أصدر الدكتور سلطان بن محمد القاسمي كتاب الحجر الأسود بغلاف أسود اللون خالي من الصور والتشكيلات البصرية، اكتفى بالكتابة عليه بخط عربي ديواني عنوانه (الحجر الأسود) كأنه صدر وثيقة رسمية من ديوان عربي إسلامي قديم، وهو ما يؤول بأن محتوى الكتاب عن الحجر الأسود بمثابة وثيقة مهمة للمسلمين بما للحجر المذكور من تاريخ عريق مواز لتاريخ الإسلام مع الإنسانية منذ عهد إبراهيم عليه السلام عندما كان يبني وابنه إسماعيل يناوله الحجارة فلما وصل إلى موضع الحجر قال لولده: أبغى حجرا أضعه ها هنا يكون للناس علم يبتدون منه الطواف فذهب إسماعيل يطلب الحجر ورجع وقد جاءه جبريل بالحجر الأسود فقال إسماعيل يا أبتي من أين لك هذا قال: جاءني به من لم يكلني إلى حجرك وكان الحجر حينئذ يتلألأ من شدة بياض نوره شرقا وغربا ومنذ تلك اللحظة والحجر الأسود أحد أشهر وأهم وأقدم مكونات أول بيت وضع للناس والكعبة المشرفة التى يحج إليها المسلمون من كل مكان فى الأرض كركن خامس وأخير من أركان الإسلام المفروضة على كل من استطاع إليه سبيلا، والحجر الأسود من دون عناصر الكعبة جميعها شرف بتقبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم له وهي السنة التي أحياها خليفته أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بسبب رؤيته لتقبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ولذلك أي زائر للكعبة المشرفة يتمنى أن ينال شرف تقبيل هذا الحجر الخالد واضعا وجهه حيث وضع وجه محمد صلى الله عليه وسلم. وفي الحج يستقبل الحجاج الحجر الأسود الموجود في الركن الجنوبي يسار باب الكعبة المشرفة على ارتفاع 110 سم من الأرض ومن أمامه يبدأ الطواف وعنده ينتهي فلا عجب أن يصبح أيقونة لهذه الفريضة ولا مبالغة في إقرارنا بالإعجاب الكبير بمنتج درامي مسرحي يحمل هذه الدلالة السيميائية في عنوانه لأن الرسالة الدرامية الجيدة تقرأ من عنوان يستشف منه النص ولا يستكشف عنوان له لون وملمس وطعم ورائحة وتاريخ فالحجر الأسود صاحب العرب قبل الإسلام وبعده. يعكس هذا التوظيف الجيد اهتمام المؤلف د. سلطان بن القاسمي بتاريخ الأمة العربية لما فيه من خلفية للحاضر الذي ظل في محيط رؤيته منذ أول نص مسرحي قام بصياغته عام 1963م، وهو «وكلاء صهيون»، ويعكس كذلك حرصه على أن يسبق نصه مقدمة لتكون مفتاح دخول عالمه الدرامي ولذلك تقرأ مقدمة الكتاب كجزء أساسي من النص ولذلك أيضا أي عرض جماهيري لها يجب أن يحتال صانعه للبدء بها حتى يتسنى للمشاهد قراءتها، ومقدمة الحجر الأسود مكتوبة بلغة مسرحية جيدة ومستهلة بعبارة ذات مغزى مهم هي «تسود المجتمعات» وهي ترمي إلى توريط المتلقي أو المشاهد فى الحدث المطروح، ومقدمة كهذه تصنع تواصلا بين المتلقى وبين الكاتب وتكسب المعروض صفة الملحمية والتي يدعمها بقوله: «تتيح هذه المسرحية للقارئ أو المشاهد أن يكون فكرة صحيحة عن مصدر الإرهاب، وأن يدعو الناس كما أمرنا المولى سبحانه وتعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتى هى أحسن. استخدام الخطاب القرآني هنا يؤكد أن رسالة النص موجهة إلى المسلمين في كل أنحاء العالم، لينبههم لما يستدرجون له من انشقاقات تهدد أمنهم وسلامتهم ودعوة إلى التمسك بالقرآن كمعين على الاعتصام.