في مثل هذا اليوم الفضيل (10 رمضان) قبل 1424عامًا كان فتح مكةالمكرمة المشهود، والذي خُتمت فصوله، وأُسدل الستار عليه بالتقرير النبوي الكريم الموجّه إلى كفّار قريش: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، بعد أن تمكّن منهم، وسألهم: (ما تروني فاعل بكم؟)، قالوا (أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ!) بلغة اليوم، يُعد هؤلاء الطلقاء الأحرار أعداء حقيقيين، لا مكان لهم إلاّ السجن في أحسن الأحوال، وأعلاها، والتعذيب والتقتيل في أسوئها وأدناها.. هؤلاء حاربوا الفئة المؤمنة، والعصبة المسالمة على مدى 20 عامًا أو تزيد. هؤلاء بلغة القرآن الذي لا يأتيه الباطل أبدًا هم أعداء الله، ورسوله، والحق المبين. هذا الوصف رباني محكم لا يخضع لاجتهاد شيخ، ولا استدلال عالم. ومع ذلك قيل لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء!). لقد اختصر النبي عليه الصلاة والسلام كل مسافات الزمن، وكل أرتال الشحناء والبغضاء، وكل سواد التاريخ المعادي لأعدل نظام في الأرض، ولأتقى حاكم وقائد في تاريخ البشرية.. اختصره في معنى كبير عظيم لا يدركه إلاّ العظماء الكبار، والقادة الأفذاذ.. إنه العفو عند المقدرة، والتجاوز بعد التمكين، والتسامح بعد الانتصار. ولو شاء النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم لنصب المحاكم، وعيّن القضاة، وأقام الدعاوى، ولتوّج ذلك بأحكام هي العدل بعينه، فطارت رقاب، وسُفكت دماء، وشُحنت صدور، وقلوب بالبغضاء والكراهية لعقود قادمة، وآماد طويلة، ولصُد عن السبيل السوي فئات حاضرة، وألوف قادمة، وربما ملايين لاحقة كانت في الأصلاب عندئذٍ. هؤلاء (الطلقاء) لم يعارضوا بكلمة عابرة، أو رأي مختلف، أو مظاهرة سلمية، بل حملوا السلاح على مدى عقدين، واستماتوا في تعذيب بعض الصحابة الكرام، وتفننوا في أساليب المقاطعة والحصار والفتنة. هؤلاء (الطلقاء) بلغة اليوم المتداولة في فضاءات الإعلام الغربي والعربي هم إرهابيون، ومنشقون، ومجرمون، ومفسدون في الأرض، وعابثون بالأمن، وأعداء للوحدة الوطنية، وخارجون عن القانون. ومع ذلك كله استوعبهم القلب النبوي الكريم، الذي يفيض حبًّا وعطفًا وشفقة ورغبة في هداية الآخر، ودخوله في ظلال الإسلام، وشرعة الحق، ومنهج الله عز وجل. بقي علينا أن نسأل: وماذا استوعبنا نحن من هذا الدرس البليغ؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain