إن النفس البشرية مثل الرحى الدائرة لا تهدأ ولا تقف أبداً ولابد لها من شيء تطحنه والمسلم على وجه الخصوص يعيش في صراع دائم مع هذه النفس فيأطرها على الحق أحياناً وقد يغلب هواه أحياناً أخرى ولما كان الأمر كذلك كان ولابد للفاهم المنتبه أن يستعين بالله عز وجل أولاً ثم يأخذ نفسه بمجاهدتها ثانياً ويتمم ما سبق بالحزم لأن الاستعانة بالله هي الأساس الذي لابد منه ولذلك نردد في كل ركعة من صلواتنا وتنفلنا قوله سبحانه إياك نعبد وإياك نستعين فتأمل أخي كيف عطف سبحانه وتعالى وجوب الاستعانة به على العبودية له عز وجل إذ أنه لا يتصور أن توجد عبودية بدون استعانة ولا يخطر ببالك مطلقاً أن هنالك شيئاً في أمور حياتك لا يحتاج إلى استعانة من الله سبحانه فها هو المسلم إذا سمع قول المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح أجابه بقوله لا حول ولا قوة إلا بالله أي أن لا حول ولا قوة بإجابة المؤذن والذهاب إلى المسجد إلا بالله تعالى واسمع إلى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه إذ يقول المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ثم يقول استعن بالله ولا تعجز أما المجاهدة فما أجمل ما وعد به الله سبحانه وتعالى من جاهد نفسه على طاعته وأتباعه إذ وعدهم بالهداية التامة في جميع السبل والطرق فيقول جل شأنه (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) أما الحزم فهو تعويد النفس على الخير وأقل ما في الخير التسامح وهو أن نشعر بالتعاطف والرحمة والحنان ونحمل كل ذلك في قلوبنا، التسامح هو أن تكون أخي القارئ مفتوح القلب وأن لا تشعر بالغضب والمشاعر السلبية التسامح هو الشعور بالسلام والحب لشخصك الذي أمامك التسامح هو أن تعلم أن البشر خطاؤون وخير الخطائين التوابون وكل خطأ مع التوبة يصلحه الله التسامح في اللغة هو التساهل والتسامح هو نصف السعادة في قلبك وروحك إن الاختيار أن لا نجد الكره أو الغضب في قلوبنا لأي أحد وأن تتخلى عن الرغبة في إيذاء الآخرين بسبب شيء قد حدث في الماضي إنه الرغبة في أن نفتح قلوبنا وعيوننا للآخرين ونرحب بهم ونصفح عنهم بدلاً من أن نحاكمهم وندينهم.. هذا وبالله التوفيق. حسن علي الفيفي - الرياض