نشرت جريدة «عرب نيوز» مؤخرًا خبرًا، ذكرت فيه بأن الجهات المختصة بإمارة منطقة جازان ألقت القبض على أحد المواطنين بتهمة عدم إعطاء خادمته السريلانكية رواتبها منذ عام 1997م، وذلك بناء على بلاغ من أحد جيرانه. أربعة عشر عامًا من الظلم والحرمان.. أربعة عشر عامًا عمر بأكمله حبس في سراديب الخوف المبطنة بالوعيد والتهديد.. وإلاّ لماذا لم تجرؤ على أن تتقدم طيلة هذه السنين بأي بلاغ ضد مكفولها، أو تحاول الاتصال بأي أحد، أو تهرب من هذا الجحيم؟ قصة إن اكتملت خيوطها ستسطر بكثير من الأسرار والإثارة، وأنا على ثقة بأن الأمير محمد بن ناصر أمير منطقة جازان يولي هذا الموضوع اهتمامًا شخصيًّا لكشف ملابساته. قصة مواطن جازان حالة نادرة، ولكن تأخّر دفع الأجور، وخاصة لفئة العمالة المنزلية، غدت ظاهرة.. فمنذ فترة ذكر لي أحد الأقارب بأنه يحتفظ برواتب مستخدميه، وخاصة خادماته لمدة تصل إلى السنة، بل ولا يعطيهم أجورهم إلاّ عند سفرهم، وعند سؤاله عن السبب أجابني بأن ذلك ينصب في مصلحتهم من ناحية حفظ حقوقهم، وتجميعها لهم!! كما أنه ضمانة بعدم هروبهم!! وذكر لي كثيرًا من أصدقائه ينتهجون هذا الأسلوب.. ممّا يعني بأن هذه الظاهرة منتشرة لدينا بدرجات متفاوتة. يا اخوان.. إن ديننا الحنيف حثنا من منطلقاته الاجتماعية والإنسانية على مبدأ «أعطِ الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»، وهو أمر وتوجيه واضح بسرعة إعطاء أجر الأجير حال انتهاء عمله، فكيف نماطل ونراوغ ونؤجل إعطاء الأجرة تحت ذرائع ومسببات مختلفة، ليست مقبولة دينيًّا، ولا إنسانيًّا. إن الأساس الذي تقوم عليه العلاقة بين الكفيل والمكفول يرتكز على عاملين، أحدهما المعاملة الحسنة، والآخر الالتزام بدفع أجر المكفول، واختلال أحد هذين العاملين يولّد الحقد والحنق بين الطرفين؛ ممّا قد يؤدّي إلى حدوث مشكلات بينهما، تبدأ بظهور التصرفات السلبية والسيئة بينهما داخل نطاق المنزل، مرورًا بالسحر والشعوذة، وانتشار ظاهرة الهروب، وانتهاءً بالجرائم الأسرية.. ونحن حين ننادي الجميع بالرفق بالأجير ندعو الجهات المختصة إلى وضع أنظمة وقوانين صارمة تضمن دفع حقوق هذه الفئات بدون تأخير، أو تسويف، أو مماطلة.