مع إطلالة كل رمضان، تطل على المستفتين من العلماء وطلبة العلم قوافل الأسئلة نفسها.. أسئلة تتكرر عن حالات الصيام وعن مفطراته وكيفية صرف الزكاة، وعن الحيض والنفاس وقضاء الأيام وغيرها. والمستمع لهذا السيل المتدفق من الأسئلة المكرورة البسيطة يظن أن مجتمعنا ولله الحمد لا تنقصه إلا هذه «الكماليات» ليصبح الكيان الفاضل الذي لا مثيل له. ولكم وددت أن أسمع أسئلة ذات صيغة مختلفة تظللها صراحة أكبر عن حال ذلك المسلم الذي يهتم بتفاصيل الشعيرة العظيمة في حين يهمل تفاصيل تعاملاته الكثيرة مع الناس من حوله، ومع المجتمع الذي يحيط به، ومع اليوم الآخر الموعود به. كم منا يهتم بالسؤال عن مفطرات الصيام من شاكلة: (هل دخول الغبار الكثير إلى الفم يبطل الصيام؟) و (هل سحب الدم لأغراض الكشف الصحي يبطل الصيام؟) و(هل الست من شوال يجب أن تكون متتالية أم يجوز أن تكون متفرقة؟). والقائمة تطول.. وددت لو أن أحدهم سأل عن صحة صيام ذاك الذي لا يتردد في إهانة زوجته لأنها لم تضبط (الشوربة)! أو عن جدوى صيام الموظف الذي لا يؤدي واجبه تجاه المراجع، فيطوح به ويمرمطه دون حق! وما حقيقة صوم الذي لا يتردد في أكل أموال الناس بالباطل، ويضيف إلى الصوم اعتكاف العشر الأواخر بجوار البيت الحرام! ما حقيقة صوم المدام التي تشبع (الشغالة) إهانة وإذلالا، وربما ضرباً وتعنيفاً! هل يبطل الصيام غبار قليل ولا يبطله ظلم كثير... للنفس وللغير وللآخرين خاصة؟ هل تتوالى الأسئلة الرتيبة إياها باستمرار، وتغيب الأسئلة الحرجة التي تسيء إلى أمان مجتمعنا وطمأنينة أنفسنا وسلامة المستضعفين فينا! لماذا نهتم بالصغائر، وننسى الكبائر؟ لماذا لا نصارح أنفسنا لنجعل من رمضان منعطفات للتغيير في النفس والمجتمع والحياة! لماذا تمضي الحياة دون أثر واضح للصوم، سوى الجوع والعطش وربما السهر! رمضان شهر التجرد من الكذب والنفاق وظلم الآخرين. ولو أن هذا حاصل لتغيرت الإحصائيات المزرية المبكية المفزعة عاماً إثر عام! ثمة أسئلة حقيقية غير تقليدية جديرة بالإثارة ليس شرطاً على الهواء أو مع الشيخ، وإنما مع النفس والعقل والقلب! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain