في اللقاء الإقتصادي الذي نظمه مجلس الغرف السعودية والذي كان بعنوان(قطاع التجزئة ودوره في توطين الوظائف) أود أن أتناول هذه القضية المطروحة حالياً بشده في الأوساط الإقتصادية والإجتماعية والإعلامية ومحاولة تأصيلها ودراستها وقراءتها وفق معطيات السوق ومجريات الطبيعة الفطرية التي عرفها المتقدمون على مبدأين : الأول:أن الفرد في سعيه يتجه بطبيعته لتحقيق مصلحته الشخصية وبذل الجهد لذلك. والثاني :أن الفرد مطالب بالتنافس مع غيره والإجتهاد للتفوق عليهم لتحقيق المنفعه له ولهم. وهذان المبدآن طبيعيان وعادلان, وقد استدركت غالبية الأنظمة والمرجعيات الإقتصادية أهمية المحافظة على هذين المبدأين بإطلاق الحرية والإنفتاح الإقتصادي للأفراد لأقصى درجة مع المحافظة على عدم تجاوز الأنظمة والتشريعات والثوابت والأعراف التي يتفق عليها المجتمع , ليترك لاَليات السوق أن تعمل بأقصى قدر من الحركة . إن القيمة الأساسية لهذه الفكرة هي الحث على العمل والتوسع والتنمية في الاستثمار الرأسي والأفقي, والتي تجعل مايواجه المجتمع ويهدد أمنه الإجتماعي من مشكلة (توطين العمالة) تتحول إلى فرص وحلول واَفاق واسعة يتطلب تحقيقها عصف وتطويع بيئة العمل وبيئة الإستثمار الصحية والمناسبة لنمو العمل وانخراط المواطنين فيه بكافة فئاتهم وعناصرهم وفق قاعدة التنافس بين جميع مكونات المجتمع دون استثناء , فبلادنا بحمدالله لديها القدرة والكفاءة الإقتصادية على قيام العشرات من المشاريع والكتل الإقتصادية الضخمة , فلماذا مثلاً لدينا سابك واحدة , أو خطوط جوية واحدة او....... أو....... إننا في إدارة الأعمال والمؤسسات الضخمة خاصة يجب الا نفرق بين المواطن السعودي أو غيره , عسى أن تكون هنا الأولية للكفاءة والجدارة المهنية , وذلك كما يجري في جميع دول العالم تقريباً , فليس من المقنع أن نلجأ للمدرب الأجنبي في تدريب الأندية السعودية وحتى المنتخب السعودي , ولا نطبق نفس المبدأ على الشركات والمؤسسات الضخمة التي تحتاج لمهنية عالية , حيث يجب أن لا يقل طموحنا في التنمية والتطور العالمي عنها في الرياضة العالمية . لماذا لاتتكرر النماذج الناجحة مثل أرامكو والهيئة الملكية للجبيل وينبع وغيرها دون أن نكرر المكرر , او اختيار المشاريع البطيئة النمو وحتى لو استدعى ذلك الانفتاح الإقتصادي أنظمة وتشريعات جديدة تحتاج لتعجيل اقرارها. والجدير بالنظر في جانب توطين الوظائف فقد يكون من المهم محاولة اعادة تفسير المواطنة وهل تقتصر فقط على الذين سكنوا وعاشوا هم وأهلهم على تراب هذه الأرض الطيبة أم أن المواطن بمفهوم أعم يشمل كل من خدم ويخدم وينفع الوطن وتطوره وتنميته. أظن أن مرحلة القرارات والمبادرات الجزئية تجاوزه الوقت , نحتاج الى برامج متكاملة ومترابطة ومعايير قياس علمية ومعرفة دقيقة بقيمتنا التنافسية في السوق العالمي .وقد سعدنا في هذا اللقاء مما اكتنفه من اضاءات واضافات سلباً وايجاباً وتفاعل من الجميع يعكس اهتمام الجميع بهذا القطاع ( تجارة التجزئة ) وحجم مساهمته في الاقتصاد الوطني وعلاقته المباشرة بالمواطن وتفاعله مع الأنظمة والتشريعات المتعلقة به ,وهذا يستدعي من وجهة نظري مجموعة من الاهتمامات مثل: -إنشاء مؤشر لتجارة التجزئة ونكون مع هذا المؤشر بصدد إنشاء بنك للمعلومات السوقية , وقياس تغيراتها , وهذه إسوة بالكثير من الاسواق العالمية المتطورة وعدم الإعتماد على إما معلومات تاريخية قديمة او معلومات وتبويبات ليست متوفرة حالياً -الاهتمام بالاقتصاد الكلي للمملكة والبنية الاقتصادية الكلية وأنظمتها وتشريعاتها. -الاهتمام بالاسم والعلامة التجارية , وتداولها واعطاؤها قيمة سوقية ومالية وقابلية الاسم والعلامة التجارية للانتقال والتداول والرهن التجاري . -إيجاد سجل وظيفي لجميع العاملين في القطاع الخاص يتم الإعتماد عليه كمرجع للتوظيف والمتابعة. -التعامل مع هذا القطاع والظواهر المتعلقة به في الاعلام بالمزيد من العقلانية -تطوير أجهزة المتابعة والرقابة ومراكز الاستقصاء والاعتماد على التقنيات الحديثة في أعمال القطاع , وعدم جعل القطاع ضحية للتغيرات والاجتهادات في القرارات والتشريعات. ومايدور في الاوساط الاجتماعية والاعلامية والاقتصادية من مد وجزر في الإجراءات التي يتطلب القيام بها لتوطين العاملين في قطاع التجزئة , فإنني أرى أن اَليات السوق متى ما اخذت فرصتها كفيلة بأن تضمن لنا ما نهدف إليه جميعاً من توطين وظائف غالبية قطاع التجزئة بالمواطنين والمواطنات وفق اَليات السوق التي تدفعها مجموعة من البرامج والمحفزات والتشريعات الموجهة والمطوعه لبيئات العمل وثقافته المتطورة والمتغيرة بمرور الوقت .. سعد عبدالله العجلان- الرياض