صناعة السينما من الصناعات المسلية لمن يحبها وبخاصة أن المخرج والممثلين يصادفون ظروف وملابسات مختلفة من عمل لآخر، فبتغيّر الرواية تتغيّر أماكن التصوير وأيضًا الممثلون وأحيانًا يظهر في مكان ما وجه جديد ليس له علاقة بالفن إلا أن أبواب الحظ تفتح له ويجد نفسه تحت الأضواء نتيجة أن المخرج أو السيناريست وجد به الوجه الذي يجسّد الشخصية المناسبة في الرواية التي يصورونها، وهذا ما حدث للأمريكية (كاميرون دياز) عندما مثّلت أمام جون كاري فيلم «القناع» أول عمل تمثله ثم توالت عليها الأدوار الناجحة وهي لم يخطر ببالها يومًا أن تصبح نجمة معروفة في مجال التمثيل. وقد حدثت قصة مشابهة لمهندس الديكور الفرنسي الموهوب ميشيل دورويل الذي صمم ديكورات في المسرح والسينما وأيضًا صمم قصور مشاهير السينما ولكن اكتشفت موهبته الحقيقية في المكياج الممثلة الفرنسية المعروفة في ذلك الزمان (ايفون برانتان) ذلك عندما اقترح على مزينتها الخاصة كيفية أن يكون وجه الممثلة متألقًا في التصوير وقد حققت أفكاره نتائج جيدة مما جعل ايفون تسند له مهمة عمل المكياج السينمائي والمسرحي لها وبذلك تحوّل إلى ماكير في السينما وسافر لعمل ماكياج النجوم والمشاهير من أنحاء العالم بالإضافة إلى عمله في الديكور. من الشخصيات التي استعانت بفنه في الماكياج إمبراطورة إيران السابقة فرح ديبا وقد كانت مدعوة لغذاء في قصر الاليزيه بفرنسا فاستدعته لعمل المكياج وقد وضع كتاب يحكي تجربته مع الفن والمشاهير وأسماه (أسرار الجمال). ويعد ميشيل دورويل الفنان متعدد المواهب فابتكر ألوانًا وخامات خاصة به من كريمات أساس وصبغات خاصة لاستخدامها على وجوه الفنانين مما أعطى نتائج باهرة على شاشات السينما. أما عن الفنانين العرب فنرى الممثل الكوميدي المعروف إسماعيل يس من سكان السويس بمصر أراد في البداية أن يصبح مطربًا وقد سافر إلى القاهرة ورُفض من أصحاب الملاهي أكثر من مرة إلى أن حالفه الحظ أخيرًا فقد اكتشف فيه أحد أصحاب الملاهي التي تقدم للعمل بها الحس الفكاهي الذي يتمتع به فأعد له مونولوجًا غنائيًا يتضمن نقدًا اجتماعيًا وقد ساعده أيضًا وجهه وفمه المضحك البعيد عن الوسامة في جذب الجمهور كما أن أداءه امتاز بخفة ظل فطرية مما أتاح له فرصة النجاح كما أن ارتباطه بالمؤلف الكوميدي أبو السعود الإبياري الذي كتب له المسرحيات والأفلام الكوميدية الناجحة فأصبح اسم الكوميدي إسماعيل يس ضمانًا لنجاح أي فيلم يعمل به فكانت سلسلة: «إسماعيل يس في الجيش.. وإسماعيل يس في الطيران.. البحرية.. متحف الشمع»، وقد كانت أمنيته أن يصبح مطربًا إلا أنه كان أنسب للتمثيل وإلقاء النكت والمونولوج وحقق في ذلك نجاحًا عظيمًا. من أهم الشخصيات الكوميدية التي جسّدت جنون العظمة والغطرسة والغلاسة في قالب كوميدي ساخر أحبه الجمهور كان الفنان القدير عبدالسلام النابلسي الذي أراد في بداية حياته الفنية تجسيد أدوار التراجيديا الجادة وأدوار الحب والمعاناة إلا أنه لم ينجح وقد نصحه المخرجون أن يلعب أدوار الكوميديا ولكن بأسلوبه الخاص فهو الشاب الفقير ولكن كرامته وعزة نفسه تمنعه من طلب المساعدة وإن تنازل وقبلها فبكل عظمة وكبرياء كما يقول المثل «حسنة وأنا سيدك» ولا ننسى المشهد المضحك عندما ذهب مع عبدالحليم حافظ لأول مرة بيت أحد الأثرياء للغناء وقد استعار بدلة رسمية من معرض الملابس المستعملة وعند دخولهم القصر تقدم منهم أحد الخدم لأخذ المعاطف إلا أن النابلسي تمسّك بالمعطف «ده بتاعي»؛ خوفًا من ضياعه فكان موقفًا مضحكًا أدّاه بجدية شديدة. أيضًا فيلم «شارع الحب» مع عبدالحليم حافظ عندما اضطر النابلسي الزواج من صاحبة المنزل زينات صدقي حتى يضمن سكنًا وطعامًا له وللفرقة عند زينات صدقي الواقعة في حبه وتتحمل تعاليه عليها ومعاملته الجافة لها في سبيل الاحتفاظ به كزوج وهو في أدائه يثير الضحك والسخرية فقد مثّل الكوميديا بأسلوبه الخاص ولم يحاكي أحدًا في الأداء. في بداية عمله بالتمثيل، لعب دور جاد لم يتقبّله الجمهور ولم ينجح، بعدها نجح وأبدع في الكوميديا على طريقته. قالوا: أحيانًا لا نرى أنفسنا بوضوح كما يرانا الآخرون!