تبنّت قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الثانية والثلاثون بالرياض، اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. وأكدت القمة على تحصين الجبهة الداخلية وترسيخ الوحدة الوطنية استناداً إلى المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات أمام القانون وفي الحقوق والواجبات والتصدي للمحاولات الخارجية من جهات مأزومة تحاول تصدير أزماتها الداخلية عبر إثارة الفتنة والانقسام والتحريض الطائفي والمذهبي. جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن القمة وكذلك إعلان الرياض، واللذان أكدا على تطوير التعاون الدفاعي والأمني بما يكفل التصدي بسرعة وفعالية بشكل جماعي وموحد لأية مخاطر أو طوارئ، إضافة إلى تفعيل دبلوماسية مجلس التعاون لخدمة القضايا الوطنية والعربية والإسلامية والتواصل الجماعي الموحد مع كافة القوى الإقليمية والدولية وصون المصالح المشتركة لدول المجلس في كافة المحافل الدولية. ورحب وبارك قادة الدول الخليجية أمس بذلك اقتراح خادم الحرمين، ووجهوا في البيان الختامي الصادر عن القمة، المجلس الوزاري بتشكيل هيئة متخصصة يتم اختيارها من قبل الدول الأعضاء بواقع 3 أعضاء لكل دولة، يوكل إليها دراسة المقترحات من كل جوانبها في ضوء الآراء التي تم تبادلها بين القادة وتكون اجتماعات الهيئة بمقر الأمانة العامة، ويتم توفير كل ما تتطلبه من إمكانيات إدارية وفنية ومالية من قبل الأمانة العامة. وأضاف البيان: تقوم الدول الأعضاء بتسمية ممثليها في موعد أقصاه الأول من فبراير 2012م، وتقدم الهيئة تقريراً أولياً في شهر مارس 2012م إلى المجلس الوزاري في دورته الأولى لعام 2012م لرفعها لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون وترفع الهيئة توصياتها النهائية إلى اللقاء التشاوري الرابع عشر لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز استقبل في قصر الدرعية أمس إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركين في أعمال الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وفي وقت لاحق، عقد القادة جلسة عمل مغلقة، تلتها الجلسة الختامية، والتي دعا فيها ملك البحرين على حضور قمة البحرين المقبلة في العام 2012. وبعد ذلك أعلن خادم الحرمين رئيس الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية انتهاء الجلسة الختامية وأعمال الدورة، قائلاً: إخواني أصحاب الجلالة والسمو أشكركم وأتمنى لكم التوفيق بالدورة القادمة في مملكة البحرين، وأعلن عن انتهاء أعمال الدورة الحالية». وفيما يلي نص بيان قمة الرياض: وهنأ المجلس الأعلى خادم الحرمين، على توليه رئاسة الدورة الحالية للمجلس الأعلى، مشيداً بما اشتملت عليه كلمته من مضامين سامية، وحرص على تفعيل مسيرة التعاون بين دول المجلس في كافة المجالات. وقدم أصحاب الجلالة والسمو تعازيهم الخالصة لخادم الحرمين والشعب السعودي، في وفاة المغفور له، بإذن الله، الأمير سلطان بن عبدالعزيز، مثمنين الدور المتميز الذي قام به، رحمه الله، في تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك على كافة الأصعدة. كما تقدم أصحاب الجلالة والسمو بتهانيهم لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، على الثقة الغالية التي أولاها إياه خادم الحرمين باختياره ولياً للعهد وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للداخلية. وأشاد المجلس بالنهج السليم والثوابت الوطنية التي ينتهجها الملك حمد بن عيسى مملكة البحرين، ولما تحقق من أمن واستقرار وطمأنينة في ربوع مملكته، معربا عن تقديره البالغ للخطوات الجادة والرؤية الشاملة التي اتخذها من أجل دعم أسس دولة القانون والمؤسسات والتعايش السمح بين جميع أطياف المجتمع. ويؤكد المجلس الأعلى بهذا الشأن وقوفه وتأييده الكامل والتام والدائم للبحرين في كافة الإجراءات التي تتخذها لضمان الحفاظ على الوحدة الوطنية والإصلاح. وانطلاقاً من حرص قادة دول المجلس على تعزيز مسيرة التعاون المشترك، والدفع بها إلى آفاق أرحب وأشمل، استعرض المجلس الأعلى توصيات وتقارير المتابعة المرفوعة من المجلس الوزاري، وما تحقق من إنجازات في مسيرة العمل المشترك منذ الدورة الماضية في كافة المجالات. كما بحث تطورات القضايا السياسية الإقليمية والدولية، في ضوء ما تشهده المنطقة والعالم من أحداث وتطورات متسارعة وأتخذ بشأنها القرارات اللاَّزمة، وذلك على النحو التالي : التعاون مع الأردن والمغرب وافق المجلس الأعلى على دراسة مجالات التعاون المشترك بين دول مجلس التعاون وكل من الأردن والمغرب، وشكَّل عدداً من لجان التعاون المتخصصة في هذا الشأن وصولاً إلى الشراكة المنشودة . كما قرر إنشاء صندوق خليجي للتنمية، يبدأ بتقديم الدعم لمشاريع التنمية في كلتا الدولتين، بمبلغ مليارين ونصف المليار دولار، لكل دولة في مجال الشؤون الاقتصادية قرر المجلس اعتماد الهوية الشخصية كإثبات هوية لمواطني دول المجلس في القطاعين العام والخاص في جميع الدول الأعضاء، على أن تقوم الجهات المعنية في الدول الأعضاء بإصدار التشريعات والقرارات الخاصة في هذا الشأن، اعتماد القواعد الموحدة لإدراج الأوراق المالية في الأسواق المالية بدول المجلس، وقرّر العمل بها بصفة استرشادية لمدة سنتين تمهيداً لمراجعتها والعمل بها بصفة إلزامية، إقرار ما اتفقت عليه لجنة التعاون المالي والاقتصادي بشأن التعرفة الجمركية الموحدة لدول المجلس (إصدار 2012م) والعمل بها اعتباراً من يناير 2012م. كما اطلع المجلس الأعلى على التقارير المرفوعة له بشأن سير العمل في السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي، ومشروع سكة حديد دول المجلس. مكافحة الإرهاب استنكر المجلس الأعلى محاولة اغتيال سفير خادم الحرمين لدى أمريكا وأيد الإجراءات والخطوات التي ستتخذها السعودية بهذا الشأن. كما دعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته أمام هذه الأعمال الإرهابية، ومحاولة تهديد استقرار الدول، والأمن والسلم الدوليين. ورحب بصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على القرار الذي تقدمت به السعودية لإدانة الهجمات الإرهابية ضد المتمتعين بالحماية الدولية . وعبر المجلس الأعلى عن تأييده الثابت لكل جهد إقليمي ودولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، ومُجددًا، في الوقت نفسه، التأكيد على ضرورة تفعيل القرارات والبيانات الصادرة عن دول المجلس والمنظمات والمؤتمرات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب . وأشاد المجلس بتدشين مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، في فيينا، والذي يأتي إنشاؤه تتويجاً لمقترح خادم الحرمين خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي استضافته المملكة خلال شهر فبراير من عام 2005م. العلاقات مع إيران أعرب المجلس الأعلى عن بالغ القلق لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، ومحاولة بث الفرقة، وإثارة الفتنة الطائفية، بين مواطنيها، في انتهاك لسيادتها واستقلالها . وطالب المجلس الأعلى إيران بالكف عن هذه السياسات والممارسات، والالتزام التام بمبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، بما يكفل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. وعن الملف النووي الإيراني ، تابع المجلس مستجدات الملف النووي بقلق بالغ، مؤكداً على أهمية التزام إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مجدداً التأكيد على مواقفه الثابتة بشأن أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج العربي، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، منوها في الوقت ذاته بالجهود الدولية، لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية. وأكد المجلس الأعلى على حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، في إطار الاتفاقية الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، النزاع العربي الإسرائيلي استعرض المجلس الأعلى مستجدات القضية الفلسطينية، وأكد أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو 1967م، وعاصمتها القدسالشرقية، وطالب المجلس الأعلى المجتمع الدولي اتخاذ موقف حاسم بإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة إلى خط الرابع من يونيو 1967م، في فلسطين والجولان العربي السوري المحتل، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، واحترام القرارات والقوانين الدولية في هذا الشأن . وأدان قرار السلطات الإسرائيلية بناء وحدات استيطانية في القدسالشرقية، والضفة الغربية، وشق طريق لربط المستوطنات بالقدسالمحتلة، بهدف عزل المدينة المقدسة عن محيطها الفلسطيني، وتغيير طابعها الديموغرافي، واعتبر ذلك لاغياً وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، مؤكداً على أن القدسالشرقية خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه . مُشدداً على أن هذه الممارسات تعد تحدياً لإرادة المجتمع الدولي، وتكشف النوايا الإسرائيلية المبيتة التي تثبت عدم جديتها، وعدم اكتراثها لتلك الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام . وعبر المجلس عن دعمه لطلب دولة فلسطين قبولها عضواً في الأممالمتحدة، باعتباره انتصاراً للحق والعدالة، والقانون والشرعية الدولية، الشأن السوري ثمن المجلس الأعلى الجهود التي يبذلها مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، بشأن الوضع في سوريا، مُشيداً بالمبادرة العربية التي اعتمدها مجلس الجامعة والقرارات الصادرة عن الجامعة بهذا الخصوص . كما أشاد بالجهود الحثيثة التي بذلتها اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة الوضع في سوريا، وكذلك بالقرارات والجهود الصادرة عن منظمة التعاون الإسلامي . ودعا المجلس دمشق إلى تطبيق كافة بنود المبادرة العربية، وتنفيذ البروتوكول الخاص بمهمة بعثة مراقبي جامعة الدول العربية، الذي وقع في القاهرة مؤخرا . وطالب المجلس الحكومة السورية بالوقف الفوري لآلة القتل، ووضع حد لاراقة الدماء، وإزالة أي مظاهر مسلحة، والإفراج عن المعتقلين، كخطوة أولى للبدء في تطبيق البروتوكول، . الشأن العراقي أكد المجلس دعمه لموقف الكويت بشأن إنشاء ميناء مبارك الكبير باعتباره يقام على أرض كويتية وضمن مياهها الإقليمية، وعلى حدود مرسومة وفق قرارات الأممالمتحدة، وعبر المجلس عن ثقته بأن تنفيذ العراق لالتزاماته الدولية تجاه الكويت سيُعزز الثقة بين البلدين، ويوطد العلاقات بينهما. وجدد المجلس تأكيد مواقفه الثابتة تجاه العراق الشقيق، المتمثلة في احترام استقلاله ووحدة أراضيه، وسلامته الإقليمية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية تجنبًا لتقسيم العراق، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، آملاً أن يراعي العراق العلاقات الأخوية التي تربطه بدول المجلس، وذلك بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدوله ووقف الحملات الإعلامية التي لا تخدم تطور العلاقات وتقدمها بين الجانبين. داعياً الأطراف والمكونات السياسية في العراق إلى تحمل مسئولياتهم لبناء عراق آمن موحد مستقر ومزدهر بعد الانسحاب الأمريكي من العراق. وشدد المجلس على ضرورة استكمال العراق تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ومنها الانتهاء من مسألة صيانة العلامات الحدودية تنفيذا للقرار 833، والانتهاء من مسألة تعويضات المزارعين العراقيين تنفيذًا للقرار 899، ويدعو المجلس الأعلى العراق للإسراع في ذلك، والتعرف على من تبقى من الأسرى والمفقودين من مواطني دولة الكويت وغيرهم من مواطني الدول الأخرى، وإعادة الممتلكات والأرشيف الوطني للكويت . الشأن اليمني أشاد المجلس الأعلى بتوقيع الفرقاء في اليمن الشقيق على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض، ورحب بتشكيل حكومة الوفاق الوطنية في اليمن، داعيًا كافة الاشقاء في اليمن إلى التطبيق الصادق والأمين لكافة عناصر المبادرة بما يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق. وأكد المجلس الأعلى على دعم مسيرة التنمية في اليمن، وتعزيز أطر التعاون بين مجلس التعاون والجمهورية اليمنية، واندماج الاقتصاد اليمني في الاقتصاد الخليجي. واطلع المجلس على تقرير عن سير العمل في مشاريع التنمية التي تمولها دول المجلس في الجمهورية اليمنية الشقيقة، ووجّه بسرعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من مشاريع وبرامج تنموية لخدمة أبناء الشعب اليمني الشقيق. الشأن الليبي رحب المجلس الأعلى بتشكيل الحكومة الانتقالية في ليبيا الشقيقة معرباً عن ثقته بقدرة الشعب الليبي الشقيق على بناء دولة عصرية يسودها القانون وينعم فيها بالأمن والاستقرار والازدهار. الشأن التونسي هنأ المجلس الأعلى فخامة الرئيس منصف المرزوقي على انتخاب المجلس التأسيسي له رئيساً لجمهورية تونس الشقيقة، معرباً عن تمنياته لتونس وشعبها الشقيق بالأمن والتقدم والازدهار. الشأن المصري رحب المجلس الأعلى بإنجاز المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب في مصر الشقيقة، وأعرب عن أمله أن تتضافر كافة الجهود لتحقيق تطلعات الشعب المصري الشقيق نحو الأمن والرفاه والنماء.