تعد منطقة جدة التاريخية وجهًا حضاريًا للمملكة العربية السعودية بما تحويه من تراث ثقافي ومعماري مميز يعكس جانبًا من الهوية الأصيلة للمملكة، فهذه المدينة تضرب بجذورها عميقًا في التاريخ، فبعض المصادر تشير إلى أن تاريخ جدة يعود إلى عصور ما قبل الإسلام، وأن نقطة التحول في تاريخها كانت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عندما اتخذها ميناءً لمكةالمكرمة عام 26 هجريًا.. وفي مسيرتها التاريخية ضمت جدة عددًا من المعالم والمباني الأثرية والتراثية مثل آثار سور جدة وحاراتها القديمة، كما يوجد فيها عدد من المساجد التاريخية، إضافة إلى الأسواق القديمة، وكذلك عدد كبير من المباني التراثية التي لا تزال قائمة ومستخدمة، بما يجعلها نموذجًا فريدًا للعمارة التقليدية في المملكة العربية السعودية، وفي حوض البحر الأحمر. وخوفًا على مصير المنطقة التاريخية بجدة؛ قررت الدولة التحرك سريعًا لوقف ذلك الزحف ورياح التغير السريعة، وكان هناك تنسيق من قبل الهيئة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانة محافظة جدة لتطوير منطقة جدة التاريخية. ونجحت الجهود التي بذلت في السابق للمحافظة على منطقة جدة التاريخية، في إبقاء جانب كبير من تراثها وحمته من الإزالة، غير أن برامج التأهيل والتنمية لم تكن بنفس مستوى جهود المحافظة؛ مما دفع بعدد من الملاك إلى المطالبة باستفادة أكبر من أملاكهم التي تقع في منطقة ذات قيمة عالية، ومن جانب آخر تزايدت الرغبة في الاستفادة من السياحة لبعث مزيدٍ من الحيوية في المنطقة التاريخية. رؤية المشروع في عام 1399ه قامت وزارة الشؤون البلدية والقروية بإعداد دراسة عن مدينة جدة التاريخية نفذت من قبل الاستشاري «روبرت ماثيو» الذي اقترح المحافظة على 537 مبنى من المباني الجيدة، وصنفها إلى ثلاث درجات؛ أولى، وثانية، وثالثة، وقام بتوثيقها ووضع الأسس والمعايير التخطيطية الواجب تطبيقها على هذه المباني، وعلى مخططات جدة التاريخية بصفة عامة، ثم تبنت أمانة محافظة جدة مشروع الحفاظ على جدة القديمة وإعادة تأهيلها، وبدأ المشروع منذ عام 1399 ه/ 1970 م، ويعتبر أقدم مشاريع المحافظة على التراث العمراني في المملكة. وشمل المشروع عددًا من المشاريع التطويرية لمنطقة جدة التاريخية. وتبنت أمانة محافظة جدة، بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، مشروع تطوير منطقة جدة التاريخية الذي يرمي إلى الجمع بين سياسات الحماية والمحافظة وبرامج التأهيل والتنمية والتوظيف الجيد الذي يحقق رضا الملاك والتنمية المستديمة لهذا الجزء المهم من المدينة، وقد حظي المشروع باهتمام خاص من لدن صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز – رحمه الله – وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة. وترتكز الفكرة العامة لتطوير المنطقة التاريخية بجدة على تحويل جدة التاريخية إلى مركز ثقافي وحضاري على المستوى الوطني، وجعلها منطقة جذب سياحي بشكل يحافظ على تراثها التاريخي، و إبراز التراث في إطار معاصر يجمع بين التعليم والتوعية والجاذبية والمتعة، ووضع استراتيجية شاملة للتطوير لإعادة توظيف هذه المناطق والمباني بما يتناسب مع أهميتها التاريخية والسياسية. اهداف المشروع يهدف المشروع إلى المحافظة على المنطقة التاريخية بكل مقوماتها؛ لتستمر رمزًا ثقافيًا يعكس الهوية الحضارية للمدينة وأصالتها. وتحويل المنطقة التاريخية إلى منطقة جذب سياحي وتسويقها كمنتج سياحي مميز محليًا وعالميًا. والعمل على تلبية متطلبات تسجيل المنطقة التاريخية على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو. والوصول بالمنطقة التاريخية بجدة إلى أن تصبح نموذجًا للمحافظة على مثيلاتها من مدن المملكة الأخرى. وإحياء الحرف والصناعات التقليدية والتراث غير المادي الذي كان سائدًا في المنطقة التاريخية وتوظيفه اقتصاديًا. وتنمية الموارد البشرية لسكان المنطقة التاريخية من المواطنين، أفرادا ومؤسسات، وتأكيد مشاركتهم في عملية التأهيل والتطوير والتنمية العمرانية. سير عمل المشروع قامت أمانة محافظة جدة، بمشاركة الهيئة العامة للسياحة والآثار، بتبني مشروع تحت اسم «مشروع الملك عبدالعزيز للمحافظة على المنطقة التاريخية بجدة وتنميتها»، تم وضع خطة عمل لتنفيذ المشروع الذي يرمي إلى الجمع بين سياسات الحماية والمحافظة وبرامج التأهيل والتنمية والتوظيف الجيد الذي يحقق رضا الملاك والتنمية المستديمة لهذا الجزء المهم من المدينة.، كما تم إعداد دراسات ومخططات لتطوير وسط جدة، بما فيها منطقة جدة التاريخية، من خلال مكتب استشاري. ويجري العمل على تنفيذ برنامج لتطوير المنطقة التاريخية تم اعتماده بجملة مشاريعه البالغة 42 مشروعًا، والتي يتكفل بتمويلها القطاع العام، ممثلاً في أمانة محافظة جدة والهيئة العامة للسياحة والآثار والجهات الحكومية المعنية، إضافة إلى القطاع الخاص، بالمشاركة مع شركة جدة للتطوير والتنمية العمرانية. وتنفذ المشاريع الجديدة على ثلاث مراحل، وتستغرق نحو عشر سنوات، بتكلفة قدرت بنحو 500 مليون ريال سعودي، وهي مشاريع تطويرية وسياحية وخدمية؛ لتحويل المنطقة التاريخية في وسط جدة إلى نموذج للتراث العالمي. كما تشمل المشاريع إنشاء أنفاق تحتوي على شبكات للسلامة والمياه والكهرباء، إضافة إلى إنشاء متاحف ومكتبات تاريخية وفنادق راقية بتصاميم تراثية، وكذلك ترميم وصيانة المباني التاريخية القديمة وتطويرها. البرنامج الزمني للمراحل الثلاث لاكتمال المشاريع كما يلي: أربع سنوات للمرحلة الأولى. وثلاث سنوات للمرحلة الثانية وثلاث سنوات للمرحلة الثالثة. والمشاريع المقترحة هي مشاريع خدمية وتنموية وتطويرية، ومن أهمها : إنشاء نفق خدمي خرساني للبنية التحتية تحت السطح يحمل جميع التمديدات الخاصة بشبكة إطفاء الحريق وتمديدات شبكة المياه والهاتف والكهرباء؛ لتسهيل عملية الصيانة، وضمان عدم الإضرار بأحجار الرصف الخاصة التي تستخدم في رصف أرضيات المنطقة التاريخية. ومشروع ترميم وإعادة تأهيل البيوت التاريخية وتوظيفها لاستخدامات مكتبية وسكنية وتجارية. وإحياء موقع مركز حارات جدة القديمة، وإنشاء مركز لزوار جدة التاريخية. ومشروع إنشاء فندق تراثي راقي الطراز. و ترميم مجسمات السفن القديمة، وكذلك ترميم بيوت الفنانين والتشكيليين والمصورين والممثلين. وإنشاء متحف لمدينة جدة التاريخية..