كشف مدير عام إدارة التربية والتعليم بالطائف محمد أبو راس عن توجّه جديد مقبل لوزارة التربية والتعليم خاص بالاهتمام بالمسرح المدرسي، مشيرًا إلى أن هناك ميزانيات خاصة ومناسبة ستُخصّص لهذا الموضوع، وذلك لما يمثّله المسرح المدرسي من أهمية. وفي تصريح خاص ل «الأربعاء» قال مدير عام إدارة التربية والتعليم بالطائف محمد أبو راس: هناك ميزانيات ستُخصّص للتعليم ومنها جزء للمسرح الذي سيعود أكثر فعالية وأكثر تواجدًا وأكثر جذبًا، وستكون هناك عودة قوية للمسرح المدرسي، وذلك لأن كل من أبدع في المسرح وفنونه هو نتاج من المسرح المدرسي الذي أظهر الموهبة وتبناها ورعاها، وبالتالي لا ننكر أن كل ممثل وكل مبدع هو من رحم المسرح المدرسي، ووزارة التربية والتعليم تعي ذلك. وأشار أبو راس إلى أنه على هامش مهرجان سوق عكاظ قبل أشهر قليلة تم عقد اجتماع ضم مجموعة من المسرحيين في المملكة، وكان الهدف من هذا الاجتماع هو تفعيل دور المسرح المدرسي في المدارس وتقديم دورات وتأهيل كوادر مسرحية في كل مدرسة ترعى وتُظهر المخزون الإبداعي للطلاب ليتمثلوا به ويظهروه عبر خشبة المسرح، وأيضًا تأهيل المدارس لمثل هذا العمل، لافتًا إلى أن السبب في إهمال المسرح سابقًا يعود لطغيان أنشطة أخرى على المسرح، مبديًا تفاؤله حول مستقبل المسرح المدرسي وتفعيله بشكل إيجابي في السنوات المقبلة. تهميش دور المسرح «الأربعاء» طرح تساؤلات على العديد من ملامسي هذا الجانب، حول المسرح المدرسي ومدى أهمية عودته بالشكل اللائق، للاستفادة من إيجابياته. استهلالا يشير أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالإحساء والكاتب المسرحي الدكتور سامي الجمعان بقوله: بكل تأكيد فإن النشاط المسرحي المدرسي في حقبة الستينيات والسبعينيات كان نشاطًا وافرًا ومتميزًا ومؤثرًا في العملية التعليمية، لذا لا يمكننا بأي حال من الأحوال مقارنته بالحال الذي نحن عليه اليوم، ليس في الطائف فحسب، بل في عموم المملكة العربية السعودية، حيث يُلاحظ تهميش دور المسرح وجعله حالة ثانوية، هذا إذا لم نقل أنه غائب غيابًا تامًا، بينما يؤكد المفكرون وصنّاع التعليم في كل بلدان الدنيا أن المسرح جزء لا يتجزأ من الحالة التعليمية كونه يصقل شخصية الطالب ويعين المعلم على إيصال دروسه عبر ما يُسمى ب «مسرحة المناهج» التي أنا مهتم بها بشكل شخصي. ويضيف الجمعان: حتى لا نظلم البعض.. فالجهود المبذولة في بعض إدارات التعليم لا تعدو كونها جهودًا شخصية وفردية، بمعنى أنها ليست حالة إستراتيجية في وزارة التربية والتعليم يتبعها إنشاء مسرح في كل مدرسة أو وضع منهج دراسي بمسمى التربية المسرحية أو تعيين مختص في المسرح في كل مدرسة وهي الحالة التي ننشدها ونتمنى وجودها في مدارسنا، أما الحال الحالي فهو بالتأكيد ليس خفوتًا إنما تهميشًا لدور فن المسرح، وكما أشرت مسبقًا إلى أن ما نتمناه من وزارة التربية والتعليم هو أن يتم وضع المسرح ضمن استراتيجيات العملية التعليمية وجعله أحد روافد التعليم في بلادنا، فالدول المتقدمة تعنى به أيما عناية كونها لمست نتائجه وآثاره الإيجابية على الطالب وشخصيته وعلى العملية التعليمية برمتها، فآمل أن تتم صياغة واقع مسرحي تربوي جديد في مدارسنا، وأن نسعى عاجلا لا آجلا إلى وضع الآليات المناسبة لضخ العملية التعليمية بما يلزمها من التربية المسرحية منهجًا وأفرادًا ومنشآت مناسبة. المسرح الآن سلعة المفلسين المخرج المسرحي محمد الجفري قال حول هذا الموضوع: مع احترامي للأستاذ محمد أبو راس فإن كلامه غير واقعي، فالنشاط المسرحي كان في أوج تألقه عندما كنت أنا في الصفوف الابتدائية، وكان هناك حفل سنوي تُقدم فيه اسكتشات وأعمال مسرحية متكاملة، وأنا في الصف الرابع الابتدائي كنت أشارك، لكن بعد ذلك اختفى تمامًا.. فهل سمعنا عن عمل مسرحي داخل أروقة المدرسة ؟ وابني وهو في الرابعة عشر من العمر اليوم ومنذ دخوله المرحلة الابتدائية لم تأتيني دعوة من أية مدرسة لحضور عمل مسرحي، وهذا ليس غريب لأن أغلب المشرفين والمسؤولين في جمعيات الثقافة والفنون هم أشخاص لم يمارسوا المسرح، إلا إذا استثنينا بعض الأسماء كالدكتور المستقيل سامي الجمعان أو جمعية الطائف، أما أغلبهم فلا يعدو المسرح إلا كونه لقمة عيش أو «برستيجا» لا أقل ولا أكثر، بالإضافة إلى أن الكل بلا استثناء لا توجد لديه دراسات مسرحية، وأنا لا أتحدى فقط أن يكون لدينا عمل مسرحي متعلق بالمدرسة بل على مستوى الجامعات السعودية، فأكاد أجزم أنه لا يوجد ذلك النشاط المسرحي الذي نتأمل منه الكثير، وأنا أتحدث من مصدر قوة باعتبار أنني كنت أُخرج أعمالًا مسرحية لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، فالمسرح الجامعي موجود ولكنه ليس بتلك القوة التي نتأملها منه، بدليل أننا وفي استضافتنا لآخر مهرجان مسرحي لجامعات دول الخليج شاركت 10 جامعات سعودية ولم نفز بأية جائزة، فلو كنا على قدر المنافسة لما خرجنا بهذا الخروج المخجل أمام الجامعات الخليجية الأخرى، فمساحتنا الجغرافية وعدد سكاننا مقارنة بغيرنا تضعنا أمام تحديات أكبر، في الوقت الذي شاركت فيه بعض الدول بجامعة واحدة فقط ونالت عدة جوائز وليس جائزة واحدة ومنها الكويت، وأنا هنا أضع كل هذه المقدمات قبل أن أتحدث عن مسرح مدرسي، فالواجب علينا أن تتواجد لدينا جمعيات ثقافة وفنون على قدر جيد من طرح الأعمال المسرحية وتدريب الكوادر المسرحية، بالإضافة إلى الاهتمام بالنص المسرحي الجيد وليس ما نشاهده الآن من الكثير من النصوص دون المستوى، ولنستفيد من تجارب بعض الدول المجاورة كالعراق وغيرها المتمثلة في أنه لا يجرؤ أحد ولا يمكن له أن يتطاول على المسرح ويتطفل عليه إن لم يكن دارسًا للمسرح بل وأدق التفاصيل فيه، لذلك انطفأت الحركة المسرحية في المملكة لهذه الأسباب. ويضيف الجفري: لكي يكون لدينا مسرح مدرسي لابد من وجود إدارة فاعلة للنشاط المسرحي في الوزارة، وهذه الإدارة عليها دور بأن تقوم بجذب الكوادر الفنية المسرحية من خارج المملكة للتدريب على المسرح وليس للإخراج، أو حتى من الداخل رغم شحّ الأسماء إن لم تكن أقرب إلى العدم، فتلك الكوادر ينبغي أن تكون مؤهلة علميًا وتربويًا، وينبغي أن تتبع لإدارات التعليم في المدن الكبرى إدارات للنشاط المسرحي فقط.. تذهب إلى المدارس وتستكشف المواهب المسرحية، بالإضافة إلى أن كل مدرسة مُطالبة بإقامة ولو على الأقل عمل مدرسي واحد يقام في حفل ختامي للمسرح نهاية العام الدراسي من كل عام وتتنافس فيه الأعمال المسرحية على مستوى المدينة، إضافة إلى وجود مقر مسرحي مؤهل، وأنا هنا أتساءل: أين هي القاعة الكبرى التي كانت تقام فيها مسابقات المدارس في جدة.. أليست مغلقه من سنين؟ فالمسرح أصبح سلعة المفلسين. الدعم الدعم الدعم رئيس جمعية المسرحيين السعوديين أحمد الهذيل قال: اعتقد أنه لم يغب المسرح المدرسي ولم يخفت إنما تكمن المشكلة في متابعة ما يدور في فلكه، ففي كل عام تُعقد مناسبة سنوية للمسرح، إضافة إلى المشاركات المختلفة له، ولكن ذلك يعود للنشاط الممنهج للمسرح المدرسي، وأنا حضرت العديد من الفعاليات والأنشطة المتعلقة بالنشاط المسرحي في العديد من المناطق في مراحل التعليم الثلاث وعلى العكس أرى أن النشاط المسرحي في السنوات الأخيرة بدأ يتوهج مثل السابق، ولكنه سيؤدي دوره بشكل لافت عندما يرتبط بمنهج، ففي كل منطقة يُنظم سنويًا مهرجان مسرحي للمدارس وتستضيف منطقة من المناطق عدة قطاعات مدرسية من عدة مناطق من المملكة، أي بمعنى أن هنالك تدويرا للنشاط المدرسي، إنما النشاط المسرحي المدرسي هو نشاط يقام كل سنة إلا إذا أردنا أن نطوّر من الحراك المسرحي المدرسي بحيث يقام بشكل شهري، فلا بد لنا من منهجة النشاط المسرحي، وأما إن أردنا الحديث عن خامات مسرحية فهذا حديث آخر لأن أغلب من يقوم على النشاط المسرحي هم إما معلمين أو مشرفي نشاط الكثير منهم لا يمتلك الخبرة المسرحية الكافية. ويضيف الهذيل: أنا هنا لا بد أن أشدّد على ضرورة الدعم، لأن المسرح يتطلب ويستهلك الكثير والكثير، وبدون دعم لن يكون لدينا مسرح، فضلًا عن أنه يجب أن يؤصل المسرح كمنهج دراسي داخل مدارسنا. الاستفادة من الخبرات عضوة جمعية المسرحيين السعوديين الكاتبة المسرحية عبير الباز تقول: لم أُدعى إلى الاجتماع الذي أقيم في سوق عكاظ، وحتى اجتماعات جمعية المسرحيين السعوديين التي تقام في الرياض لم أُدعَ إليها أبدًا، إنما وإن كان الحديث عن المسرح فينبغي الإشارة إلى أنه لم يظهر بالصورة المناسبة التي تليق به، ولكنه إلى حدٍ ما موجود حتى وإن كان تواجده مخجلًا، حتى أنه لا يمكن أن يُطلق عليه مسرح بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ولذلك ينبغي على الجهات المعنية ومنها وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التربية والتعليم الاهتمام أكثر بالمسرح ودعمه ماديًا ومعنويًا، من خلال دراسة المسرح وإعطاء خبرات أكثر عن المسرح والاستفادة من الخبرات المسرحية، كما ينبغي أن تكون هناك جهة ترعى النشاط التربوي المسرحي في وزارة التربية والتعليم، وكذلك أرى أنه ينبغي وضع المسرح كمادة تُدرس في المدارس. وتضيف الباز: طبيعة الإنسان وفطرته تهوى الظهور وهو ما نشاهده أمام شاشات التلفاز والذي يتقاطع مع المسرح في بعض جزئياته، حتى وإن كان المسرح يختلف نسبيًا عنه في أمور عدّة إلا أنه يتوجب علينا قبل أن يكون لدينا مسرح الاهتمام بركائز المسرح وأدواته وقبل الاهتمام بالمسرح ينبغي أن يقتنع من بيده أمر المسرح به، وأرى أن الاهتمام بالمسرح للبنات والبنين هو واحد، أي ليس هناك فرق في وجود مسرح بنات أو مسرح بنين.