ضمن أدب السيرة الأدبية الفكرية التي تتقاطع مع الإنثروبولوجيا الاجتماعية والإبداعية من ناحية، ومع الفكر الإنساني والواقع أحياناً أخرى من ناحية، ليؤسس نوعًا من المواجهة التي تضع الذات الإبداعية في مختبر تحليلي يتصادم مع الرقابة والتابوت في شكله المتحفظ المحافظ. صدر عن دار جداول للنشر في بيروت كتاب جديد للكاتبة والشاعرة السعودية هدى الدغفق بعنوان «أشق البرقع ..أرى». في أربعة فصول: تفاحة رغبتي المؤجلة، والخروج من الخيمة، وسوادي وبياضه، وسيرتي الناقصة، وموقف أخير. حيث نوعت المؤلفة «الدغفق» بين النقد الاجتماعي للواقع وبين التقاليد الاجتماعية في فصل: تفاحة رغبتي المؤجلة، وبين بعض القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية في السعودية وتتناول النظام الأبوي الذي يتعامل به الرأي العام والمؤسسات المدنية الحكومية والشرعية مع قضايا المرأة في السعودية متخذة من ذاتها نموذجًا للتشريح النقدي في حقوق المواطنة ووضع المراهقات السعوديات والظواهر التي انتشرت بينهن نتيجة واقعهن الاجتماعي. كما تتناول «الدغفق» في فصل سوادي وبياضه، جدلية العلاقة بين الرجل والمرأة من حيث مشروع المؤسسة الثقافية وإدارتها وكذلك جدلية اللون في اللباس التقليدي للمرأة في الخليج العربي والرجل ودلالاته وأبعاده وردود فعله على الذات المؤنثة، ومن ناحية أخرى تفتح الكاتبة جدلية الصورة الشخصية وتأثيرها الهستيري كحالة من البعد التصادمي مع الواقع المحافظ ورفضه لظهور ملامح الأنثى في وسائل الإعلام. كما ألمحت إلى تجارب مهمة للمرأة السعودية مثل زواج المثقفة بمثقف وإشكاليات و تجارب أخرى مثل التدرب على السياقة، وكذلك تصريح السفر للمرأة. وفي فصل خاص بالإبداع «سيرتي الناقصة»، تخوض الكاتبة في عمق بعض المشاكل والمواجهات التي مرت بها في مسيرتها الأدبية وطفولتها وبداية مشروعها الكتابي ودور العائلة في دعمها والعكس من حيث الاعتراض على الكتابة باسمها في الصحافة، مشيرة إلى موقف بعض المتطرفين من قصيدة النثر وتأثير ذلك على جيل من الشعراء السعوديين في مرحلة التسعينات. وتتناول «الدغفق» تأثير الصداقة الثقافية في ذات المثقفة وإبداعها والموقف الفكري الأيدلوجي من بعض نصوصها الشعرية. كما تشير إلى الزيارات الثقافية وأهميتها بالنسبة للمثقفة السعودية ومشروعها الأدبي، كما تلمح الكاتبة إلى بعض تجارب خاضتها مثل تجربة الترجمة لشعرها وتجارب النشر الورقي والنشر الإلكتروني وأهميته في دعم حركة التلقي والتأليف في السعودية التي عاشت فترة من الانعزال عن واقع التعاطي العربي والعالمي، كما تناولت الكاتبة بعض طقوس الكتابة ودور المذكرات اليومية في تطوير مشروعها الإبداعي وإتقانه. واختتمت الكاتبة الدغفق كتابها ب (موقف أخير) حصل لها في إحدى الأمسيات الشعرية حينما ألقت شعرها أمام الجمهور في مدينة جدة، والهجوم الذي تعرضت له آنذاك إلكترونيًّا. أخيرًا فقد تناولت الكاتبة والشاعرة السعودية هدى الدغفق في مؤلفها «أشق البرقع.. أرى» بعض النصوص الشعرية التي أثرت في تجربتها الشعرية من خلال ثلاثة دواوين،: الظل إلى أعلى، ولهفة جديدة، وبلا طيره ألمي.