لفت انتباهي الإعلانات المنشورة على صفحة كاملة وأحيانا نصف صفحة في صحفنا المحلية من سلسلة مطاعم (كودو) والذي تعلن فيه عن بدء منع التدخين في كافة مطاعمها وجاء في نص الإعلان (شكرا لعدم التدخين... لصحتكم... منعنا التدخين في كافة مطاعمنا). والحق أن تلك بادرة طيبة حضارية تأتي تجاوبا مع الحملة العالمية والمحلية ضد التدخين بأنواعه (السيجارة والمعسل والشيشة والغليون) وخاصة في الأماكن العامة المغلقة ، وتضامنا كريما مع بعض أصحاب المطاعم والمقاهي والمنتزهات والمراكز التجارية بمدينة جدة التي بدأت تمنع تدخين السجائر وتقديم المعسلات والشيش، لتحقيق مطلب ( مجتمع بلا تدخين ) التي من شأنها أن تحمي الأجيال من أبنائنا وبناتنا بل والمجتمع كله من هذا الوباء ويجنبهم شروره وسمومه، وإذا كان الشئ بالشئ يذكر فإن مما يدعو إلى الألم والحزن والحسرة أنه مازال هناك الكثير والكثير جدا من تلك المراكز التجارية والمقاهي والمطاعم والمنتزهات تسمح وتشجع تعاطي السجائر وتقديم المعسل! بحجة أنها تعتمد اعتمادا كبيرا في دخلها على أنواع الشيشة والمعسل التي تقدمها وخوفا من انصراف الزبائن وخاصة المدخنين عنها....! وليسمحوا لي بأن أقول أنه مبرر غير مقبول ولا معقول أبدا فمن أجل المال ومكاسب غير مشروعة نضرب بعرض الحائط بما هو أهم وهو صحة وسلامة المجتمع بكامل فئاته الذين يتضررون من هذا الوباء، فلا يشك أحد اليوم في خطر السيجارة والمعسل والجراك، حيث أثبتت دراسات علمية عديدة ومنها دراسة في جامعة الملك عبدالعزيز دامت أربع سنوات بأن المعسل يحتوي على كميات كبيرة من الأصباغ والألوان والنكهات تسبب أمراضا مختلفة منها السرطانات بل إن الحجر الواحد من المعسل أوالجراك يعادل مفعول 40 سيجارة لما يحتويه من مادة النيكوتين أكثر المواد سمية. وأيضا من الأضرار التي تخفى على الكثيرين أضرار التدخين السلبي وهو استنشاق الشخص غير المدخن دخان سجائر الآخرين ، حيث يتأثر الشخص الجالس مع المدخن كثيرا، وتشير دراسات عديدة بأن استنشاق غير المدخنين للدخان المتصاعد من أفواه المدخنين – التدخين السلبي – يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بأنواع كثيرة من السرطان وأمراض الأوعية الدموية والقلب والرئتين لجلساء المدخنين أو المتعرضين لنفحاتهم. ويقول الأطباء أن التعرض لدخان المدخنين أو الجلوس معهم في مكان واحد يعني تعرض غير المدخنين بما لايقل عن 50 مادة تؤدي إلى السرطان ومواد كيمائية تؤدي إلى زيادة ضغط الدم وإتلاف الرئتين و الإخلال بوظائف الكليتين... وتأثير التدخين بطيء وتراكمي، وقد لا يصدق البعض أن التدخين أكثر خطرا من الإيدز والمخدرات وحوادث الطرق فالدراسات تؤكد أن التدخين يقتل أكثر من الإيدز والمخدرات وحوادث الطرق مجتمعه. إن المطاعم والمقاهي والمنتزهات بإصرارها تقديم المعسل والسماح بالتدخين في محلاتها يعني عدم مبالاتها بالأضرار المميتة على صحة مرتادي تلك المحلات المغلقة والمفتوحة وخاصة غير المتعاطين للمعسل والسيجارة الذين تم تجاهل حقوقهم وحمايتهم من هذا الوباء وكل ذلك مخالف للأنظمة والتعليمات السامية التي صدرت لمكافحة التدخين بأنواعه (السيجارة والمعسل والشيشة والغليون) وبقيت دون تطبيق جاد وحازم لها وأيضا ذلك مخالف للتوجه الذي يسود مدن دول العالم المتحضر التي أخذت في التضييق على المدخنين وخاصة في الأماكن العامة والأمل كبير في المبادرة نحو تفعيل تلك القرارات الرسمية والأخذ بهذا التوجه العالمي نحو الحفاظ على الصحة العامة مقدرين لمطاعم (كودو) مبادرتها للتصدي لهذا الوباء المدمر للجميع وفق الله الجميع. م. فريد عبدالحفيظ مياجان – جدة