان مبارك في السجن فإن نظامه مازال خارج السجن.. والانتخابات نزيهة لكنها لم تحقق أهداف الثورة. ** خالد الشريف (الجماعة الاسلامية): الثورة انجاز كبير ولكن هناك عراقيل كثيرة وضعت في طريق الثورة ربما لعدم خبرة شباب التحرير الذي اهتموا كثيرا بمحاكمة مبارك, واستغرقتهم «جمع المليونيات» التي وصل عددها إلى 27 جمعة مما أرهق الثورة.. والمجلس العسكري يحاول استنساخ نظام مبارك واعادة رجال النظام السابق. ** المستشار محروس (الحرية والعدالة): الثورة لما قامت انتفض الشعب المصري بكل أطيافه ولا فضل لتيار على الآخر والشباب هم المحرك والدولة يجب أن تتكاتف لإعلاء أهداف الثورة.. بعد مرور عام حدثت انتخابات.. وليس معنى أن تيارًا امتلك أغلبية في انتخابات حدثت بعد الثورة ليس معناه أن الثورة ملك هذا التيار.. ولذلك فلا بد من تحقيق العدالة الاجتماعية.. ** المستشار زكريا عبدالعزيز: سقط رأس النظام وبقى جسده والموجود الآن هو آثار لا إنجازات، ولم يتحقق للثورة المصرية أي شيء حتى الآن. أما على مستوى انتخابات مجلس الشعب: عندما نتحدث عن نزاهة الانتخابات فكأن الأصل أن تكون مزورة، ونزاهة الاتنتخابات هو اثر وليس انجازًا حيث لابد للانجاز أن يأتى بشيء عظيم.. انتخاب رئيس الجامعة هو أثر وليس انجازًا، والحالة الثورية لابد ان تستمر حتى تقتلع النظام السابق من جذوره، ولا بد أن تستمر الحالة الثورية إلى 700 جمعة، والثورة من وجهة نظري تأخرت 6 سنوات فقد كنت أتوقع أن يخرج الشعب المصري عام 2006 ويناصر الوقفات الاحتجاجية التي نظمها القضاة.. المشكلة أن المجلس العسكري لم يؤمن بالثورة وأضاع على نفسه فرصة تاريخية وكان يجب عليه أن يتخذ قرار فرض الاقامة الجبرية على قيادات النظام السابق. ** د. فادية (فنانة تشكيلية): أهم ما حققت الثورة هو ان المرأة أخذت حقها ونزلت وشاركت وهذا انجاز في حد ذاته لكن ماذا نقول عن قتل ابناء مصر الشرفاء؟!..لقد رحل مبارك وظهر أكثر من مبارك.. كسرنا حاجز الخوف لكننا بقينا رهائن للخوف من الطرف الثالث.. انتهينا من التوريث ولكن لم يتحقق شيء، فقط رحل حسني مبارك ثم جاء بدلا منه 19 مبارك. * إذن ما الذي لم يتحقق من أهداف الثورة وتعتقدين أنه كان يجب أن يتحقق؟ * *د. فادية: ما لم يتحقق (عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة انسانية) وأرى أن الاخوان تخاذلوا مع المجلس العسكري في محاكمة المتورطين في التعذيب والقتل واصبح لدينا 12 ألف معتقل سياسي.. الفساد الذي استشرى في النظام السابق باق.. (اذن الانجازات صفر)!!. ** محمد: الثورة اجتماعية بالاساس والمكاسب التي تحققت هي زيادة رواتب ضباط الشرطة وورث العسكر الشرطة في اعمال القتل للمدنيين! ** أحمد إبراهيم لم يتحقق شيء! *المدينة: كيف ترون الحصاد على مدار عام؟ والاختلاف عليه الآن؟ ** اللواء عادل سليمان: منظومة الفساد قائمة كما هي كاملة لم يمسها أحد حتى هذه اللحظة، إذا لم يمتد الاصلاح إلى الادارات المحلية فلن يكون هناك اصلاح. هناك قوة مضادة أكثر من القوة الظاهرة كل موظف فاسد لايريد للثورة أن تنجح لكنني أتوقف طويلًا أمام ديكتاتورية الشباب فهم يعتقدون أنهم وحدهم القوة المتحركة للثورة وهذا ليس في صالحهم لأن القوة المضادة اكبر من قدراتهم ويجب احتواء جميع الاطياف والتيارات ولن ينسى التاريخ فضل السبق للشباب. أما شرعية المجلس العسكري أعتقد أن هناك تهمة يجب ان توجه لحسني مبارك وهي أنه أقسم على احترام الدستور ورعاية الشعب وهو لم يفعل شيئًا من هذا بل حنث بيمنيه حين كلف المجلس العسكري بادارة شؤون البلاد وهذا يتعارض مع الدستور الذي يلزمه القسم باحترامه. ** اللواء عكاشة: لا شك أن الشباب متحمس لكن أخطر ما يؤخذ عليهم هو حالة التشرذم بعد الثورة ما جعلهم في موقف ضعف، يجب ان يعي الشباب أن اهم ما يجب أن تحرص عليه وأنت في حالة حرب ألا تهزم, ثم بعد ذلك تبحث كيف تنتصر. ** خالد الشريف: لا أحد ينتقص من حقوق الشباب المصري مفجر الثورة، ولكن ليس معنى هذا أننا ننسى دور قطاعات أخرى في الثورة مثل دور جماعة الاخوان المسلمين ونضالهم منذ ما يزيد على 80 عامًا..اننا امام جيل جديد من الشباب استطاع ان يستخدم احدث التقنيات التكنولوجية في الترويج لافكاره والحشد لثورته، ولكن على الشباب ان يحتكموا الى الديمقراطية مع الحرية باعتبارهما هدفا اساسيا من اهداف الثورة المصرية ودون احتكار او اقصاء. أما فيما يخص تصدر الاسلاميين للمشهد والحصول على أغلبية المقاعد في اول برلمان منتخب بصورة شفافة ونزيهة، اقول ان فوز السلفيين وحصولهم على المركز الثانى بعد الاخوان يرجع في تقديرى الى أنهم كانوا ملتحمين شعبيا منذ 20 عاما او يزيد، وهو نفس الامر بالنسبة للاخوان الذين كان لهم تواجد قوي في الشارع المصري منذ ما يزيد على 80 عاما، وكان لهم تواجد مكثف في المساجد والجمعيات، وان دور المساجد مهم ومحوري في شعبية التيار الاسلامى ويكفي انك تلتقي المواطن خمس مرات في اليوم وتتفاعل معه وتتجاوب مع مشكلاته الحياتية يوميا وهذا يوفر افضل وسائل الاتصال طبقا لقواعد الاعلام الحديث، ومن هنا وبغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع فوز الاسلاميين، علينا أن نحترم ارادة الشعب المصري الذي وقف في طوابير لساعات طويلة ولمسافات كبيرة حتى يدلي بصوته ويختار نائبه، وهذا يعكس رغبة الجميع في قيام دولة المؤسسات ودولة القانون وعلى الجميع ان يعلي مصلحة الوطن ويعمل من اجل مصلحة مصر العليا. العسكري لا يحتكر السلطة ** المستشار محروس: لا أتفق مع من يقول بانه جرى تزييف ارادة الناخب في انتخابات برلمان الثورة، وان هذا الاتهام مرفوض لانه لا يقوم على سند صحيح، يكفي للتدليل على وعي هذا الشعب العظيم أنه قام بالثورة والتحم مع شباب الثورة بصورة ملحمية يعبر عن قمة النضج السياسي والوعي المعرفي بمقتضيات المرحلة، ويكفي الشعب المصري انه كان مصدر اشادات العالم اجمع لانه قام باعظم ثورة في العالم, اما عن رحيل المجلس العسكري اقول: المجلس العسكري يدير خلال المرحلة الانتقالية فقط وسينتهي دوره بانتهائها. * المدينة: لكن ما تم حتى الان هو أن رأس النظام سقط وبقي النظام يدير مصر حتى الان؟ * المستشار محروس: لقد تم هدم منظومة الفساد بمحاسبة جميع الفاسدين من رجال الاعمال من محاسيب النظام السابق وتجرى محاكمة البعض منهم ولم يصدر حكم نهائي حتى الان ولكننا نثق في القضاء المصري، لكن ما لم يتحقق حتى الان هو هدم مؤسسة البيروقراطية والتي يمكن هدمها بواسطة قيام المؤسسات المنتخبة. انتخابات سنة أولى حضانة ** المستشار زكريا متداخلا: الشباب متحمس ويتصرف بفطرته، وايضا الانتخابات الصحيحة هي التي تقوم على تقديم البرامج وان الاختيار من جانب الشعب طبقا لهذه البرامج, وهذا ربما يتحقق بعد خمس سنوات، وعلينا أن نعتبر ما جرى من اول انتخابات في عام الثورة الاول انتخابات تمهيدية «كي. جي. ون» انتخابات، واعتقد أنه طالما هناك رموز انتخابية فنحن في بداية الديمقراطية. ولا يجب اهالة التراب على كل تاريخنا، وقد استفدنا من مرحلة الرئيس عبدالناصر روح المقاومة الشعبية والتي يجب أن تنتشر وتعود الى مصر مرة اخرى وحتى نستطيع الوقوف مرة اخرى في وجه العدو، ايضا هنا اكرر لا تدعو الى الديمقراطية والبطون خاوية ويجب قبلها القضاء على الازمات الاقتصادية التي تحاصر الشعب، وجعلت قطاعات عريضة من الشعب المصري تلهث وراء قوت يومها وتوفير المتطلبات الضرورية للحياة اليومية. * المدينة: ماذا عن النظام السياسي القادم؟ ** المستشار زكريا: مصر غير مؤهلة الان للنظام البرلماني حيث إن النظام البرلماني يتطلب وجود أحزاب قوية وهو ما لم يتحقق حتى الان في مصر، وايضا عدم وجود تمثيل حقيقي للشباب في الاحزاب والاحزاب الشبابية لا يتوفر لها التمويل الكافي واعتقد أن أحزاب التيار الاسلامي وخاصة الحرية والعدالة في اختبار صعب جدا، واعتقد أنهم سوف يجتهدون لكي ينجحوا حتى يستمروا واتمنى لهم النجاح ونحن نريد نجاحهم لانه نجاح لمصر في النهاية. * المدينة: ما مدى دستورية مطالبة الثوار بتولي مجلس الشعب ادارة البلاد في المرحلة الانتقالية؟ ** المستشار زكريا: هنا أقول أن دستور 1971 سقط بقيام الثورة وبسقوط الدستور يتولى مجلس الشعب في حال انعقاده بادارة شؤون البلاد، وبقيام مجلس الشعب اصبح صاحب الشرعية ولا شرعية للمجلس العسكري الذي اكتسب شرعيته من تصفيقنا له في الميدان وشرعية المجلس لمدة ستة اشهر كما جاء في الاعلان الدستوري وبعدها اصبح المجلس العسكري فاقدا للشرعية ومغتصبا للسلطة.