قبل ايام حدثت جريمة القتل التي ارتكبها الخمسيني ضد أبيه الثمانيني جريمة تقشعر لها الأبدان وتدينها كل النفوس وينكرها الجميع .. فيها إزهاق لنفس بشرية تحمل الرحمة بين جوانحها فكم ذاد الجد الثمانيني عن حفيدته ومنع تزويجها من كهول أكل الدهر عليهم وشرب .. ودفع حياته ثمنا لنجاة حفيدته ( نوره ) من مخالب كهل طاعن . ولي مع قضية الفتاه ( نوره ) وقفه هي بعيدة كل البعد عن حيثيات الجريمة ومعطياتها وسأسلط الضوء من جانب مختلف تماما .. ربما من تلك الزاوية التي سأنظر منها نستطيع معرفة المجرم الحقيقي ... فمن خلال متابعتي للخبر المنشور في الصحف اليومية الورقية منها والالكترونية لفت نظري المنزل أو بالأصح العشة التي كانت تسكن فيها عائلة نوره فقد كانت تعكس الوضع المادي الذي تعيشه الأسرة وتدنى المستوى المعيشي للأسرة وكيف أن أسرة نوره وهي أسرة سعودية طبعا تعيش في عشة لا تقي من زمهرير البرد ولا من هجير الشمس في فصل الصيف .. إذا هي أسرة فقيرة ربما فاتها قطار الطفرة او لعلها كانت خارج خطط وزارة الشئون الاجتماعية ..أو لعلها سقطت من حزمة الإجراءات التنموية التي تحدثت عنها وزارة الاقتصاد والتخطيط ... الصورة كانت إطارا توشح برداء الفقر وكل ما فيها كان فقيرا وارتدى المكان حلة من الحاجة والعوز ولا أستطيع أن أصنف ذلك الفقر اهو فقر مدقع ؟ ام فقر مطلق ؟ فوزارة التخطيط هي من يعرف ذلك - واني أكاد اجزم أن أسرة (نوره ) ما هي إلا أنموذج لآلاف الأسر في بلادنا - الفقر والحاجة هما ما دفع الأب لان يحاول تزويج ابنته القاصر من ثمانيني وان يجعل من ابنته صفقة بيع وشراء .. الفقر والعوز هما الدافع الأول والأخير لإتمام تزويج ( نوره ) .. حتى ولو قتل أباه الذي كان حصنا حصينا لحفيدته... الفقر هو من جعل من ( نوره ) سلعة ذات ثمن بخس في عين الأب الذي أعماه الطمع ... الفقر ودوافعه قضى على مستقبل أسرة بكامها بين جد ووري التراب وأب قابع خلف القضبان وبنت قاصر وأطفال صغار ينظرون لمستقبلهم بعيون تملأها الحيرة وقد نقش الحزن ذكراه على محياهم ... ذلك ما صنع الفقر الذي أكدت وزارة التخطيط موته .. ذلك هو الفقر الذي تعلن وزارة التخطيط القضاء عليه ففي حديث سابق لمعالي وزير الاقتصاد والتخطيط أكد فيه بأنه تم القضاء على الفقر المدقع بشكل كلي، وهو يصرح بموت الفقر المدقع في السعودية على نحو كامل .. ولا ادري على أي مقياس للفقر أعلن معاليه تلك الوفاة للفقر المدقع وأي تعريف للفقر اتخذته الوزارة ؟ إن المستوى المعيشي الذي تعيشه أسرة نوره اعتقد انه تحت خط الفقر.. والأمر يتطلب أن يتم التحقيق في غياب كل الجهات ذات الصلة عن وضع الأسرة بدءا من اقرب مكتب للشئون الاجتماعية في المنطقة ... فحالة أسرة نوره وجدت كواقع لا يمكن إنكاره ولا تستطيع أي إحصائية تجاوزه فعليه أتمنى أن تعاد صياغة تعريف الفقر في المجتمع السعودي .. حتى توضع الأشياء في نصابها الصحيح .... ياسر احمد اليوبي - مستورة