السائل (سموّ الرّوح): ما الفرق بين أن يُقال: زوجة فلان، وامرأة فلان، وخاصة في القرآن؟ الفتوى 13: كلّ من الزّوجين الذكر والأنثى، يُقال له: زوج، بلا تاء فارقة، كأنهما ذاتٌ واحدةٌ، قال تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [البقرة: 187]، ويجوز في اللغة أن يُقال: زوجة، والفصحى هي لغة القرآن، وأمّا الفرق بين امرأة الرجل وزوجه في القرآن فليس عندي جوابٌ أجزمُ بصوابه، وإنّما هو فهمٌ عن اجتهادٍ قد يرد بعده ما هو أقوى وأقوم لي أو لغيري، وقد كثر فينا مَن يعجبه علمُه، فيقول: إنّ الله قال كذا لكذا، ولم يقل كذا لكذا. وقلّة الخطأ في تفسير الكتاب العزيز تعود إلى أمرين؛ جودة الفهم، والتضلّع من العربية، وأوّلهما أولاهما، وقد وجدنا من الغوّاصين في بحار اللّغة مَن يُحَمِّل الألفاظ أوزارًا من تخاليط فهمه، حتى يقول القائل إذا سمعه: كيف يصحّ لعاقل أن يفهم مثل هذا الفهم؟ ولو شئتُ لضربتُ لكم الأمثال، ولكنّ الغرض متعلق بالجواب، فأقول: الذي يُفهم من معنى الزوجية هو تحقّقُ معناها وغايتها من التواد والإفضاء والتكامل، فحيث كانت الأنثى تحقق هذا المعنى كانت زوجًا، فإذا تعطّلت معاني الزوجية، أو نقصت واحدًا من أخصّ خصائصها، لا يُقال لها: زوجة إلاّ باعتبار مجازي، ومن شواهد القرآن على ذلك: (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة: 35]، (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء: 90]، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ) [الأحزاب: 28]، فإذا فقدت عنصرًا من عناصر التوافق، فهي مجرّد امرأة، كامرأت فرعون، وامرأة نوح، وامرأة لوط؛ لانفصال جهة الديانة بينهما، ونحو ذلك قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ) [هود: 71]، (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) [الذاريات: 29]، (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) [آل عمران: 40]، لتعطل الغاية الزوجية وهي الولادة، ولهذا قال عن امرأة زكريا بعد أن استجاب دعاءه ووهب له يحيى: (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء: 90]. وبقي آيتان إحداهما: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب) [المسد: 4]، وقد وجدتُ لها جوابًا ذكره السهيليّ (ت 581)، قال رحمه الله: (لم يقل: وزوجه؛ لأنها ليست بزوج له في الآخرة، ولأن التزويج حلية شرعية). وأمّا الثانية فهي ( امْرَأَتُ عِمْرَانَ) [آل عمران: 35]، وأجاب السهيليّ في كتابه (الروض الأنف) عن نظائرها بأنها ذكرت في سياق الحمل والولادة، وهو اللائق بكونها أنثى. ويحتمل عندي أن يكون عمران لم يكن معها لفراق أو موت، وبه يستقيم التعليل في عامّة آي القرآن. وملخص جواب السّهيلي أن الأنثى يعبّر عنها بالمرأة مضافة إلى بعلها عند اختلاف دينها، أو حين تُساق مساق الحمل والولادة مراعاة لأنوثتها. وملخص جوابنا -وهو معروف لدى الدّارسين- أنّ ذلك يكون حين فقدان معنًى من معاني النكاح المثلى.