ليس غريباً أن تكون صورة مصر ما قبل 25 يناير غيرها بعد 25 يناير . ففي 25 فبراير 2010، رسم تقرير صدر عن مركز «وودرو ويلسون» الأمريكي صورة متشائمة حول مستقبل مصر بعد انتهاء عصر مبارك استبعد فيه أن تسترد مصر زعامتها للعالم العربي، قائلاً: إنها لن تعود «أم الدنيا» كما كانت «مهما كان من سيحكم مصر». ولقد وضع القائمون على هذا التقرير حساباتهم على فرضية أسقطتها جماهير الشعب المصري، وهي تولي نجل الرئيس مبارك «جمال مبارك» السلطة خلفاً لوالده. إذ لم يرجح تقرير مركز «وودرو ويلسون» أن تستعيد مصر على يده مكانتها وزعامتها التي فقدتها، حيث «من غير المرجح على ما يبدو»، كما يقول التقرير، «أن أي زعيم لمصر (بعد مبارك) سيكون قادراً على استعادة دورها بوصفها أم الدنيا (...) ومهما كان من سيحكم مصر بعد مبارك فسيأتي على مشهد عربي شهد تغييراً لا رجعة فيه، هذا المشهد لا يقتصر على عالم عربي متعدد الأقطاب مالياً وسياسياً بل إن جناحيه الشرقي والغربي مشدودان ببطء إلى اتجاهين متضادين في أسواق العالم المختلفة». واعتبر التقرير أن «قوى الطرد المركزي الاقتصادية أصبحت أكثر قوة من قوى الجاذبية السياسية»، موضحاً أنه «بالنسبة لدول الخليج المصدرة للنفط والغاز، أصبحت الاقتصاديات المزدهرة في الصين والهند وغيرهما من الدول الآسيوية موضع جذب قوياً، في حين يلعب الاتحاد الأوروبي هذا الدور بالنسبة لأقطار المغرب العربي». وخلص تقرير مركز «وودرو ويلسون»إلى أن العالم العربي لم يعد راغباً في دور مصري قوى، قائلاً: «لم يعد واضحاً ما الذي سيجنيه العالم العربي من عودة مصر متبخترة إلى مركز الصدارة، فلا يوجد (نموذج مصري) مغرٍ للتنمية سواء السياسية أو الاقتصادية، كما أن التفكير الجديد والرؤى والمبادرات جاءت بالأساس من دول الخليج وحكامها الطلقاء المتنافسين في حين أن الطبيعة الفرعونية لمصر كتفتها عن الشروع في أي تغيير جذري، وفى الإجمال، فإن العالم العربي اكتسب حيوية من تراجع مصر». وإذا كان من المبكر التنبؤ بما ستسفر عنه سياسة مصر المستقبلية تجاه انتمائها العربي أو سياستها الخارجية، حيث تأخذ الثورات في كل العالم وقتاً طويلاً لتحقيق مطالبها، إلا أن ما أسفر عنه وجه هذه الثورة المجيدة من خلال ما تم اتخاذه من إجراءات حتى الآن بدءاً بإلغاء الدستور، وتوقيف عمل مجلس الشعب، ومحاسبة الذين تحملوا وزر المسؤولية في المرحلة السابقة، كلها مؤشرات تدل على نهج صحيح في إدارة البلاد. «لقد بات المصريون»، كما يقول د. فايز صايغ، «يتطلعون إلى دور مصر القومي المألوف منذ انطلاقة ثورة الضباط الأحرار عام 1952 بزعامة المرفوعة صورته بعد أكثر من أربعين عاماً على رحيله، الزعيم جمال عبد الناصر، والانعتاق من حالة تقزيم مصر بدور إسرائيلي في مواجهة شعب غزة المحاصر منذ أربع سنوات، وتنفيذ الإملاءات الإسرائيلية لفصل عرى التعاون العربي- العربي وفي مقدمته علاقات مصر التاريخية بسورية». ولكن لا يمكن بالطبع أن يحدث التغيير في يوم وليلة. إن يوم 25 يناير ليس إلا بداية الفعل الديمقراطي وصولاً إلى التغيير الشامل. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain