خبر هام تناقلته وسائل الإعلام أمس، حمل شحنة جديدة من الاستفزازات التي دأبت إيران على توجيهها في السنوات الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجية؛ ممّا كان له الأثر الأكبر في تعكير صفو العلاقات الخليجية - الإيرانية التي يُفترض أن تتسم بالرسوخ والمتانة؛ لأنها علاقات تقتضيها وقائع الجوار الجغرافي، والتواصل التاريخي القديم، والأخوة الإسلامية الوثيقة، وهي روابط غير قابلة بطبيعة الحال للإلغاء، الأمر الذي يحتم على إيران تغيير نهجها الحالي في التعامل مع محيطها الخليجي بما يحقق السلم والأمن والاستقرار لهذه المنطقة التي تعتبر من أثرى مناطق العالم إستراتيجيًّا ونفطيًّا وحضاريًّا وعقديًّا. الخبر رغم الغموض الذي اكتنفه تحدث عن إعلان مسؤول عسكري إيراني بارز بزيادة مساحة إيران 220 ألف كيلومتر مربع عن مساحتها المعلنة، بما جعل من الصعب فهم مصدر هذه الزيادة، بمعزل عن إضافتها الجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى إلى مساحتها الأصلية. ورغم رفض مصادر إيرانية تأكيد ذلك التفسير من عدمه، إلاَّ أن الخبر جاء متّسمًا بخاصية الغموض التي تتسم بها السياسة الخارجية الإيرانية، والتي يعتبر تطويرها لبرنامجها النووي من أوضح أمثلته. الأيام القليلة المقبلة لابد وأن تظهر حقائق هذا الإعلان الذي يعتبر في حال تأكيده خرقًا واضحًا للقانون الدولي، وانتهاكًا صارخًا لسيادة ووحدة أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، ومبدأ حسن الجوار، لا سيما وأن إيران تحتل تلك الجزر منذ العام 1971، وترفض مبدأ الحوار لحل تلك القضية، وأيضًا اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لتقرير مَن هو أولى بالسيادة على تلك الجزر. ما يزيد من الشكوك حول الخطوة الإيرانية أنها تجيء على إثر تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي مؤخرًا حول احتمال توجيه ضربة وقائية لمنشآت إيران النووية، مع استمرار سياسة الغموض والمماطلة التي تنتهجها حول برنامجها النووي المثير للجدل، وحيث سبق لإيران التهديد بإغلاق مضيق هرمز إذا ما تعرض مشروعها النووي لأي اعتداء عسكري، أخذًا في الاعتبار مرور مضيق هرمز بتلك الجزر ذات الموقع الإستراتيجي الهام. هذا الوضع المتأزم في المنطقة والذي تتحمل إيران الجزء الأكبر من مسؤوليته يقتضي منها العودة إلى منطق الحكمة، والتروي، والتعقل، والتخلّي عن سياسة التدخلات والاستفزازات والتهديدات التي تنتهجها ضد دول الجوار الخليجي بشكل خاص إذا كانت حريصة بالفعل على أمن واستقرار المنطقة.