طالب كوكبة من العلماء والدعاة، الفائزين في انتخابات المجالس البلدية، بضرورة الوفاء بالتعهدات والوعود التي ساقوها للناخبين أثناء انطلاق حملاتهم الانتخابية، واعتبروا ذلك واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا لا يمكن التحلل منه، وأوضحوا أن من حق أفراد المجتمع مساءلة أعضاء المجالس البلدية عن النتائج التي حققوها، على اعتبار تمثيل الأعضاء لهم في تلك الجهة، «الرسالة» استطلعت وجهات نظر العلماء والدعاة في مسؤولية الفائزين في انتخابات المجالس البلدية عن وعودهم في التحقيق التالي: طالب سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ أن من نجح بالتصويت في الانتخابات البلدية عليهم أن يكونوا عند حسن ظن الناس بهم وأن يحققوا ما وعدوا الشعب به، فهذه أمانة بأعناقهم وهم مسؤولون عنها يوم القيامة، فعليهم الحرص على أدائها بأكمل وجه، فالأمانة على مكانتها وأهمية تطبيقها، فإنها من صفات كل مؤمن، فترفع قدره، وتثبت إيمانه فيعتز بها، حيث عظم الله منزلة المؤمنين بحرصهم واهتمامهم على أدائها على وجهها الحق، وبالمحافظة على كل خصلة، عمل له ارتباط بالأمانة لأن الله عظم منزلة المؤمنين الملتزمين بالأمانة عملا واعتقادا. وأضاف على جميع المنتخبين ألا يتهاونوا في هذه الأمانة العظيمة الملقاة على عاتقهم وأن يحققوا ما وعدوا به جميغ الناس بقدر المستطاع وألا يدخروا مجهودا في خدمتهم كي يحققوا رضا الله سبحانه وتعالى. ميزانيات ودراسات من جانبه أوضح عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق أن من فاز بهذه الانتخابات هم أناس معروفون بثقة المجتمع لهم والمجتمع لم يصوت لهم إلا لأنهم عرف عنهم الخير والصلاح وأنهم أناس معروفون ونحن نعلم أن أهم صفات المؤمن هي إذا وعد وعدا أوفى به، ولا يتوانى عن تنفيذه، والحمد لله من فازوا بهذه الانتخابات هم أناس بإذن الله قالوا كلمتهم وبإذن الله سينفذونها ولكننا نعلم أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، لأن الأمور مرتبطة بميزانيات وكذلك دراسات، ومن حاول واجتهد في إنجاز ما وعد الناس به فقد برئت ذمته وقد أوفى بعهده الذي وعد الناس به، لكن عليهم أن يبذلوا مجهودهم لإبراء ذمتهم. الالتزام بالعهود وقال عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي أن الصدق في الوعد من صفات المؤمن، وعلى النقيض منه المنافق إذا وعد بشيء أخلف في وعده، وأضاف على المؤمن ألا يقطع على نفسه عهدا قبل التأكد من مقدرته على الوفاء به، وأنه سيكون عند حسن الظن به، وبناء على ذلك إذا قام المرشح بالتعهد خلال حملته الانتخابية في القرية أو المدينة التي يترشح فيها، بتقديم وعود للناخبين فعليه أن يجتهد في تحقيقها والوفاء بها، حتى لا تحسب عليه من قبيل الدعاية الانتخابية، وإذا لم يستطيع الوفاء بوعوده لأسباب خارجة عن إرادته، وكان له فيها عذر بغير إرادته فهو معذور، وأكد أن من واجب المؤمن الالتزام بكلمته، وبذل كل الجهد في سبيل إنفاذها. قيمة الإخلاص من ناحيته أكد الإعلامي والشرعي بجامعة الملك سعود والمشرف على كرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية أن الإخلاص أمر ذو قيمة عليا في حياة الناس جميعا، فالإنسان الوفي والمخلص له قيمة كبيرة، والإنسان عديم الإخلاص يعتبر عديم القيمة، والواقع أن الإنسان يجب أن يلتزم بتحقيق ما وعد الناس به كي يجعلهم يشعرون بقيمة أكثر تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين. وأضاف القاسم أنه من المهم على الإنسان أن يكون صادقا مع الآخرين، لاسيما إذا قطع وعدا على نفسه، وتابع أن الأفراد الذين يوفون بوعودهم يظلون دائمًا أهل للثقة والإعجاب في المستقبل، أما الأفراد الذين لا يوفون بوعودهم فينظر إليهم بعين الازدراء والرفض ومن الصعب الثقة بهم مستقبلا، وشدد على ضرورة أن يفي الفائز بالانتخابات بوعوده كي لا يقطع علاقاته الطبيعية مع الآخرين في محيطه، وأوضح أنه لا توجد أية طريقة للعزلة عن الناس أقوى من عدم الوفاء بالوعد، ولهذا يجب على الإنسان أن يصر على تحقيق تعهداته، حتى لا تستحيل حياته إلى نوع من الفوضى التي لا غناء فيها. الوعود كالديْن وبدوره ألمح الداعية محمد موسى الشريف أن الوعود التي يطلقها مرشح الانتخابات البلدية تكون في الأغلب هي السبب الرئيسي في فوزه بأصوات الناس، ويترتب على ذلك تحول تلك الوعود إلى واجب يتحتم على المرشح الوفاء بها، لأنها تصبح كالدين الذي في عاتقه، ومن الضروري الالتزام بها وتنفيذها متى استطاع ذلك. وأوضح الشريف أن المرشح هو من أطلق الوعود من تلقاء نفسه، وبعد تحقق ما تمنى يصبح ملزمًا بتنفيذ ما يتمناه عامة الناس، الذين أطلق لهم الوعود في تحقيق ما يريدوه، وأضاف أن من صفات المسلم أنه إذا وعد أوفى بوعده، ولا يتكاسل في تنفيذ ما وعد به عقب فوزه، وتابع أن من حق الناس مطالبة الفائز بالوعود التي قطعها لهم على نفسه، وعليه أن يعلم أن من صفات المؤمن أنه «إذا حدث صدق وإذا وعد أوفى»، وأعرب عن أمنيته من جميع المرشحين، ألا يتهاونوا في وعودهم سواء بالانتخابات البلدية أم غيرها. التنفيذ والوفاء ومن جانبه أوضح الداعية علي حريصي أن الإنسان عندما يقطع عهدًا، أو وعدًا على نفسه، إنّما يُنشئ عقدًا والتزامًا، وإلزامًا ذاتيًا لنفسه، فيكون مسؤولًا عن الوفاء به، والوفاء بالوعد صفة من صفات الله تعالى، وأشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان المثل الأعلى في الالتزام الأخلاقي، فهو القائل: «بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق»، وأضاف أن الفائز في الانتخابات قد تعهد للناس بتحقيق الخدمات التي يتطلعون إليها، والآن يجب عليه التنفيذ والوفاء بالوعد، لأن المنصب الذي يشغله الفائز بالانتخابات له علاقة قوية بحياة الناس في المجتمع، وكذلك مدة بقائه في المنصب، وعليه أن يوظف ما يتاح له في الخدمة العامة، وإذا كان من حقه المطالبة بمنحه الوقت الكافي لتحقيق تعهداته، فمن حق الناس أن يسائلوه عن النتائج التي أنجزها.