إن اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية ليس بغريب عليها، فالمفروض أن تكون المدينةالمنورة من الأوائل باعتبارها عاصمة الثقافة الإسلامية منذ عهد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، فالمصطفى هاجر إلى المدينةالمنورة واتخذها عاصمة للإسلام والمسلمين، وعاش فيها الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومنها انطلقت جميع الرسالات إلى ملوك العالم وإلى الدول وإلى العواصم، فبذلك المدينة هي جديرة بأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية. حتى الرسول صلّى الله عليه وسلّم حينما بنى مسجده كان مسجده الشريف عبارة عن عاصمة كبرى للمدن الإسلامية الكبرى، فمنها انطلقت الجيوش، ومنها انطلقت الفتوحات، ومنها انطلق العلم والعلماء، وحتى بعد عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أيام الدولتين الأموية والعباسية كان مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم منارة للعلم والعلماء، فقد كان يأتي إليه العلماء بقصد التشرف بالصلاة والسلام على سيد البشر، ثم إقامة الدروس والعلم هناك، فالمدينةالمنورة منذ عهدها الأول منذ أن سمّاها الله بالمدينة، وطيبة، ومنذ أن شرّفها الرسول صلّى الله عليه وسلّم وغيّر اسمها من يثرب إلى طيبة (إنها طيبة الطيبة)، فهي تشرفت بالرسول صلّى الله عليه وسلّم وأصبحت هي أم المدائن، إذ لا يماثلها إلاّ مكةالمكرمة. فالمدينةالمنورة من أولى عواصم المدن الإسلامية. وأتذكر في أيام الأمير فيصل بن فهد -يرحمه الله- حينما كان رئيسًا عامًا لرعاية الشباب، وحينما تأسست الأندية الأدبية والتي كانت تتبع لرعاية الشباب كان نادي المدينة الأدبي من ضمن أول خمسة أندية أدبية تأسست في المملكة العربية السعودية برفقة نادي مكة ونادي جدة ونادي المدينة ونادي الطائف ونادي جازان، وكان قد تقدم النادي الأدبي بالمدينة في تلك الفترة بمقترح يتضمن أن تكون المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية من قبل سمو الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله-؛ ولكن انشغال سموّه في تلك السنوات بأمور الرياضة ومكافحة المخدرات لذلك لم يجد هذا الأمر اهتمامًا من قبل الإعلام ومن النشر، ومن غيره من الأمور التي أشغلت رعاية الشباب في تلك الفترة. وأنا لا أنكر أن الاختيار هذا جاء متأخرًا إذ كان من المفترض أن يتم الاحتفاء بالمدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية من سنوات طويلة مضت؛ ولكن بعد قدوم سمو الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير المنطقة حفظه الله وبعد وجود وزارة الثقافة والإعلام نتوقع أن يتم طرح مثل هذه الفكرة، وأنا هنا أهيب بدور وسائل الإعلام المختلفة في النهوض بقرار الاختيار للمدينة عاصمة للثقافة الإسلامية فضلاً عن الدعايات واللافتات في الشوارع وهو ما سيقوم بدوره حول الاحتفاء بهذا الحدث الكبير، كما ينبغي الإشارة إلى ضرورة الاهتمام بآثار المدينة ومعالمها وشواهدها التي طمست فهناك آثار تحتاج إلى ترميم وهناك بعض الآثار التي ينبغي إبرازها فكثير ممن يأتون إلى المدينة يأتون إليها ولا يعرفون الكثير عنها من الآثار النبوية، حبذا لو كتبت لافتات تعريفية عنها. (*) عضو نادي المدينة الأدبي