يتباكى بعض العرب (سذاجة أو تخابثاً) على طيبة اليهودي العادي السائر في شوارع القدس وحيفا ويافا، مؤكداً أن البلاء كل البلاء هو في الحكومة التي تظلم الفلسطيني وتقهر العربي وتبتلع الأرض وتنتهك المقدسات. يظن بعض بني يعرب أننا سنكون في أحسن حال لو أن اليهودي الإسرائيلي مُنح حق البت في المستعمرات والمستوطنات واللاجئين والمقدسات. ونسي هؤلاء أنفسهم أن الانتخابات الإسرائيلية نزيهة وصادقة، وهي عكس ما يجري من حركات وسخافات في صناديق الانتخابات العربية المجيدة خاصة قبل ثورة 25 يناير المجيدة فعلاً. ومع كل هذا المسلسل الطويل من العنف الإسرائيلي المقيت بقيادة المستكبر نتنياهو، فإن استطلاعات الرأي الحديثة جداً (الشرق الأوسط 2 سبتمبر) تشير إلى أن حزب نتنياهو باق في الحكم (وبحكومة يمينية خالصة) لو أن الانتخابات العامة جرت اليوم في كل أنحاء إسرائيل. والأسوأ من ذلك أن مواقف الأحزاب الدينية المتشددة ستزداد قوة وشوكة، فحزب (إسرائيل بيتنا) سيكسب مقعداً إضافياً (من 15 إلى 16)، وحزب (شاس) لليهود المتدينين الشرقيين سيكسب مقعدين جديدين (من 10 إلى 12) وهلم جرا. هؤلاء هم اليهود في الجملة... قوم بهت لا يراعون فينا إلاً ولا ذمة، ولا يحسنون إلاً حرباً علينا وإبعاداً وقهراً وظلماً طالما كنا المستضعفين دوما. وعليه فإن تتبع مسارات الانتخابات الإسرائيلية ومواعيدها وتحليل نتائجها، هو مما يدخل في باب إضاعة الوقت المنهي عنه، كما أنه إلهاء عن الواجب الأهم والمهم، وهو الإعداد لمواجهة هذا العدو بما يستحقه بعيداً عن الثرثرة السياسية واللغط السخيف وبذل المزيد من التنازلات، بل ومزيد المزيد. صحيح أن الحرب ستكون طويلة، لكن أمدها سيتضاعف إذا استمررنا في إهدار الفرص وقتل الوقت وتبديد الطاقات، والركون إلى توقعات نتائج الانتخابات الإسرائيلية أو الأمريكية باعتبارها الملجأ والمنجى، والتي عادة ما نبدأ بعد انتهائها من نقطة الصفر تماماً كالطفل البليد الذي ينسى بسرعة ولا يفهم إلا بمنتهى الصعوبة. متى يا ترى نتمتع بقدر من الذكاء الذي حرمنا منه أنفسنا لأكثر من نصف قرن؟! عسى أن يكون قريباً!!