بدأ حجاج بيت الله الحرام توديع مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة وسط فرحة غامرة وشعور لا يقاس بثمن دنيوي بعد أن منّ الله تعالى عليهم بإكمال فريضة الحج إلى بيته الحرام (الركن الخامس من أركان الإسلام) وأتموا شعائرهم في أمن وراحة وانتظام. وأغلب الحجاج تعجلوا وغادروا مشعر منى قبل غروب يوم أمس الثلاثاء ثاني أيام التشريق تطبيقًا لقول الله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) واتجهوا إلى المسجد الحرام لأداء طواف الوداع ومن ثم سيتجهون إلى المدينةالمنورة لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه لمن لم يقم منهم بذلك قبل الحج حيث أعدت الهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج خطة وفرت فيها مئات الحافلات لنقلهم إلى المدينةالمنورة مرورًا بمركز التوجيه والإرشاد في طريق مكةالمكرمة لمراقبة التفويج والتأكد من الإجراءات الخاصة بالمغادرة كما سيتم توزيع عبوات ماء زمزم على الحجاج جميعهم. وتستعد منافذ المملكة الجوية والبحرية والبرية لتفويج حجاج بيت الله الحرام ومنها مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة وميناء جدة الإسلامي ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينةالمنورة حيث زودت المنافذ بالكوادر المؤهلة والمدربة لإنهاء إجراءات الحجاج المغادرين. وشهد حج هذا العام 1432ه نجاحًا منقطع النظير أمنيًا وصحيًا وتنظيميًا ولله الحمد والمنة بفضله سبحانه ثم بما بذل من جهود وأعمال جبارة قامت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يسرت على الحجاج أداء فريضتهم منذ أن تطأ أقدامهم أرض المملكة وحتى بوابات المغادرة لا تريد إلا وجه المولى عز وجل كما قال الملك المفدى «إن المملكة تتشرف بخدمة الحجاج محتسبة الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى». ومثلما تشعر المملكة قيادة وشعبًا بشرف خدمة حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم فإنها تبادلهم الشعور بالثناء والشكر على التزامهم بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وتمثلهم بأخلاق الإسلام وانضباطهم العام وتفرغهم لعبادتهم دون رفث أو فسوق أو جدال وذلك ما عبر عنه خادم الحرمين الشريفين أيده الله في كلمته للحجاج الكرام عندما قال: «ما مر موسم حج إلا وتعلمت من هؤلاء الحجاج دروسًا بليغة أتأملهم في غدوهم ورواحهم وأتدبرهم في مسعاهم وممشاهم فأخرج بطاقة غريبة أستمدها من هذه الجموع الغفيرة وحين أراهم أتملى الرضا والبشاشة في وجوههم يمضون لغايتهم التي جاءوا من أجلها فرحين مستبشرين يعلوهم الوقار وتحف بهم السكينة يمتحون من هذه الأرض الطيبة أضواء الأمن والطمأنينة والسكينة يعطف الكبير على الصغير ويحنو القوي على الضعيف ويجود الغني على الفقير في مشهد إنساني خالص لا نشهده إلا في هذه البقاع الطاهرة هذه الأرض التي منحت العالم صور السماحة والعطف وجلت لهم قيمة الأمن وطعم الطمأنينة». إن إدارة الحشود ليست بالأمر السهل وبخاصة إذا كانت تصل أعدادهم إلى حوالى ثلاثة ملايين حاج وحاجة اجتمعوا في بقعة صغيرة وتضاريس وعرة لكن العالم شهد للمملكة العربية السعودية بقدرتها على تلك المهمة التي أشرفت عليها القيادة العليا وشارك في تنفيذها حوالى 239 ألف شخص بإخلاص وتفان. انعكس أثر تلك الجهود على ألسنة حجاج بيت الله الحرام الذين لم يظهروا في أي وسيلة إعلام محلية أو عربية أو إسلامية أو عالمية إلا عبروا عن ارتياحهم وثنائهم على ما لقوه من خدمة قل نظيرها وفرت لهم الراحة والطمأنينة وتأدية فريضتهم بخشوع وراحة بال. نسأل الله عز وجل أن يجعل حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا وذنبهم مغفورًا وأن يصلوا إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين.