قال الضَمِير المُتَكَلّم: من يقرأ صفحات التاريخ الإنساني في ماضيه البعيد أو القريب يجد رجالًا ونساءً سجلوا أسماءهم في الصفحات الخالدة من التاريخ، وتركوا بصمة في الموروث الإنساني بما بذلوه من عطاءات في خدمة وصناعة الإنسان!! أمثال أولئك حقهم أن يُسلط عليهم الضوء، وأن تُدّرس تجاربهم؛ لتفيد منها الأجيال الناشئة؛ ومن أولئك العظماء في عصرنا الحاضر (الدكتور وقبل ذلك الإنسان عبدالرحمن السميط)!! نعم الدكتور السميط ترك المناصب والجاه، والصراعات المذهبية والفكرية، وهجر القنوات الإعلامِيّة التي يعشقها المُنَظّرُون والّلسَانِيْون! (الدكتور السميط) ذهب بعيدًا هناك لِيُقَدّم العمل الإسلامي الإنساني تطبيقًا وبرنامج حياة؛ فذلك الداعية المسلم ترك بلده الكويت قبل (29 عامًا)؛ ليس لأوروبا أو أمريكا؛ بل ودّع حياة الرفاهية ورغد العيش ويَمّم وجهه صوب أدغال قارة إفريقيا السمراء مرددًا (لبيك إفريقيا)، انطلق لِيَنْشُر الإسلام، ولِيمسَح الدمعة من مآقي الأطفال المساكين، ويقدم العون للفقراء والمحتاجين من المسلمين، ولِيحَاولَ إنقاذهم من موجَات التّنصير التي تستغلّ فَاقَتَهُم!! أَسّس (لجنة مسلمي إفريقيا) التي انطلقت صغيرة بجهوده الذاتية، ثم تحولت بعد ذلك لأكبر مؤسسة إسلامية تعمل في إفريقيا، ولها فروع وأيادٍ بيضاء في مختلف دول وأقاليم القارة!! واللجنة تقدم مختلف صور العون والتنمية المستدامة للمسلمين من مساعدات، ورعاية للأيتام وعلاج للمرضى، وبناء للمساجد والمدارس وحَفْرٍ للآبار!! فاللجنة يتبعها اليوم مئات المدارس، التي فيها أكثر من نصف مليون طالب، وتمتلك لجنة مسلمي إفريقيا أيضًا أربع جامعات؛ كل ذلك وفْق نظام مؤسسي يضمن وصول العَمل الخيري لمستحقيه؛ وهذا ما يُمَيّز (لجنة مسلمي إفريقيا) عن غيرها؛ لمستُ ذلك في عِدة دول إفريقية زرتها!! (الدكتور السميط) كان يسكن الغابات ومناطق القبائل الوثنية واللا دينية؛ لِيَرْسُمَ بلسانه وفِعْلِه الإسلام بصورته الحقيقية الإنسانية؛ فكان أَنْ أسْلَم على يديه وبسببه أكثر من (11 مليونًا)!! وهنا أليس حرياً بنا أن نفتح لناشئتنا مدرسة (الدكتور عبدالرحمن السميط) بما فيها من مناهج ومقررات تزرع في النفوس حب الخير والعمل والتطوعي، والتواضع والإخلاص، والتحدي والهمة العالية والقفز على الصعوبات، والإحساس بحاجات الناس والوقوف معهم، والعمل المؤسسي الإسلامي المُمَنهَج الشّفَاف واضح المعَالِم والأهداف!! أخيرًا صدقوني لم ألتق بالإنسان عبدالرحمن السميط إلا مرة واحدة على هامش (معرض كُن داعيًا) الذي أقِيم قبل ثلاث أو أربع سنوات في حائل، ويومها شاهدت إنسانيته وتواضعه، ووقتها سُئِل: متى تُلقِي عصا التَّرحال؟ قال: (سأُلقي عصا التّرحال يوم أن تضمن الجنَّة لي، وما دمتُ دونَ ذلك فلا مَفَرَّ من العمل حتَّى يأتي اليقين). ويبقى عند كتابة هذه الحروف الداعية الإسلامي عبدالرحمن السّمِيط يصارع المرض في العناية المركزة وهو بحاجة لدعاء الجميع، فاللهم الطف به، واجعل خاتمته الجنة يا رب العالمين!! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. تويتر: @aljamili [email protected]