اوضح الدكتور ابراهيم ناصر الحمود عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بالرياض ان في كل عام تتسابق القنوات الفضائية وتتنافس في عرض مقاطع دعائية لما سيتم عرضه من مسلسلات وأفلام خلال شهر رمضان المبارك ،وتكثف تلك الدعايات قبل رمضان بشهر على الأقل ,. وان غالبية تلك القنوات قنوات إسلامية من حيث الهوية ، ولكن ما تبثه من نتاج إعلامي في الغالب يتعارض مع روح الإسلام الذي يحث على دفع السيئة بالحسنة ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي رمضان – خاصة – يزداد العمل الصالح وتتضاعف الحسنات ، ويشغل المسلم وقته بأنواع العبادة من صيام وصلاة وقراءة قرآن وطلب علم وغير ذلك من الأعمال الصالحة . ولو أعدنا النظر فيما تروج له تلك القنوات الفضائية لوجدنا أن ذلك كله مثبط عن القيام بهذه الأعمال ، بل ولا يخلو من الآثام التي تنقص أجر الصيام . إن هم تلك القنوات الفضائية هو الترويج لبرامجها وزيادة دخلها المادي وشهرتها الإعلامية على حساب مصلحة الآخرين وتعكير صفو إيمانهم بما يلهيهم عن التزود من الطاعة في هذا الشهر الكريم . وأحب أن أذكر أولئك بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ... ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) . وأقول لهم إربؤوا على أنفسكم واتقوا الله في أبناء وبنات المسلمين ولا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم ، فرمضان شهر البر والإحسان وتلاوة القرآن ، فهلا أبدلتم هذا الزخم الكبير من المسلسلات بما يتناسب مع روحانية هذا الشهر الكريم ، فتكونوا دعاة هدى لا دعاة ضلالة #موقف طريف ويشير الدكتور ابراهيم الى انه ذكر في في إحدى كلماته الوعظية في هذا الشهر الكريم التي يلقيها في أحد المساجد عبارة ( رمضان مدرسة إيمانية ) وبعد الفراغ سأله أحد المصلين : كيف يكون ذلك والمدرسة تحتاج إلى معلمين ومراقبين وطلاب ومناهج وامتحانات ونتائج وشهادات ومرتبة شرف . وهل هي مدرسة حقيقية ؟ قلت له نعم كل ما ذكرته موجود في مدرسة رمضان ، قال كيف ؟ قلت هي مدرسة معنوية وليست حسية والمراقبون عليها رقيب واحد وهو الله جل جلاله لا تخفى عليه خافية ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، والمعلمون هو معلم واحد وهو محمد صلى الله عليه وسلم خير من صلى وصام وهو المبلغ عن ربه عز وجل فتعلمنا أحكام الصيام وآدابه من سنته الشريفة ، أما الطلاب فهم الصائمون أو الصائمات ، أما المناهج فهي كثيرة أهمها : القرآن الكريم ، فرمضان شهر القرآن وأنت ترى الصائمين يتدارسون القرآن في المساجد وفي غيرها ، وكذلك منهج الأخلاق الفاضلة ، فالصائم يتعلم في رمضان كل خلق جميل : كالعفو والتسامح والعطف والشفقة والبر والصلة والصبر وحفظ الجوارح والبذل في وجوه الخير، كل هذه الأخلاق يتعلمها الصائم في رمضان أكثر من غيره ، وهناك منهج تطبيقي وهو انعكاس هذه الأخلاق إيجابياً على الصائم وأهله ومن حوله في حياته ، وهناك منهج آخر اسمه ( الإخلاص ) لأن الصوم سر بين العبد وربه . أما الامتحانات فهي في آخر الشهر، فكم من صائم قد أفلح ونجا وكم من صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ومن قيامه التعب والسهر ، فرمضان إما شاهد لك أو عليك ، وجاء في الحديث : أن الأجير يعطى أجره إذا قضى عمله ، أما النتائج والشهادات فهي في يوم العيد فهو يوم الجوائز ، والناس فيه بين رابح وخاسر ، أما مرتبة الشرف فقد ذكرها الله في آية الصيام ، وهي : (التقوى) وهذه المرتبة العليا ينالها من أخلص لله في صيامه وقيامه وحفظه مما ينقص أجره ، كما جاء في الحديث : أن من صام رمضان وقامه إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، والتقوى هي طريق المغفرة ، كما قال تعالى ( ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ) وتتم الدراسة في هذه المدرسة في فصلين دراسيين متواليين ، وقد مضى النصف الأول ونحن الآن في النصف الأخير ، وكل منهما مكمل للآخر . فهذا تصور كامل لمدرسة رمضان الإيمانية ، وهي مدرسة لا تحتاج إلى مصاريف مادية ولا إلى مقاعد دراسية ، وإنما إلى إخلاص ونية ، وخريجو هذه المدرسة هم من فازوا بقبول العمل والعتق من النار كما وعد الله ، والله لا يخلف الميعاد . وبعد هذه الإجابة زال الإشكال عند السائل ودعا الله أن يكون من الطلاب الفائزين في هذه المدرسة