في خضم التفاعل مع الحملة الوطنية لمكافحة ( فقد البصر ) ومع اقتراب مناسبة اليوم العالمي للمكفوفين ( العصا البيضاء ) والذي يصادف الخامس عشر من شهر أكتوبر الجاري يطيب الحديث عن فئة عزيزة غالية على مجتمعاتها من الذين فقدوا حاسة البصر لكنهم وفي الغالب لم يفقدوا نعمة البصيرة . فهم المكافحون الطيبون القانعون بما قدر لهم فنجدهم جميعا وقد تعايشوا مع حالة فقد البصر بل قد نجد بعضهم وقد تفوق بما قد لا يأتي به مبصرون إبداعا وعطاء . آخر الإحصاءات تقول أن هناك حول العالم ما يربو على أربعين مليوناً من البشر مصابون بفقد البصر في الوقت الذي تتحرك المنظمات الدولية والقارية والمحلية بفاعلية على المسارين الوقائي والعلاجي وتقديم منظومات من الخدمات المساندة والمعينة والتي من شأنها تذليل كافة الصعوبات أمامهم 0 وجدير أن نشير إلى أن فقدان البصر يلقى اهتماما عالميا منذ قرن مضى ونيف حيث رأى النور برنامج (العصا البيضاء ) في العام 1931 م تلاه قيام الإتحاد العالمي للمكفوفين في العام 1948 م ومنذ ذلك التاريخ وبرامج الإصحاح البصري تعمل جاهدة وعلى خطين متوازيين يمثلان الطب الوقائي والعلاجي وصولا إلى النتائج المرجوة في الحد من الاعتلال البصري قبل عدة عقود خلت كان عدد المكفوفين يبدو لافتا للنظر وكان ذلك نتاجا لسنين خلت انتشرت فيها أمراض العيون الوبائية بشكل كبير علاوة على الجدري الذي كان غالبا ما يؤدي إلى فقد البصر وكان هناك ( التراخوما ) والرمد بأنواعه وغيرها من أمراض العيون وبعد التطور النوعي لطب العيون وارتفاع مستوى الوعي الصحي الأمر الذي أدى إلى تراجع نسبة الإصابة بأمراض العيون ومع اعتراف منظمة الصحة العالمية بوجود مناطق حول العالم لازالت فيها مشكلة أوبئة العيون قائمة لانعدام الوعي الصحي وتردي مستوى النظافة لدى تلكم المجتمعات . يشار إلى تقارير تفيد بأن أكثر من 1700 إنسان يلتحقون يوميا بقائمة المكفوفين إذ يصابون بالعمى في مختلف بقاع الأرض جراء فقد الرعاية الصحية أو لأسباب أخرى . حتى في المجتمعات المتقدمة نجد إن داء السكري ومضاعفاته قد يؤدي إلى فقدان البصر أو اعتلاله بما عرف ب ( الماء الأزرق ) أو ( الماء الأبيض ) مما ينتج عنه تلف في العصب البصري كما في الحالة الأولى أو تعتيم في الرؤية وغير ذلك مما يتطلب فحص النظر لدى أطباء من أهل الاختصاص بصفة دورية . ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى حالات تتعلق بشريحة كبيرة وهامة من المجتمع وهم الأطفال والشباب حيث يعاني الكثير منهم من مشكلات بصرية تتنوع أشكالها ومسبباتها لكنها قد تودي بصاحبها إلى حالات من الفشل التعليمي والاضطراب النفسي . وقد خلصت الكثير من الدراسات حول ( التعثر التعليمي ) وما يتبعه من مشكلات سلوكية لدى التلاميذ مرده إلى معاناة بصرية لم تكتشف في حينها أو إنها لم تأخذ حقها من العناية والرعاية . بيد أن المعالجة السريعة للمشكل البصري ومن واقع التجربة وجد أن حالة التأخر الدراسي عند التلاميذ الذين يشكون من اعتلال بصري قد تلاشت ليعود بعدها الوضع التحصيلي لديهم بعدئذ إلى معدل جيد متنام بل أن بعضهم قد اظهر تفوقا ظاهرا ولأن مسألة استخدام النظارة الطبية غير مستساغ لدى العديد من التلاميذ والشباب الأمر الذي يتطلب عناية خاصة من القائمين على التربية سواء ضمن نطاق الأسرة أو المجال التربوي التعليمي في التوجه نحو ملاحظة هذا الجانب باتجاه توقيع الكشف الطبي على عيون الأبناء بكل فئاتهم بنين وبنات صغارا وكبارا وهم من أشرت إليهم ب ( العيون المستحية ) وحثهم وإقناعهم بضرورة الاهتمام بسلامة النظر وإيضاح المخاطر المحتملة جراء إهمال الإصحاح البصري لما فيه من المصلحة الآنية والمستقبلية نحو سلامة عيون ( أعيننا ) والله المستعان . احمد مكي العلاوي -مكة المكرمة