قال مشاركون في ندوة «المدينة»: إن تنمية الروح الوطنية لا ترتبط بمناسبات وإن غياب القدوة الفاعلة يؤثر على تعزيز روح المواطنة في النفوس داعين إلى ضرورة إنشاء وزارة للشباب لتنسيق الجهود في مجال تأصيل قيم المواطنة والاعتدال في نفوس هذه الشريحة التي تشكل نسبة كبيرة من أبناء الوطن، كما طالبوا في ندوة «المدينة» التي أقيمت تحت عنوان «كيفية تنمية روح المواطنة في نفوس الشباب» وزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في تقييم مناهجها التعليمية بما يحقق الجوانب التطبيقية والعملية ويعزز الجوانب السلوكية ويبتعد عن الجوانب النظرية المجردة وقالوا: إن مناهج التربية الوطنية تعثرت لقيامها على جوانب نظرية بحتة مؤكدين في الوقت ذاته على أن التمكين وإعطاء الحقوق وتلبية الاحتياجات عوامل رئيسة في تنمية الروح الوطنية لدى الشباب. التخطيط والتمكين «المدينة»: أصبح الشباب اليوم في أي دولة لغة التحولات والمتغيرات على صعيد التنمية والبناء ولهذا يثور السؤال كيف نستوعبهم ونحولهم إلى طاقات بناء؟ بمعنى آخر كيف ننمي روح المواطنة في نفوسهم وفي المقابل ماذا يريد الشباب؟ ما هي مطالبهم؟ وما هي حقوقهم وواجباتهم؟ ولنبدأ بداية من مغزى الاحتفال باليوم الوطني سليمان الزايدي: لا شك يدرك أن فلسفة الأيام الوطنية تتركز في معظمها على الإطلالة على تاريخ الأمم وتقديمها للشباب لكي يتأملوا في تاريخ أمتهم وحضارتهم، وبالتالي يرون الإيجابيات والسلبيات، وهي نقطة دائما فاصلة بين الماضي وبين الحاضر، فكل أمة تقف في لحظة من لحظات حياتها تحتفل بتاريخها القديم، لكي تستشرف المستقبل بصورته الجميلة، ونحن في يومنا الوطني لا شك أننا نقول لأبنائنا: هذا هو الماضي، وهذه الأمة كيف كانت؟ وإلى أين وصلت؟ ونحن في اليوم الوطني كأنما نقول للجيل الجديد: هذه هي الأمانة، عليكم أن تنظروا للمستقبل، وترعونها وتقدمون للأجيال بعدكم وطنًا متميزًا كله إنجاز وتقدم وحضارة، والأمة الآن في كل استراتيجياتها وخططها وبرامجها وفلسفتها تهدف لبناء المستقبل وتنمية الإنسان، ونحن في هذا الوطن كل خططنا وبرامجنا لبناء الإنسان وتنمية الشباب؛ لأنهم المستقبل الحقيقي لأي أمة، وكل ما صرف على الشباب كان في مجاله الصحيح، والمملكة تعول على شبابها لأن يكون المستقبل أكثر ازدهارًا وعطاء وإشراقًا من خلال هذه الأجيال التي نراها في كل صباح وهي تتزاحم في الأنشطة، وتتدافع بشكل كبير لكي تكون جزءًا من المستقبل المشرق، ونحن في يومنا الوطني بقدر ما نحتفل بهذا الماضي المشرق بقدر ما نتطلع إلى جيل يتحمل مسؤوليته في المستقبل، لكن علينا أن نضع خططا وبرامج تمكن الشباب من القيام بأدوارهم المختلفة، المجتمعية والسياسية والاقتصادية والفكرية، لأنهم هم من يحملون على عواتقهم مواصلة العطاء والتقدم والازدهار التاريخ هو الملهم الحقيقي د الروقي: التاريخ يعنى معرفة الماضي ليتعايش الإنسان مع الحاضر ويتطلع للمستقبل وأعتقد أن هذا مرتكز أساسي في هذه الندوة، لأنه قبل أن أنظر إلى المواطنة يجب أن انظر كيف كان الوطن؟ وكيف كانت الأمة؟ وكيف كان الناس؟ وكيف كانت الجزيرة العربية؟ إن الجزيرة العربية لم تتوحد بشكل واحد في تاريخها إلا في مرحلتين: مرحلة الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، ثم توزعت وتشتت، ثم جاءت الدولة السعودية الأولى في مرحلة قصيرة، وجاء الملك عبدالعزيز رحمه الله ليوحد الجزيرة العربية في وحدة لم يسبق لها مثيل، والملك عبدالعزيز وحد الجزيرة العربية بالعقيدة قبل كل شيء وأمن الناس على نفوسهم وحقق فيهم شريعة الله، وقد قال ابن خلدون في القرن السابع: العرب لا يخضعون إلا لسلطان قوي أو لدين يتغلغل في نفوسهم، فحققها عبدالعزيز بسلطان قوي وبالدين، ثم توحدت الجزيرة وأنشأ الهجر، ثم آخى بين الناس، ومن هنا نقول: التاريخ مدرسة. وقد ميز الله تعالى هذه البلاد بميزتين: الثروة البترولية وهذه تملكها كثير من الدول، لكن الرجال العقلاء الذين أداروا هذه البلاد (الملك عبدالعزيز ومن جاء بعده في تسلم أمور هذه البلاد ) رجال صالحون، صلحوا فأصلح الله لهم، أن المواطن يريد ويريد، وكذا الشباب على وجه الخصوص لكن قبل أن نقول له ماذا تريد من الدولة ومن وطنك؟ يجب أن نغرس فيه ماذا يريد وطنك منك؟ وكيف كان وطنك في مرحلة من المراحل، وإذا عرف المواطن أو الشاب أن هذا البلد كان صحاري قاحلة وقبائل متناحرة، وأصبح وحدة متوحدة، يجب أن نحافظ على هذه الأمة وهذه المكتسبات ثم ننظر كيف كانت، فتاريخنا مملوء بالشوك الذي استخرجه الآباء وأبقى لنا الورود، فعلينا المحافظة على هذه الزهور اليانعة والورود المتفتحة، القيمة الإنسانية للمواطن د الشنبري: تنمية الروح الوطنية لا ينبغي أن يرتبط بالمناسبات ولعلي أرى من وجهة نظري الخاصة أن أهم ما يمكن أن يساعد على تنمية الروح الوطنية وجعلها كالعقيدة في نفوس الناس هو إعطاء الإنسان قيمته كمواطن كما ينبغي علينا أن نعزز السلوك التعليمي من التنفيذيين من العاملين في الأجهزة الحكومية والأهلية، وأريد أن أقول: الوطن يمكن أن ينمى عن طريق المناهج التعليمية، قد أكون صادقا حينما أقول: إن منهج التربية الوطنية الذي طرح في مدارس التعليم قد فشل، فلم يحقق النتيجة المطلوبة، لماذا؟ لأنه ربما جاء سريعا ولم يكتمل المخاض وربما كان مباشرا، ولم يلامس المعنويات، ولهذا ينبغي طرح النماذج الشبابية في حياة الأمة، فعندما آتي لكتب الأدب وأتكلم عن الشعراء آخذ الأنموذج الشاب، وعندما أتكلم عن القادة آخذ الأنموذج القائد، وهكذا، فالملك عبدالعزيز رحمه الله مؤسس هذا الوطن الكبير، لعلي أقول هنا: إنه أنموذج للشاب المواطن المؤسس الحق، والنقطة الثانية الإعلام الذي قد يكون بانيًا أو هادمًا، فعندما أجعل الشاب دائمًا هو موضع الانتقاد وأنه مشكلة، يصبح الأمر وكأنهم مشكلة في الوطن، ونحن نريد أن نحول الخطاب الإعلامي ليؤسس لأن الشاب هو المواطن الصالح، وكما قلت يجب أن نخاطب الشاب كقيمة، وكمواطن وكإنسان، وإنه له قيمته وأنه محط أنظارنا إن المقررات الدراسية أمر مهم والوطنية فكرة يجب أن نغذي بها كل أفراد الأسرة وبهذه المناسبة تبنينا فكرة إنشاء مقرر عن التاريخ الوطني، يدرس على مستوى الجامعات السعودية، وأقر من بعض الجهات الخاصة ولله الحمد، وأخذ طريقه، وكنت أرى أن التاريخ الوطني يجب ألا يكون رصد معلومات ولا أن يكون جانبًا سياسيًا بحتًا، بل أن يلامس كل القيم والمكتسبات التي تدغدغ مشاعر الإنسان وتعمق روح الوطنية في نفسه، كما أن هذا الوطن متميز بنوعية مكونات أرضه، حيث يحتوي على المشاعر المقدسة، التي ليس كمثلها شيء، وهذه الأمور عندما تصل إلى قلب الإنسان يستشعر حينئذ مكانة المكان وحب المكان وعظمته كما ينبغي أذكر أن دارة الملك عبدالعزيز تتبنى الآن مشروعًا عبارة عن كتاب (التاريخ الوطني) تعزم بإذن الله أن يأخذ الموافقة على تدريسه في جميع الجامعات السعودية، وأتمنى أن يحتوي على القيم التي يجب أن تصل إلى ذهن كل شاب ونحن نتطلع إلى التركيز على الحوار مع الشباب والجلوس معه وتحقيق مطالبه المشروعة. غياب القدوة ** «المدينة»: كيف نغذى روح المواطنة في نفوس الشباب؟ المطرفي: المواطنة تعني المشاركة بين المواطن والوطن، وحينما نتحدث عن ما هو حق الوطن على المواطن، فإنه في الجهة المقابلة علينا أن نعرف حق المواطن على الوطن الذي تمثله الدولة وأبناء الوطن جميعا في حاجة إلى تنمية روح المواطنة لديهم، ابتداء مِن الطفولة، ومرورًا بالأب والشيخ الكبير ؛ لأنه عندما ننمي روح المواطنة في نفس الشاب ولا يجد القدوة (الأب، والعم والخال وغيرهم) لا يمارس هذه المواطنة أو يصادمه بطريقة أو بأخرى لذلك أقول: إن لدينا مجموعة دوائر مؤثرة، تبدأ بالدائرة الصغيرة وهي الأسرة ثم دائرة المدرسة ثم دائرة المجتمع، ويؤثر في المواطنة عادة النظام ( إجراءات، قوانين، مناهج تعليمية ) والدين وهو قيمة عليا حينما تتغلغل في النفوس وأعتقد أن ديننا الإسلامي الحنيف مملوء بشواهد كبيرة تتعامل مع المواطنة، وربما قرأت في بعض المراجع أن مفهوم المواطنة مورث في الإسلام قبل الغرب، وقد بدأت مع وثيقة صحيفة «المدينة»المنورة التي كتبها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مطلع العهد النبوي في «المدينة»المنورة بين المهاجرين والأنصار ومن تبعهم من ليس بدينهم ومن ألحق بهم، وتعامل مع هذا الموضوع المواطنة في مفهومها العميق والعالي جدا الذي هو الولاء للأمة، وللوطن (الولاء للقيادة). ويضيف: نحتاج إلى التحفيز والدافعية لدى الناشئة لتعزيز المواطنة، وماذا نحقق لو أصبحنا مواطنين حقيقيين فاعلين؟ بعد ذلك نأتي إلى غرس هذه القيمة في سلوكيات محددة لها مؤشرات ومظاهر سلوكية، ثم بعد ذلك ممارسة أي أن نشاهد هذا الطفل في المدرسة والأسرة كيف يمارس هذه القيمة (قيمة المواطنة) في مظاهرها البسيطة (النظافة والمحافظة على الممتلكات وحسن الحديث مع الآخرين واستقبال الزائرين) ونحن في مكةالمكرمة في حاجة إلى بث روح المواطنة الدينية والقيمية والوطنية، وبعد الممارسة تأتي عملية الاختبار، ونريد أن نصل إلى مرحلة العمق في المواطنة إلى أن يدعو الطالب زملاءه إلى ممارسة هذه المواطنة ولا ينتظر من المعلم أن يعطيه درسا في ذلك، وقد وجدنا في فترة سابقة كثير من التذمر تجاه وزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية نتيجة وجود بطالة لدى خريجي الجامعات، فالشاب يشعر بأن توظيفه حق على الوطن بصرف النظر عن السياسيات الإدارية التي تدار بها الجامعات؛ ولهذا عندما أمر خادم الحرمين الشريفين بتخصيص (52) ألف وظيفة للشباب، شعر هؤلاء بأنهم جزء من هذا الكيان بشكل أكبر لأنه لبي له حاجة من حاجاته الإنسانية. العقيدة والدين د المورعي: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه فالأمم لا يمكن أن تقاد إلا بعقيدة ودين، ولهذا كان المنطلق الديني هو الأساس في قضية التنمية وحب الوطن، ففي فترة من الفترات كان حب الوطن مناقضًا للدين، وكانت القضية التي أشار إليها الأستاذ بشيت أن حب الوطن لا بد أن يرتقي إلى القيمة العليا وهو حب الأمة الإسلامية بجميع أوطانها الأمة التي كانت تمثلها في فترة من الفترات الخلافة الإسلامية ثم جاء عصر تقسيم الدول الإسلامية، فأصبح في فترة من فترات التاريخ الانتماء إلى وطن أو جزء معين يعتبر مناقضا للفكر الإسلامي، ولهذا كان الشاب لا يشعر بالانتماء إلى تراب أو إلى مكان، وإنما انتماؤه فقط للأمة، وهذا التصور التاريخي أو الديني الذي انتشر في فترة من الفترات عند الشباب جعل الكثير من الشباب يشعر أن حب الوطن ليس له أي قيمة وليس له أي أثر، وهذا خلاف الفكر الإسلامي الصحيح الذي نحن نريد من خلال هذه الندوة أن نؤسسه في نفوس أبنائنا، ومن الحكم المشهورة وبعضهم ينسبها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي ليست بحديث منسوب إلى النبي ولم يقلها عليه الصلاة والسلام، لكن المعنى صحيح وقوي «حب الوطن من الإيمان»، فالفطرة السليمة والنفوس جبلت على حب المكان الذي نشأت فيه، ولهذا يجب أن ننشئ الجيل من صغره على أن حب الوطن من الإيمان، وعبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لما خرج من مكةالمكرمة مهاجرا إلى «المدينة»المنورة وقف بالحزورة (مكان مرتفع) ونظر إلى مكة مدينته التي نشأ وترعرع فيها، قال: «والله إنك لأحب، بلاد الله إلى الله، وأحب، بلاد الله إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت»، والصحابة كذلك لما خرجوا مع رسول الله إلى «المدينة»، كان فيها بعض الأوبئة، فمرض الصحابة رضوان الله عليهم وما استساغوها، فدعا الرسول ربه في تلك اللحظات «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة»، وتتحدث بعض الروايات أن رجلًا من الصحابة اسمه (أصيل) جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى «المدينة»، ولما تفتح مكة بعد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: حدثنا يا أصيل عن مكة، فأخذ يتحدث عن هوائه ونسيمها وأماكنها ومن فيها حتى بكى النبي، وقال: يكفيك يا أصيل: «دع القلوب تقر»، فليس هناك من تعارض بين حب الوطن، وبين حب الأمة الإسلامية، لكن كما يقال في الأمثال: الأقربون أولى بالمعروف، فالوطن الذي نشأ فيه الإنسان هو أولى القضايا التي يجب يدافع عليها، ** «المدينة»: إذا كانت الأمور بهذا التوصيف الرائع، فكيف نعزز حب الوطن في النفس؟ المورعي: هذا سؤال كبير وعريض، لكن نستطيع أن ننمي هذا الشعور من خلال العناصر التي أشار إليها الأستاذ بشيت والدكتور عايض عبر دور الأسرة والمجتمع والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام، وأعود إلى ما ذكره الدكتور الشنبري بأن منهج (التربية الوطنية) فشل لبعده الواقع والتطبيق، وأخاف كذلك أن (التاريخ الوطني) سيفشل، إذا لم يكن هناك تفعيل تطبيقي، فبعض الأمم يأخذون الابن من الروضة على الشوارع، ليعلموه كيف يحافظ على نظافة هذه الشوارع، كما يأخذون الأبناء للمستشفيات، وإلى المرور لتربيتهم على حب الوطن والحفاظ على المرتكزات، وإذا وصلنا إلى هذا الجانب التطبيقي لن يخرج الشباب في اليوم الوطني في تظاهرات تسبب إزعاجا للآخرين، ولهذا ينبغي أن نوفر لهم أماكن يحتفلون فيها باليوم الوطني. «المدينة»: السؤال إلى د سليمان الزايدى هل أنتم في مجلس الشورى تتابعون البرامج والخطط التي تقدمها الدولة للشباب في التنمية بصفة عامة؟ الزايدي: أوجه الشكر للشيخ أحمد لأنه جلاّ قضية كانت مشوشة في أذهان الناس، فكنا إلى عهد قريب ليس لنا يوم وطني، لأنه كان في ظن الناس بدعة، ولكن عندما أخذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على عاتقه المسؤولية أعلن أنه يجب أن يكون لنا يوم وطني، بدأنا في التفكير لهذا اليوم والإعداد له، وأعتقد أن حب الوطن امتداد لحب الدين الإسلامي، وانتماؤك للأرض التي أنت عليها هو انتماء لأرض الأمة الإسلامية، كما أشكر الدكتور الشريف الذي جلى قضية منهج (التربية الوطنية)؛ لأن (الحب) لا بد أن يكون بالتطبيق، وبشعور داخلي وانتماء، والنقد الموجه الآن لمناهجنا أن هذه المناهج لا تراعي الأهداف السلوكية التي أوجدت من أجلها، كما أن عندنا أمرًا مفقودًا وهو دور الأسرة، فالمدرسة تعلم المعارف والأهداف والسلوك، لكنها لم تطبقها، لكل مرحلة من مراحل التعليم العام أهداف تعليمية، وللمناهج أهداف سلوكية وأدعو وزارة التربية والتعليم إلى إعادة مراجعة أهداف المراحل التعليمية. خطط التنمية والشباب وعن خطط التنمية والشباب قال الزايدي: هناك ملامح لخطط التنمية في السياسات العليا رسمت من أجل الشباب، تركز على توفير فرص عمل لهم تنسجم مع ميولهم وقدراتهم وثقافتهم العلمية وزيادة إسهامهم في القوى العاملة ومكافحة البطالة في صفوفهم، وتقترح الخطة تنشئة جيل من الشباب يتمتع بصحة بدنية ونفسية جيدة، أما السياسات هي تمويل خدمات الإرشاد الأسري للشباب والآباء معًا، والتوسع في إنشاء مشاءات رياضية صغيرة متوسطة الحجم في الأحياء واستخدامها في المدارس في تنظيم الأنشطة الرياضية والشبابية لاستيعاب ساعات الفراغ وتوجيه الشباب في شيء مفيد بدلًا مما نراه من تسكع وتسعى السياسات إلى جعل المدرسة أكثر ارتباطًا بالمجتمع. وتقترح الخطة أيضًا تشجيع نمط الحياة الصحي في التغذية والسلوك؛ لأن كثيرًا من الأمراض المنتشرة الآن في صفوف الشباب نتيجة عدم وجود سلوك غذائي صحيح خاصة في المدارس التي تعطي وجبات ذات سعرات حرارية مرتفعة جدا تؤدي إلى أمراض عديدة منها السمنة والسكري، وتقترح الخطة الحد من انتشار السلوكيات الضارة والخطرة ومعالجتها كالتدخين والمخدرات وتهور الشباب في قيادة السيارات، وتقترح الخطة اعتماد المنهجيات والإجراءات اللازمة لتحقيق أعلى مستويات الدمج الاجتماعي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة كما تهدف إلى تشجيع العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية للشباب في جميع الحالات، وقد وجدنا في الفترة الأخيرة أن لشباب جدة دورًا في مواجهة السيول، فيما يؤدى شباب مكة دورًا متميزًا في أوقات المواسم كالحج، واعتقد أن تشجيع العمل التطوعي هو في ذاته يعطي بما يسمى بالتمكين، وإذا كانت الرياضة اليوم بشهادة الأطباء تساوي الصحة فإننا نهمل بذلك نصف المجتمع لعدم إعطائهم حقهم من الممارسة الصحيحة المنسجمة مع ميول المجتمع، وهذه ملامح من خطط التنمية التي نطالب المعنيين بتنفيذها، والمملكة وقعت على ما يسمى (المنشور العالمي لحقوق الإنسان) الذي حضره الملك فيصل عام 1948م ممثلًا للمملكة، والذي كان له دور كبير رحمه الله في تعديل بعض مواده، واليوم هناك إعلان عالمي جديد والمملكة العربية السعودية ضمن المجموعة التي تعمل على هذا الإعلان بعنوان (الإعلان العالمي لواجبات الإنسان) قضية تاريخية د الروقي: أتمنى ألا تأخذنا نظرية (أفلاطون) والدولة الفاضلة؛ لأنه دائمًا فاقد الشيء لا يعطيه، وأريد أن أقول للشاب: أنت لا زلت شابًا عاقلًا، ينبغي عليك أن تعطي لوطنك، وأن تدرك كيف كان وطنك في يوم من الأيام؟، لأن الحضارة اليوم جعلت الشاب ينتظر أن تحقق له كل شيء وإلا أصبح متمردًا على كل شيء، ونحن في الجزيرة نختلف، لأنه في يوم من الأيام عندما فقدت الدولة السعودية الأولى والثانية، فقد الناس الحياة الاجتماعية والأمن والتجارة وتاريخ الملك عبدالعزيز ليس غزوات وحروب فقط، بل انضم إليه الناس حينما فقدوا الأمن ولهذا فالنعمة التي نحن الآن فيها لا بد أن ننقلها لشبابنا ليكونوا رجال عطاء، نعم للدولة حقوق وعليها واجبات، لكن الواجبات تأتي على مراحل وعلى شبابنا أن يتفهم هذه الحقيقة لقد أصبح لدينا نوع من الانفصام في الشخصية ما بين الواجبات والمتطلبات، ومن هنا أتمنى أن نبرز الجوانب التاريخية والعقدية من خلال كافة المؤسسات المجتمعية بما فيها وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التربية. الشباب فيهم الخير د المورعي: ثقافة العمل لدينا مرتبطة بالعمل الوظيفي، وهذا (غلط)، يجب أن تكون ثقافة المواطن والشباب تحديدًا مبنية على علاقة الحب لله ثم الوطن وولاة الأمر وهذه عوامل التربية الصحيحة، التي تقف في وجه أي تشويش لعقول الشباب، وبلادنا الآن تحظى بمنجزات حضارية كبيرة جدًا والطريق طويل والخطوات جبارة، ولو كرسنا في ذهنية الشباب ما تقدمه الدولة لهم سنجد التفاعل من المواطنين وانتماءه للوطن، كما ينبغي الابتعاد عن بعض النظريات السلبية السابقة (الشباب ليس فيهم خير، لا عمل لهم سوى الإنترنت والتواصل الاجتماعي، واللبس المخل والشعر المخالف، وغيرها من النظريات السلبية)، لكن انظر إلى الشباب في كارثة جدة، فعلينا أن نبتعد عن السلبيات النقدية القديمة، ونحاول أن نفعل في الناس حب الوطن والانتماء للوطن.
------------------------------------------------------------------------ شارك في الندوة
* - سليمان بن عواض الزايدي عضو مجلس الشورى والمشرف على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمكةالمكرمة. * - الدكتور أحمد المورعي رئيس نادي مكة الثقافي الأدبي وعضو المجلس البلدي والأكاديمي بجامعة ام القرى * - الدكتور عبدالله الشنبري الشريف عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية للدراسات العليا والمشرف العام على كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكةالمكرمة * - الدكتور عايض بن حزام الروقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة أم القرى ومديرموسوعة الحج والحرمين بمركز تاريخ مكة * - بشيت المطرفي نائب رئيس المجلس البلدي بالعاصمة المقدسة ومدير النشاط الثقافي سابقا