ربما أن المجاعة التي تضرب الصومال منذ بضعة أشهر ليست الأولى، فقد ظل شبح المجاعة يخيّم على تلك المنطقة من العالم منذ عقود عدة؛ بسبب الجفاف، لكن الجديد في المجاعة التي يشهدها الصومال هذه المرة ضراوتها، واتّساع دائرتها إلى مناطق أخرى، وصولاً إلى كينيا، وإثيوبيا، وجيبوتي. ما يزيد من خطورة هذه الكارثة التي أصبحت تهدد حياة 12 مليون شخص غالبيتهم من الأطفال والنساء تضافرها مع كارثتي الاقتتال الداخلي، وارتفاع أسعار الأغذية في العالم، وهو ما دفع منظمة الأممالمتحدة إلى دق ناقوس الخطر، لا سيما في ظل العجز الذي تواجهه مخيماتها داخل الصومال وخارجها، في استقبال وإغاثة الأعداد المتزايدة من اللاجئين الفارين من المجاعة، الذين يبحثون عن الطعام والماء، والذين غالبًا ما يلاقون حتفهم قبل الوصول إلى تلك المخيمات، أو يواجهون خيبة الأمل لدى وصولهم، فلا يجدون ما يسد رمقهم. لا شك أن العالم صدم بمشهد تسونامي المجاعة الذي جسدته صور الأطفال وهم في الرمق الأخير، أو وهم يتساقطون تباعًا وهم في الطريق إلى مخيمات الأممالمتحدة، وهو ما عبّر عنه مجلس الوزراء في اجتماعه أمس الأول برئاسة خادم الحرمين الشريفين، وإصداره الأمر الملكي الكريم بتخصيص 50 ألف دولار لشراء مواد غذائية للاجئين عن طريق برنامج الغذاء العالمي، إلى جانب 10 ملايين أخرى للأدوية، بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية. ويشكل مؤتمر روما الذي نظمته منظمة الأغذية والزراعة أمس الأول، ومؤتمر اسطنبول الذي تعقده منظمة التعاون الإسلامي غدًا لإنقاذ الصومال من تسونامي المجاعة، بارقة أمل لتخليص هذا البلد الشقيق المنكوب من تلك الكارثة، لكن ذلك يقتضي اتخاذ تدابير عملية للتعامل مع التبعات المستقبلية لهذه الكارثة، مثل توفير بذور زراعية مقاومة للجفاف، ودعم مشاريع الري والبنى التحتية الريفية، وبرامج تربية الماشية. بيد أن تلك التدابير والإجراءات تظل بلا معنى ما لم تعِ الأطراف المتنازعة أهمية الدور الافتراضي المناط بها لفض تلك المنازعات، والالتفاف حول إنقاذ وطنهم وشعبهم، وهو ما حث عليه بيان مجلس الوزراء السعودي من خلال مناشدته جميع المتقاتلين الصوماليين نبذ الخلافات، والوقف الفوري لعمليات القتال لفتح الطرق أمام المساعدات الإنسانية.