شهدت محافظة الخوبة (الحرث) ابتداء من فجر أمس الجمعة عودة الحياة التدريجية إلى القرى التي تقع ضمن المناطق الآمنة، والتي حددت ب 122 قرية، بعد العودة الجماعية للسكان، حيث لا تزال أفواج العائدين تتقاطر على القرى دون توقف حتى اللحظة. في يوم أطلق عليه أبناء المحافظة «جمعة العودة» بعد غياب قسري عن ديارهم التي هجروها منذ ما يقارب العام والثمانية أشهر، بعد الاعتداء السافر من الحوثيين على قراهم الحدودية «المدينة» تواجدت في قرى الخوبة وشهدت صلاة الجمعة في الجامع الذي يقع بجوار مبنى المحافظة وسط حضور كبير من المواطنين، وتم رصد انطباعات العديد منهم الذين بدؤوا بتجهيز منازلهم للسكن بها بعد أن منحتهم الدولة المبالغ المالية نظير الأضرار التي لحقت بها «دموع الفرح» العديد من المواطنين وخاصة كبار السن أجهشوا بالبكاء وهم يشاهدون منازلهم لأول مرة بعد مغادرتها الإجبارية بعد الاعتداء السافر من الحوثيين، معبرين عن فرحتهم الغامرة بالعودة إلى ديارهم. بدورهم قام أفراد القوات المسلحة الأمن بتقديم المساعدات للعائدين وساهموا في انسيابية الحركة على الطريق، حيث كانوا يدققون في هويات قائدي المركبات من العمالة التي تنقل الأمتعة والدواب للقرى. وقال أحد العائدين (علي هزازي): أشكر حكومة خادم الحرمين الشريفين على ما بذلوه لكافة أبناء الخوبة، حيث إننا كنا نعتبر أنفسنا ضيوفًا على أبو متعب، فبالرغم من مرارة فراق منازلنا إلا انه تكفل بإقامتنا خلال فترة النزوح عن قرانا. الأمن والأمان أما أحمد حنيش أحد النازحين من قرية الدفنية فقال: «فرحتنا اليوم كبيرة بعودتنا إلى منازلنا سالمين غانمين صحيح أنني وجدت الكثير من أثاثي ناقصًا لكن الحمد لله أن من الله علينا بنعمة الأمن والأمان والصحة والعافية، فأثناء نزوحنا وجدنا كل حاجاتنا مؤمنة من خلال المؤن والملابس وكذلك دعمنا ماديًا ومعنويًا، فحكومتنا لم تقصر في تلك الفترة العصيبة علينا، وعند عودتنا تم تعويضنا بمبالغ مالية». وفي ذات السياق قال محمد على منيف: «عدت إلى منزلي وسمعت بأن البلدية قد قامت بتنظيف المحافظة، ولكن عندما وصلنا إلى منازلنا لم نشاهد أي مكان نظيف في كل الأحياء، وأنا أتحدث عن الحي الذي أسكنه لا يزال مليئًا بالنفايات، وهناك العديد من الأعيرة النارية تملأ الشوارع الداخلية للحي والصناديق الفارغة من الأسلحة. من ناحيته قال الشيخ علي عياشي شيخ قرية سودانه أحد العائدين إلى الخوبة مسترجعًا ذكريات نزوجه من الخوبة قبل عام وثمانية أشهر بأنها كانت معاناة فقد تحدث والدموع تتساقط من عينيه قائلًا: نحن تركنا منازلنا وممتلكاتنا استجابة لولاة الأمر فخرجنا منها وكانت عدد عائلاتنا أربع أسر مكونة كل أسرة من زوج وزوجة وأبناء، كنا نسكن في مدينة جازان في غرفتين وكان الإيجار مرتفع جدًا، حتى مع دعم الدولة لنا حفظها الله، فقد وجدنا أثناء نزوحنا كل الحب والوفاء والأيدي الكريمة التي ساندتنا في كربتنا ووفرت لنا حاجاتنا الأساسية، ولكن الرغبة بالعودة كانت كبيرة حتى منّ بها علينا الله اليوم، ويضيف: «منذ 60 عامًا لم أفارق قريتي، والحمد لله، فحبنا لهذه القرية هو الذي جعلنا نتمسك بها ونتمنى الموت على ترابها». دعم القيادة وعبر أحمد الأمير أحد سكان قرية المروة عن فرحته بهذه العودة بقوله: «رجعنا إلى الأرض ورجعنا إلى الحياة وسعادتنا لا توصف ونحن نرى بيوتنا من جديد وأتقدم بالشكر إلى قيادتنا الرشيدة وعلى رأسهم مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله فهو بعد الله لم يبخل علينا بشيء، وأمن لنا كل ما نحتاج. وفي قرية المعطن التابعة لمركز الخشل كان المواطن عبدالله مجرشي وأبناؤه يقومون بإعادة تأهيل منزلهم المهجور، والبحث عن مكان ملائم لبناء حظيرة لأغنامهم، فيما بدت الفرحة بادية على الطفلة نورة المجرشي ابنة العامين، وهي تلعب في فناء المنزل، فيما ساد الفرح بين أفراد الأسرة بالعودة الميمونة. فيما كان أحد الأطفال (محمد) يتجول بداخل مدرسته التي هجرها منذ العامين، وقد كان يستعيد ذكرياته مع زملائه وبعض أقاربه الذين فرقت بينهم هذه الحرب التي باتت في ذكرى أهالي النازحين، وقال: كان هنا فصلي، وهنا كنت أجلس وبجواري ابن عمي حسين، الذي لازمني في الدراسة منذ الصف الأول الابتدائي، وأضاف: إنني مشتاق للعودة إلى المدرسة، وإن شاء الله العام المقبل سأعود إليها بشوق كبير.