أعادت الاحتفالات التي شهدها السودان الجنوبي أمس بمناسبة الإعلان رسميا عن استقلاله عن شماله التذكير بأن هنالك دولة تواجه مخاضًا قاسيًا يعتبر الأطول في تاريخ استقلال الدول بالرغم من أن القرار الأممي القاضي باستقلال تلك الدولة يعود إلى العام 1947 عندما صدر قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما إسرائيلية والأخرى فلسطينية ، وحيث تأسست دولة إسرائيل فعليا بعد أقل من عام من صدور القرار ، فيما أن الدولة الفلسطينية لم تر النور حتى الآن . استقلال دولة جنوب السودان واحتفال العالم بهذه المناسبة من خلال مشاركة 80 رئيس دولة ومنظمة دولية كان الرئيس السوداني عمر حسن البشير في مقدمتهم ، إلى جانب السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون ، حمل أكثر من تساؤل حول التناقض في الموقف الدولي فيما يتعلق بحق تقرير المصير للشعوب الذي يعتبر أحد المبادئ الأساسية في ميثاق الأممالمتحدة ، وأيضًا من خلال ضمان مؤسسات المجتمع الدولي ، وعلى رأسها الأممالمتحدة لاتفاقيات السلام التي يتم التوصل إليها بين الدول، والذي تعتبر حالة دولة جنوب السودان مثالاً لها عندما تم تنفيذ اتفاق نيفاشا بضمانة كافة المنظمات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ، فيما أن عشرات القرارات الدولية ، واتفاقيات السلام التي تم التوصل إليها بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ، وتوصيات اللجنة الرباعية التي تضم الأممالمتحدة في عضويتها ، والرؤية الأمريكية لحل الدولتين التي التزمت بها الإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية لا يبدو أنها كافية حتى الآن لإنهاء المخاض الفلسطيني وولادة الدولة التي لم يتبق منها إلى القليل في ظل استمرار إسرائيل في ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية من خلال سياسة الاستيطان والتهويد والجدار الفاصل. تواصل الضغوط الأمريكية على السلطة الفلسطينية لمنعها من التوجه إلى الأممالمتحدة ، والذي تمثل مؤخرًا في تحذير مجلس النواب الأمريكي الفلسطينيين من أنهم سيواجهون احتمال خفض المساعدات الأمريكية إذا قرروا المضي في خطتهم السعي لطلب الاعتراف بدولتهم في الأممالمتحدة يتناقض بشكل صارخ مع موقف واشنطن وتل أبيب والأممالمتحدة التي رحبت جميعها بإعلان استقلال دولة جنوب السودان ، وهو ترحيب يظل بلا معنى عندما ترفض تلك الأطراف تطبيق المعايير نفسها في الحالة الفلسطينية.