«الفن التشكيلي بالمملكة على الخطى الصحيحة قد تكون الخطوات بطيئة لكنها تحقق المراد منها وليس كل الخطوات السريعة تؤدى الهدف إنما تصنع فرقعات مدوية إعلاميًا، ولكنها سرعان ما تذوب وهذا التأني النسبي في التشكيل السعودي قد يحقق طموحات كبيرة لدى فنانات وفناني المملكة بدليل أن الفنان السعودي أصبح يشارك بفنه في معارض دولية، فقد تخطى المحلية وبات يلفت الأنظار..» هكذا تحدث الفنان السعودي وهيب زقزوق بلسان حال جميع فناني المملكة المشاركين فى بينالي الفنون الدولي والذي يقام حاليا بالقاهرة فى «بيت الشاعر»، ودار الأوبرا المصرية. المشاركة السعودية ممثلة في أعمال الفنانين وهيب زقزوق ومحمد الثقفي ومنى القصبي وليلى مال الله ومحمد الحجلان ونهار مرزوق جاءت ضمن مشاركة أكثر من 120 فنانًا يمثلون دولًا عربية وأجنبية مختلفة، وقد لفتت الأعمال السعودية المتلقي المصري والناقد الواعي، إلى درجة أن وزير الثقافة المصرى عماد أبوغازي ظل يدقق فى اللوحات ويتأمل تلك التجارب السعودية.. وحول هذه الأعمال التي شارك بها الفنانون السعوديون يقول الناقد عبدالرازق عكاشة: إن كل تجربة تحمل خصوصيتها وتبرهن أن لكل فنان بصمته الخاصة ورؤيته فى فهم الأشياء وتكوينها بالشكل الذى يراه، وكلما كان للفنان خصوصيته صار له حضوره الخاص، فالفنان السعودى نهار مرزوق يغازل البصر بجدية فى تسجيل اللحظات الزمنية الحية على جدران اللوحة، فنان يستطيع ان يأخذك بعمله وألوانه البسيطة الهادئة فى لحظات إبحار وكأنه يريد ان يقول ضع حدودك هذا الإطار من اللوحة لكنها هى سوف تصنع لك عالما وأخيلة جديدين، ووهيب زقزوق فنان ينسج من المهملات والأعشاب القديمة بعدا إنسانيا يفجر بألوانه طاقاته المبدعة، أما ليلى مال الله فإنها أحست بالشباب والثورة المصرية فقدمت لوحتها من خلال وجه مصري ملفوف بعلم مصري ويحاول ان يستنبط من الماضي لحظات الحاضر والأمل المشرق. كما وصف عكاشة الفنانة منى القصبي بأنها فنانة لها باع كبير في الفن خبراتها وأدواتها تضعها في مصاف كبار التشكيليين بالمملكة تمتاز بعمق الثقافة والرؤية الثاقبة في أعمالها، اما محمد الثقفي النحات الذي يبدو انه يتخذ التراث القديم لاستنباط الحاضر فهو يجمع بين الأصالة والمعاصرة في الرؤية وكأنه فيلسوف قديم بدليل ان عمله المومياء التي تجلس في لوح زجاجي ما هو الا إنسان يطل من التاريخ وكأنه يذكر باللحظة الآنية. مكتسبات كبيرة الناقد الدكتور طلعت عبدالعزيز المصري الذي يعيش في جدة يرى انه على مدار السنوات الماضية استطاع الفن السعودي ان يحقق مكتسبات كبيرة، حيث ظهرت اجيال تعرف ماذا تفعل وهى اجيال تطالع كل ما يحدث في الغرب وبرغم ذلك الفنان السعودي يحمل خصوصية عالية.. كما أن الفن السعودي يلقى دعما كبيرا من المسؤولين، ومن وجهة نظري كلما وجد الفنان رعاية كلما كان واجهة مشرفة في فنه وبلده. مضيفًا: إن المجموعة المشاركة في البينالي لهم حضورهم على الساحة التشكيلية سواء محمد العبلان او محمد الثقفي ومنى القصبي وهيب زقزوق ونهار مرزوق وليلى مال الله جميعهم فنانون يحملون رؤية فنية وهو ما نطلق عليه الفنان المدرك لما يفعل من إبداعات وهم فنانون يحملون قيمًا إنسانية فالفن لا يتوقف عند حدود أو طن. من جانبهم عبر فنانو المملكة عن سعادتهم البالغة بالمشاركة في هذا البينالي الحاشد بالفنانين معربين عن تقديرهم للدولة المضيفة ومؤكدين أن مشاركتهم لها مشاركة فناني المملكة لهو دليل على ان الفن السعودي يمشى في طريقه الصحيح بعد أن ظهر مبدعون صار لهم مكانتهم الإبداعية فى مجال الرسم والنحت، حيث يقول الفنان نهار مرزوق: استمتعت بالمشاركة في هذا البينالي في هذا التوقيت ومعنى مشاركتي اننا لسنا مع احد ضد احد ولكن مع النقطة الصحيحة ومن اجل الفن والفن هو دائما ما يكون في قلب الأحداث يعبر عنها الفن بعين الانسان الواعي، لأن الفن الصحيح صار مبشرا بعد أن أصبح للتشكيلي السعودي يحتل مكانته في جميع الميادين والمعارض سواء العربية او الدولية. أما التشكيلية منى القصبي فأشارت إلى أن سر سعادتها هو إقامة هذا المعرض بين مكان تاريخي وهي القاهرة التاريخية، وقالت: لقد وقفت طويلا اطل من نافذة مبنى بيت الشاعر اتامل هذا المكان وتلك البيوت التاريخية التي ترجع لفترات في التاريخ الاسلامي، إن اختيار المكان يصنع تماذجًا مع اللوحات عندها تكون اللوحة ذات قيمة. الفنان وهيب مرزوق قال: المشاركة كانت هادفة حيث التقاء الفنانين من جميع انحاء العالم في معرض يشكل دراما العمل الفني وهو تعبير عن روح التعاون وخلق جو محبة الأشقاء العرب لبعضهم البعض والتواصل مع فنون وتجارب فناني الغرب. فيما أشار الفنان النحات محمد الثقفي إلى أن رؤيته جاءت في عمله النحتي عبارة عن مومياء تلتحف زجاجا شفافا وكأنها تنظر الى العالم من خلف زجاجها، ومضيفًا: اتخذ من التاريخ القديم محصنًا، حيث المومياوات والشعب الذي يحمل التاريخ والأصالة ويقف على أرض صلبة ويتحدى كل الصعاب. الفنانة ليلى مال الله والتي تشارك لاول مرة في البينالي عبرت عن فرحتها وبتلاقي كل الابداعيين من مختلف الدول العربية والأجنبية، حيث تبادل المعرفة والمختلف التيارات الفنية الذي يجمع بين الأصالة والمعاصر، مؤكدة أن قيمة الفن هو التلاحم مع القيم الإنسانية النبيلة والمعرض تتلاحم فيه الفرشاة مع ما يختلج بداخل الفنانين مع الشعب المصري الذي يحمل قيما إنسانية كبيرة وهو إحساس رائع للفنان عندما يشارك بفنه في هموم وحياة الناس فالفنان هو مرآة الواقع.