عبدالوهاب الفيصل، حسين بختاور، أحمد الامين - المدينةالمنورة، تصوير - سامي الغمري ناقش الباحثون والعلماء المشاركون في فعاليات مؤتمر (ظاهرة التكفير: الأسباب - الآثار- العلاج) بالمدينةالمنورة، عبر الجلستين العاشرة والحادية عشرة، مبحثين مهمين حول الآثار الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لظاهرة التكفير، وأثر تلك الظاهرة في مستقبل الإسلام. حيث تواصلت النقاشات في المؤتمر الذي افتتحه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية راعي جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، وعقدت الجلسة العاشرة للمؤتمر برئاسة معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء، وقرر الجلسة الدكتور محمود بن عبدالرحمن قدح، وتناولت الجلسة المحور السادس للمؤتمر (الآثار الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لظاهرة التكفير) وأوضح الباحثان الأستاذ الدكتور أشرف محمد هاشم والدكتور سيوطي بن عبدالمناس من ماليزيا في بحثهما الذي قدَّماه بعنوان: (قضايا التكفير وآثارها المترتبة على التطورات السياسية والاجتماعية في مجتمع المالايو)، وحاول الباحثان في هذه الدراسة بيان معنى كلمة «التكفير» وكيف أن التكفير أمر مرتبط بالفتنة التي نشأت في داخل المجتمع الإسلامي، ثم أوضحا أن العلماء قد حذروا من خطورة اتهام الآخرين بالكفر حيث إنه يمس «العقيدة» وأوضح الباحثان أن التكفير قد تسبب في الشقاق والتفرق حيث استخدم بعضهم هذا المنهج التكفيري المتطرف في تحقيق الأهداف السياسية والدينية. واقترحا على المسلم الماليزي أن يتبع نهجًا معتدلًا مبنيًّا على الوسطية سيرًا على النهج الذي اعتمده بعض مشاهير العلماء للحفاظ على الوحدة الإسلامية. الاقتصاد والاعتقاد كما تناول الدكتور ياسر عبدالكريم الحوراني من الأردن في بحثه الذي قدمه بعنوان (الاقتصاد والاعتقاد: دراسة في التكفير وآثاره الاقتصادية)، فأوضح أن ظاهرة التكفير تكشف عن وجود فجوة كبيرة في المجتمع، منها مستوى التفاعل الاجتماعي مما ينتج عنه تصدع في علاقات المجتمع وتفككها عبر مخرجات وآثار جسيمة، منها الآثار الاقتصادية. كما يؤثر التكفير في أسواق معاصرة مثل أسواق المال والأسواق الرقمية، كما يستند البحث إلى منهجية وصفية استقرائية مبنية على التحليل، مع محاولة الاستقصاء لوجود الظاهرة وتأثيراتها الاقتصادية، التاريخية والمعاصرة. يهدف البحث إلى كشف حجم الفاقد الاقتصادي جرّاء التكفير، ممثلاً هذا الفاقد بالموارد البشرية والقطاعات الاقتصادية الحيوية. وقدمت الدكتورة أسماء بنت سليمان السويلم من السعودية دراسة بعنوان: (آثار ظاهرة التكفير) خلصت من خلالها الى أن للتكفير آثارًا سيئة ظاهرة تتسع لتشمل الفرد والمجتمع والدولة، وأن فشو بدعة التكفير في الأمة الإسلامية سبب لإعراض بعض المسلمين عن دينهم وفقدانهم الثقة فيه. ثم إن بدعة التكفير بغير حق تعد سافر على مسلَّمات الدين وثوابته وصد عن دين الله، وهي تؤثر على أداء شعائر الدين جماعة، وبسببها تستحل الدماء المعصومة ويُتجرأ على قدوات المسلمين، ويحصل التشديد على المراكز الإسلامية التطوعية مع التضييق على المسلمين الذين يعيشون في بلاد الغرب. كما أوضح الدكتور عبدالحميد محمد علي زرؤم من إريتريا في بحثه بعنوان (التكفير وآثاره في أمن الفرد والمجتمع) أظهر البحث بجلاء خطورة التكفير ودوره في زعزعة الاستقرار وانعدام الأمن والسلام في المجتمعات، وتأثيره على الجوانب الأخرى الاقتصادية والتجارية والسياحية والسياسية والعقدية والفكرية والاجتماعية والنفسية والرياضية وغير ذلك، ففقدان الأمن فقدان للحياة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. فالرخاء الاقتصادي، والاستقرار السياسي، والتكافل الاجتماعي، و التقدم العلمي، مرهون بتوفر الأمن. انعكاسات أمنية وتحدثت الدكتورة فريدة بلفراق أستاذة محاضرة بكلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة باتنة من الجزائر في بحثها بعنوان: (الانعكاسات الأمنية لظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية) وتناولت الجزائر أنموذجًا لظاهرة التكفير التي نخرت جسد الأمة الإسلامية حيث أدى انتشار الفكر التكفيري في المجتمعات إلى تسريب أفكار غاية في الغرابة والغلو، وإذا كانت بذور التكفير الأولى تبنتها حركة الخوارج في التاريخ الإسلامي، فإن حركات حديثة تولت نشرها في البلدان الإسلامية؛ لأنها وجدت فراغًا روحيًّا في أوساط الشباب، وقد طرحت الباحثة بعض التساؤلات عن لمواجهة هذه الظاهرة ثم أجابت عنها من خلال بحثها بأسلوب علمي رصين. وأوضح الباحث الأستاذ مختار حسين شبيلي من الجزائر في بحثه الذي قدمه بعنوان: (الآثار الأمنية لظاهرة التكفير ومواجهتها عالميًّا) لمحة عن ظاهرة التكفير وتطوّرها ثم تحدث عن الآثار الأمنية للنشاط التكفيري كالدعاية الهدامة والتأثير على الشباب، ثم تحدث عن الآثار الأمنية للنشاط التكفيري على المستوى الدولي كالمس بالسّلم العالمي، والتأثير على العلاقات الدولية، ثم ختم بحثه بسبل مواجهة الأنشطة التكفيرية، والأعمال الوقائية، والتعاون الدولي لمواجهة الإرهاب ذاكرًا أهم المبادئ الكبرى لقواعد التعاون في مواجهة الإرهاب. الجلسة الحادية عشرة وفي الجلسة الحادية عشرة للمؤتمر التي عقدت برئاسة معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وقرر الجلسة الأستاذ الدكتور عبدالله الغطيمل وتناولت الجلسة المحور السابع للمؤتمر (أثر التكفير في مستقبل الإسلام)، تحدث الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الخطيب من لبنان في بحثه الذي قدمه بعنوان (أثر التكفير في مستقبل الإسلام: دراسة في ضوء الكتاب والسنة) عن الآثار الدينية والاجتماعية والسياسية للتكفير، واقترح بعض الحلول لتلم الآثار التي يخلفها التكفير في مجتمعاتنا الإسلامية، وأوصى بعدد من التوصيات منها أهية وضع ضوابط صارمة للتكفير والالتزام بها، وأخذ أشد أشكال الحيطة قبل الإقدام على إصدار حكم تكفير مسلم وبارتداده، وأن الإرهاب ليس خاصًّا بأمة دون أمة ولا بدين دون آخر فالإرهاب لا دين له ولا لون له؛ لذا لا يجوز أن نخصص الإرهاب بأي دين فلا حجة إذن لمن يلصقون الإرهاب بالإسلام لمجرد تبنيه من فرق ضالة أو جماعات خارجة عن الإسلام. مخاطر مستقبلية وتناول د. سعود بن فرحان محمد الحبلاني من جامعة طيبة من السعودية في بحثه الذي قدمه بعنوان: (أثر التكفير في مستقبل الإسلام دراسة خطر التكفيرِ وآثاره السلبية على مستقبلِ الإسلامِ والمسلمين من الناحيةِ الدينية، والتعليمية، والاجتماعية، والأمنية، والسياسية، والاقتصادية.) تحدث فيها عن تأثير التكفير على الدعوة فقد أثر الفكر التكفيري في إفساد وتجميد جانب التكافل الاجتماعي، فقد حرم فقراء وأيتام المسلمين من صدقات وزكاة إخوانهم؛ مما فتح المجال للمنصرين، وأهل الضلال للعبث في المجتمعات المسلمة مما أدى الى تدهور معدلات النمو الاقتصادي، وانخفاض معدلات الاستثمار والاضطراب في سعر صرف العملات، والتدخلات الخارجية في شؤون اقتصاد المسلمين. وأوضح د. إبراهيم طلبة حسين عبدرب النبي كلية الشريعة بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من السعودية في بحثه أثر الغلو في التكفير وأثره في مستقبل الإسلام فقد بين الباحث في دراسته أن الغلو في التكفير يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء، والتفرق والاختلاف بين المسلمين مما يضعف قوة المسلمين ويؤثر على مستقبل الإسلام، وأن ما يترتب على الغلو في التكفير من استحلال الدماء، وقتل الأبرياء يرسخ لدى الغرب أن الإسلام هو الخطر الذي يتهددهم، ولا بد من مواجهته؛ مما يقف عائقاً أمام عالمية هذا الدين، وأوضح أن الغلو في التكفير من أسباب انتشار الإرهاب، وهذا يربط الإرهاب في عقول الناس بالإسلام، وهذا له أثره البالغ في حاضر الإسلام ومستقبله. وتناول د. علاء عبدالحفيظ محمد من مصر في دراسته: (السيناريوهات المحتملة لمستقبل ظاهرة التكفير - ورقة عمل استشرافية) أهم السيناريوهات المحتملة لمستقبل ظاهرة التكفير والنتائج التي قد تؤدي إليها، وكيفية التعامل مع كل سيناريو منها، وتقديم عدد من المقترحات للتصدي لتلك الظاهرة، وذلك من خلال مدخل تحليلي، تناول فيه أهم الأحداث التي شهدها العقدان الماضيان، وكان لها تأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على ظاهرة التكفير. أما الباحث محمد بن جماعة من كندا فقد تناول في بحثه الذي قدمه بعنوان: (التكفير وأثره في تصور الهوية في الخطاب الإسلامي المعاصر) إطار المفهوم (الهوية متعددة الأبعاد)، وبسط أشكال التراكم والتزاحم بين الانتماءات، والعوامل المؤثرة فيها. وعرض أخطاء اعتماد الهوية الواحدة وبشكل خاص «الهوية الدينية» في تصنيف الأفراد والجماعات. و ركّز بشكل خاص على (الهوية الدينية) من خلال بسط مراحل تشكّلها وتأثرها بمفهوم (التكفير) وعلاقتها بالهوية الوطنية ودورها في صياغة (رؤية العالم) وأحيانًا في إيجاد مناخ العنف.