* فن الخبر الصحفي.. * هذا هو عنوان الكتاب، الذي نتناوله. * وكدت أقول: (فن تحرير الخبر الصحافي، أو فنيات تحرير الخبر الصحافي). * وددت لو دار البحث حول (فنيات المنتج، لا فن المنتج)، لأن الخبر الصحافي في النهاية، منتج مهني، وليس هو نهاية وغاية، أو أداة وصول لأي منهما. * وقد يكون من الأفضل، لو قلنا الصحافي، نسبة إلى المهنة لا إلى نتاج المهنة. * تطبيقات البحث كما رأينا، جاءت على الخبر في الصحافة السعودية، فالمؤلف كان دقيقًا في توصيفات البحث وتخصيصه، لأنه لو قال (التحرير الصحافي)، لشمل بذلك مواد أخرى خلاف الخبر، ولكنه الخبر الذي هو صنعة المخبر الصحافي، وقد أحببت وأنا أتصفح الكتاب بعد صدوره، أن لو شمل البحث كذلك، محرر الخبر الصحافي بشكل أوسع، وقد يكون هذا، من البحوث القادمة في (سلسلة بحوث ودراسات الصحافة.. فن ومهنة) الذي أشار إليها الباحث في غلافي الكتاب. * خالد بن محمد الخضري.. * ليس صحافيًا فقط.. وإن قدم إلينا نفسه قبل ربع قرن من هذا الباب. إنه كاتب قصة ورواية، وأديب ذواقة، وباحث نشط، يتمتع بالصبر، ويتذوق التعب الجميل في مهنة المتاعب، وفي تصفح الكتب وملاحقة المصادر والمراجع المختلفة. * في الفصل الأول من الكتاب.. * بعد الإهداء والتقديم والمقدمة، يتناول الباحث: مفاهيم الصحافة، وتفريعاتها في سبعة مداخل. هذا الفصل، يحتل أهمية خاصة، فهو بمثابة جسر يقود إلى قلب البحث، وهو تمهيد مستفيض، يضع القارئ في الصورة اللغوية والتاريخية والزمنية والاصطلاحية للصحافة، كمهنة بنائية في المجتمعات المتحضرة، التي تحترم الصحافة، لأنها تحترم الحقائق، وتنشد الحرية في ذاتها. * في الفصل الثاني.. * يقفز إلى الواجهة، موضوع البحث الخبر الصحافي من منظور علمي وفلسفي، في جملة متراكمة من المفاهيم والتعريفات والتقسيمات، بين اشتراكية، وأخرى ليبرالية ومحافظة، وغيرها. * في الفصل الثالث.. * نقف على مصادر الأخبار ومسالكها، لنكتشف: أن الحوادث، التي هي الوقائع وليس الأحداث، لأن الأحداث مصطلح يشير إلى صغار السن ليست وحدها من يصنع الأخبار الصحافية التي عادة ما نقرؤها في الصحف. هناك مصادر يهمها نشر الخبر بطريقتها وكما تريد هي، وهناك صحافيون قد يسهمون في صناعة أخبار، إما لترضيهم هم، أو لتخدم جهات يعملون من أجلها. * في الفصل الرابع.. * فن صياغة الخبر الصحافي.. هناك نجد مربط الخبر لا المخبر! حيث يطبخ الخبر الصحافي على نار استفهامات ستة، فإذا نقص واحد منها، تأتي الطبخة ناقصة أو محترقة، ثم إن الخبر الصحافي كذلك، يتقلب بين قوالب عدة، منها بيض الأوز، ومنها ذلك الهرم قائمًا أو مقلوبًا، ومنها ما هو مشوق أو متتابع، أو سردي، أو دورقي وماسي. وهلم.. جرا. * في الفصل الخامس.. * نقف مرة أخرى مع المؤلف، ولكن في فنية الخبر الصحافي، التي ربما تحددها حاستنا السادسة، من يملكها ومن لا يملكها منا..! كيف يفسر الحس الصحافي عند المخبر؟ وما الذي ينمي هذا الحس عنده؟ وما عوامل إيقاظ حاسة صحافية من هذا النوع، إذا هي خبت أو نامت وتلاشت؟ وما القواعد العشر لملاحقة الأخبار؟ * هي دروس مهمة، يقدمها الكاتب، لأولئك المبتدئين، الذين يلجون بلاط صاحبة الجلالة لأول مرة، وقد يحتاجها سابقون للصقل، وهي في المجمل، لم تأت اعتباطًا، ولكنها تستند إلى مصادر موثوقة، ومراجع معروفة، وهي نتاج خبرات بشرية سبقتنا في هذا المجال، فلماذا لا نطلب الحكمة الصحافية، ولو من كتاب خالد الخضري؟ * في الفصل السادس.. * ولج المؤلف بابًا واسعًا هو: (واقع الصحافة السعودية في ظل نظام المؤسسات)، ثم تكلم عليه من صفحة 125 إلى صفحة 136، في مدخل، ثم في أسباب الخلل، والصحافة السعودية، والتركيز على الخبر المحلي، والدوائر المؤثرة في الأهمية للخبر، ونظام المؤسسات الصحافية في المملكة. عناوين كبيرة، كل منها يحتاج إلى بحث مستقل. * والواقع.. أن البحث تحت هذا العنوان، يحتاج إلى كتاب آخر، وليس عشر صفحات، كما أن واقع الصحافة السعودية، لا علاقة له ببحث يتناول فنيات الخبر الصحافي، الذي هو جزء بسيط، من عمل الصحافة السعودية. هذا ظني، وبعض الظن، ليس بإثم. * في المدخل.. بدا وكأن المؤلف، يحاكم صحفنا بشكلها الحالي، ويحيل ما يراه من عجز، إلى نظام المؤسسات. * سوف أنتقل قليلًا، بين المنزلة بين منزلتين، إلى منزلة متطرفة، لكي أوضح أني لست مع الباحث في هذه الجزئية بالذات.. بل العكس هو الصحيح. لأن نظام المؤسسات الصحافية، يملك آلية أفضل بكثير من غيره، وقد انتشل صحافة الأفراد، من القاع إلى القمة، قبل خمسين عامًا. * وقد ذكر الزميل خالد جملة أسباب، قال أنها مسؤولة عن الخلل والعجز الذي رآه في صحافة المؤسسات. قد أوافقه في مسؤولية مجالس الإدارة مثلًا، وكذلك التداخل في الصلاحيات، بين التحرير والإدارة، وتسلط بعض المديرين ورؤساء التحرير، ولكنه تجاهل عامل البيئة الاجتماعية، التي تصدر فيها هذه الصحف، وتأثير الثقافة السائدة، على التطوير والبناء بشكل عام، ومنه العمل الصحافي. فالتشدد والتطرف، والرفض لكل جديد، سمة بارزة من سمات ثقافتنا السائدة، حتى يوم الناس هذا، وقد أثر هذا بمجمله كثيرًا في مستويات صحفنا، التي ظلت تقاوم هذا المد الرجعي، وهذه الردة الحضارية، سنوات طويلة. * هناك كلام كثير في هذا الشأن، لا يتسع المجال لذكره، لنتركه إذن لبحوث قادمة. * في الفصل السابع والأخير.. * وفي كتاب جاء في 218 صفحة من الحجم الوسط، تناول المؤلف، جانب التدريب والتطبيق على الخبر الصحافي في الصحافة السعودية. * حسنًا فعل، فقد تناولت هذه التدريبات: تنمية الحس الصحافي، والمعرفة بمدى تقيد الأخبار، بالاجابة عن الأسئلة التكوينية الستة للخبر الصالح للنشر، ومعرفة المعلومات الإخبارية الأكثر أهمية، وتطبيق ذلك على الصحافة السعودية. * في الختام.. * أود أن أعبر هنا، عن إعجابي بهذا الجهد البحثي المتميز حقًا، وغير المسبوق في مجاله، وأن أشكر الزميل الباحث الأستاذ (خالد الخضري) على صبره وجلده ومثابرته، حتى أنجز هذا العمل، الذي يؤسس لمدرسة بحثية مستحقة، في فن التناول الصحافي بيننا، ويحرض على مهنة رائدة، تُحترم من أبنائها قبل غيرهم، ويكشف لطلاب هذه المهنة من الدرس الأول، أن الخبر الذي يستحق النشر في كل صحيفة ممتهنة، ليس في أن: (كلبًا عض رجلًا، ولكن في رجل عض كلبًا). * رئيس نادي الطائف الأدبي الثقافي.