نفى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي التهم الموجهة للمجامع الفقهية بعدم تعرّضها لقضايا واقع الأمة، خصوصا الأحداث المحدقة بها اليوم . وقال ل «المدينة»: كل ما نزل بالمجتمعات والأقليات الإسلامية من نوازل، فإن المجامع الفقهية في حدّ علمي تعرّضت له بشكل أو بآخر، سواء في المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي أو في المجامع الفقهية الأخرى، مطالبا بتساؤل ممن يتهم المجامع بقوله: ائتوني بتقصير في نازلة ما، لم تتعرض لها المجامع. وعن الأحداث الأخيرة التي أصابت المجتمعات الإسلامية قال: هناك أحداث تحتاج إلى تروٍ وأناةٍ والحكمة في بيان الحكم الشرعي، وفي هذه الأحداث قد بينت المجامع الأحكام العامة والمقاصد الشرعية فيها سواء في بيانات سابقة أو في قرارات في قضايا لها علاقة بهذا، معتبرا تلك الأحداث والمظاهرات التي خرجت في بعض البلدان العربية بثوب سياسي هي من الفتن الكبرى، واختلط بها الحق بالباطل، فكل هذه الحركات فيها حق كثير، لكن اختلط بها باطل، مضيفا: كون هؤلاء يتكلمون من باب الانفتاح والحرية وبما يتعلق بهم من الحقوق الاجتماعية والمالية والعملية، والمطالبة بالقضايا التي تهم الأمة فهذا مهم وجيد، لكنه حق اختلط به الباطل إلى درجة أن البعض أخذ يطالب بحذف ما يشير في الدستور إلى كون الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر التشريع، متسائلا: ما حد هذه الحرية التي يطالبون بها وما هو سقفها؟ تراهم يريدون حرية غير منضبطة بضوابط الشرع وأحكامه سواء الحرية في علاقة الحاكم بالمحكوم، وبحرية المرأة مطلقا، وبحرية المستوى الاجتماعي، فإذا قيل لهم الشرع يقول للإنسان أنت حر في تصرفك وتملكك وفكرك .. لكنها حرية منضبطة بضوابط الشرع لايقبلون ذلك، علما أن في الغرب يقولون: حريتك تقف عند حدود حرية غيرك، فكيف بهؤلاء أصحاب الديمقراطية في الغرب يحددون سقفا للحرية حسب مفاهيمهم، فيما ينادي أصحاب الديمقراطية لدينا بالحرية المنفلتة التي لا يضبطها ضوابط الشرع وأحكامه لدرجة أنهم أباحوا المنكرات، ومن ذلك الحرية الشخصية الغربية فيما يأكل المرء وما يشرب وما يلبس .. ويريدون تطبيقها هنا، فبالله كيف يكون المرء مسلما ويبيح كافة حرياته الشخصية من فعل المنكرات والمخالفات الشرعية الصريحة ؟ متسائلا مرة أخرى: هل من الحرية إباحة الزنا وشرب المسكرات والتخلع، والاختلاط كما هو موجود لدى الغرب ؟!، فإذا أجبتم بأن ذلك محرم في الشريعة الإسلامية وصموك بالتشدد وعدم معرفة واقع العصر!!. مضيفا : إن الإخبار بأحكام الشرع في قضايا الحرية التي ترتفع وتيرتها اليوم بعدم جواز ذلك كما هو الحال من سفور المرأة واختلاطها المحرم بالرجال وغيرها من الأمور المخالفة شرعا، يعتبرونه اعتراضا على مبدأ الحرية التي ينادون بها، ويؤكدون أن الدين شيء وأمر الحرية شيء آخر!!، مشيرا إلى أن هذه هي الحرية التي يريدونها كما أرادها الغرب، معتبرا الحراك في الأحداث التي تموج بها المجتمعات اليوم حقا اختلط بالباطل. وتساءل الحكمي بردّة فعل لما ورد من تساؤلات الكتّاب والصحفيين حول مسألة تطبيق ما أصدرته المجامع الفقهية قديما وحديثا باجتماعات علمية ومناقشات ودراسات وقرارات، هل طبقت فعلا ونفذت تلك القرارات، وهل المجتمع أفرادا وجماعات وشعوبا وحكاما طبقوا تلك القرارات ؟ الإجابة بكل تأكيد لم تطبق سوى النادر منها بما يوافق هواهم، ولهذا المجامع الفقهية لم تقصر أبدا بإصدار حكم الله بفتوى جامعة، بينما المسؤول فردا أو جماعة أو دولة لم ينفذ تلك القرارات إلا نادرا. مؤكدا سماعه لتهمتين خطيرتين إحداهما أن المجامع الفقهية لم تلب حاجات المجتمعات الإسلامية، والثانية وهي ما تردنا هنا في مجتمعنا السعودي، ونسمعها من الصحفيين وكتاب المقالات وغيرهم الذين يريدون الانفتاح والحرية، فيأخذون بسبب ذلك على العلماء بما يتهمونهم به من أنهم لا يتحدثون في واقع المجتمع ومشكلاته. وأشار الحكمي إلى أن هذا الأمر من الظلم، وقال: فأروني قضية اجتماعية أو غيرها مما يهم الوطن لم يتناولها العلماء والدعاة ببيان ما يجب بيانه حولها. والدعوة إلى تحقيق الحق فيها وإبطال الباطل منها، وتابع: نعم.. لا نقول وصل أهل العلم في ذلك إلى الكمال، فالكمال لله وحده، ولكنهم في نظري: لم يقصروا أو يتهاونوا.