إن المتتبع للأحداث الجارية و المتسارعة على أرض الكنانة يجد أن جميع أطياف الشعب المصري الشقيق و بصفة خاصة الكتلة الصامتة التي تمثل الغالبية العظمى تقف على مفترق الطرق حائرة و لا تكاد تعرف إلى أين تتجه نظرا لأن المشهد السياسي و الوضع الأمني و الإقتصادي لازال غير مستقر و أن كل الإحتمالات قائمة ولا أحد يستطيع أن يحدد فعلا متى سوف تنتهي هذه الحالات أو حتى تحديد ملامح المرحلة القادمة بكل وضوح وشفافية. في ظل كل هذه الظروف هل من الأفضل لمصر و شعبها أن يتم تأجيل الإنتخابات البرلمانية القادمة أم التمسك بإجرائها في موعدها و يحدث ما يتخوف منه البعض من إحتمالات وقوع الصدامات المختلفة و أخطرها المسلحة مما قد يولد حالات كثيرة من الفوضى و أخطرها ربما سرقة أو إتلاف أو تزوير صناديق الإنتخابات و قطع الطرق وإشعال الحرائق بهدف إفساد العملية الإنتخابية برمتها ثم يفاجأ الجميع بأن الأمور قد تصل إلى لحظة تتطلب سرعة إتخاذ القرار الصعب و هو وقف إستمرار الإنتخابات و من ثم إلغاؤها في نهاية الأمر للمحافظة على أرواح المواطنين و سلامة أمن ووحدة البلاد. إذا كانت الإنتخابات البرلمانية السابقة و بصفة خاصة في صعيد مصر و في وجود هيبة الدولة و الأمن القوي كانت تحدث هناك حالات من الصدامات بعضها مسلح و بصفة خاصة بين أفراد العائلات الكبيرة فما هو الموقف الآن و ماذا يمكن أن يحدث في الإنتخابات البرلمانية القادمة سواء في صعيد مصر أو بعض مناطق القاهرة الكبرى في ظل غياب الأمن الذي لم يستطع أحد حتى الآن فك شفرته !! إن تأجيل الإنتخابات البرلمانية القادمة أو إلغاءها كلاهما مٌر و لكن على الجميع مواجهة الحقائق بكل شجاعة و صدق و تحكيم العقل لا العواطف و ترك جانبا الأهداف الحزبية و الشخصية الضيقة و رؤية المستقبل و الطرق العلمية و العملية الصحيحة التي تؤدي إليه بكل وضوح. إن إجراء الإنتخابات أو تأجيلها أو إلغاءها هي بلا شك مواقف تخص الإخوة الأشقاء في أرض الكنانة وحدهم دون غيرهم ، و لكن هذا لا يمنع من الإستماع إلى الكلمات القادمة من خارج حدود بلادهم و أخذ المفيد منها و ترك غير ذلك جانبا لأنني على ثقة بأن المواطن العربي من المحيط إلى الخليج يهمه أمن و إستقرار و تقدم و تطور مصر الحبيبة من هذا المنطلق أسمح لنفسي بكل تواضع بأن أضم صوتي إلى المطالبين بتأجيل الإنتخابات البرلمانية القادمة و أقترح أن يكون هذا التأجيل لمدة لا تقل عن (6) ستة أشهر – رغم أنني في البداية كنت من المؤيدين بإجرائها في موعدها – بهدف تحقيق الخطوات التالية:- أولا :إتاحة الفرصة كاملة لجميع أطياف المجتمع المصري للتخلص من حالات الإحتقان و التشنج و الشعور بالخوف و القلق ثانيا : أن يعمل الجميع لعودة كامل الأمن و الإستقرار إلى الشارع المصري و في نفس الوقت عودة عجلة الإنتاج للعمل بكل قوة. ثالثا : وقف جميع أشكال و ممارسات قطع الطرق و السكك الحديدية و الإعتصامات الفئوية. رابعا :قيام جميع الأحزاب و المرشحين بالحرص على ألا تكون كلماتهم للخلط أو التعبئة أو التحريض أو محاولات إقصاء البعض كنوع من تصفية الحسابات. خامسا :إتاحة الفرصة كاملة سواء للأحزاب القديمة أو الجديدة لإعداد برامجها الإنتخابية بإسلوبى علمي وعملي و التواصل مع الشارع المصري لعرض تلك البرامج و الإستفادة من ملاحظات المواطنين عليها للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة من تلك البرامج. سادسا:إجراء حوار وطني حقيقي شامل يكون هدفه الرئيسي المحافظة على وحدة وسلامة كامل التراب الوطني و الإتفاق على ملامح المستقبل بكل صدق و إخلاص و شفافية سابعا: أن يتم تشكيل لجنة لا تزيد عن (30) ثلاثين شخصا من كبار أساتذة الفقه الدستوري و رجال القضاء و أساتذة الجامعات بحيث تمثل جميع أطياف المجتمع المصري لإعادة صياغة الدستور على أن يتم تزويدها بجميع الآراء و الأفكار و المقترحات التي تم دراستها أو مناقشتها أو تم تداولها في الساحة السياسية خلال الأشهر الأخيرة بحيث تنتهي هذه اللجنة من إعداد مسودة مشروع الدستور الجديد لعرضه على البرلمان الجديد بعد تشكيله لمناقشته و إقراره ثم بعد ذلك يتم عرضه في إستفتاء شعبي . سلمت مصر و سلم شعبها الشقيق من كل مكروه أو سوء ووفق الله جميع أبنائها لكل عمل صالح ...و الله من وراء القصد. غازي محمود فقيها- مكة المكرمة