سيرة الكاتب: ولد الدكتور محمد المخزنجي في المنصورة عام 1946 ودرس الطب في جامعتها، ثم حصل على درجة الاختصاص العالي في الطب النفسي، وعلى دبلوم إضافي في «الطب البديل» من أوكرانيا. هجر الممارسة الطبية وعمل محررًا علميًا لمجلة العربي الكويتية، فمستشارًا لتحريرها في القاهرة. هو الآن كاتب حر له مقالة أسبوعية في جريدة الشروق منذ صدورها الأول عام 2009. إضافة لكونه أديبا مرموقا له سبعة كتب قصصية ورواية وريبورتاج عن كارثة تشيرنوبل، وكتابان في الأدب البيئي للأطفال وكتاب إلكتروني في أدب الرحلات. حاز المخزنجي على جائزة أفضل كتاب قصصي صدر في مصر عام 1992، وجائزة ساويرس لكبار الكتاب في القصة عام 2005. كما أنه رجل مشهود له من قرائه ومحبيه بالوطنية والانتماء وحب العروبة والإسلام. معلومات عن الكتاب: كتاب البستان. الدكتور / محمد المخزنجي. دار الشروق المصرية. 2007م. 117صفحة من القطع المتوسط. كتاب قصصي يحمل عنوان البستان قررت أن أقرأه وأكتب عنه لأنه يستحق أن يكتب عنه وعن مؤلفه الدكتور محمد المخزنجي، البستان له من اسمه نصيب، فهو يجمع بين القصة والعلم والنفس البشرية، قسم الكاتب كتابه إلى ثلاثة فصول: فيزيقيات.. سيكولوجيات.. باراسيكولوجيات، عناوين تؤكد نزعة علمية لدى الكاتب وأخرى نفسية لكونه طبيبا نفسيا غاص في أعماق النفس البشرية. أحاول قراءة ما وراء فيزيقياتها: احتوت فيزيقيات المخزنجي على خمس قصص قصيرة: الدليل.. على أطراف الأصابع.. ذئاب.. مصيدة الجسد.. العميان، حيث تجتمع الحيوانات مع الإنسان والأغصان والأنهار مشكلة الطبيعة من علاقة خاصة تمزج بينهم، يزج بهم المخزنجي في قصصه بشكل يجعل القارئ متوقعا وليس مستغربا لحضورهم فيها بهذا الشكل السلس البسيط. في قصة (الدليل)، يكتب المخزنجي (وأي حياة للدليل في قبضة صياد خرج من الماء الدامي منتشيا)، عملية الصيد يصورها بأنها عملية أقرب إلى غير الطبيعية تحصل بشكل مبالغ فيه وبتفنن كبير، الحياة والطبيعة لا تجتمع ولن تجتمع مع الصيد. على أطراف أصابع الأقدام، (كان الميدان مشمسا والظلال تطؤها الأقدام. وفي الوسط كان ثمة رجال كثار بلحى كثيفة وأغطية رؤوس بيضاء وملابس بلون الكتان أو الدمور على هيئة قمصان طويلة فضفاضة وسراويل واسعة كميشة تظهر أرجلهم حتى أعالي الأرساغ...)، يكتب وهو مغرم بذكر التفاصيل والتفاصيل الصغيرة جدا ويحاول أن يقرب الوصف للقارئ ليشعره بالزمان والمكان، كالروائي الذي يصف أحداث روايته، رغم أن القصة القصيرة تركز دوما على التركيبة الأساسية للقصة دون التفاصيل المملة. وفي قصة ذئاب، يطرق المخزنجي باب العلم داخل إطار قصته القصيرة محاولا جعله جزءا منها، وبالشكل الذي يجعل القصة أكثر تعقيدا لكن بإقناع متناه، (ولم يعد هناك أدنى شك في أن هذه الكهوف التي تأوي إليها الذئاب بها مواد تجرد الجزيئات المستقرة من الكتروناتها فتؤينها، تجنها. فهل هي نفايات مشعة تم دفنها سرا في هذه الكهوف، أم أنها مواد أصيلة في تكوين صخور الكهوف؟!). وفي مصيدة لجسد، تطرق للقاء بين الشاب المصري والأوكرانية من مدينة كييف، وسر التميمة التي أهداها لها، هل كان لها وقع السحر عليها؟ أم السحر هو أصلا بين قلوبهم المتحابة الجميلة، تلك التميمة التي اشتراها من خان الخليلي.. ليسحرها بها!! (التميمة مجرد هدية بسيطة من القاهرة لفتاة جميلة من كييف). كتب في قصته العميان وصفا ساخرا للمسؤولين والمحافظين، منهم فاقدون للبصيرة، وصف لطيف جدا قد يكون واقعا وحقيقة، وهي أوصاف قد تتشابه فيهم بشكل فظيع... (كان ذلك في أيام أحد المحافظين.. طويل عريض أكرش.. سترته الفخمة.. سقوط على أي مأدبة يدعى إليها). كتبت فقط عن شريحة واحدة من شرائح هذا الكتاب الثلاثة.. عن فيزيقيات المخزنجي، رغم تميز كل شرائحه، كل قصة في هذا الكتاب الصغير الكبير لها كينونتها الخاصة بها والمختلفة وأهدافها الظاهرة والباطنة. * قاص وروائي