بداية أعترفُ بأنَّ لي صحيفة «سوابق» لدى العلاقات العامة بالخطوط السعودية، لن تشفع لي برحلة مجاملة، ولا حتى ل(ينبع)، من كثر ما كتبتُ من ملاحظات على أدائها، فما بالكم ل(تولوز) التي يحلو فيها (اللوز) على أنغام صوت فيروز..؟! واليوم سأمحو تلك السوابق -لا بالإشادة برئيس العلاقات فيها لأنني أجهل «من أين تؤكل الكتف»- ولكن بالإشادة باللقاء المتلفز الذي أجراه التلفزيون السعودي مع معالى المهندس «خالد الملحم» الذي استطاع خلاله من الانفلات من كل الشِّباك التي نصبها له المحاورون عن طريق الرّد الوافي والمقنع في نفس الوقت، لقد كانت ردود معاليه هادئة، تخلو من العصبية، وتنم عن شخصية إدارية مدركة لكل ما يجري في محيط عملها، لدرجة نظن معها أنه (مسافر) يسافر على متن كل طائرة، ويمر كغيره بمشكلة الحجوزات والإلغاء، والتأخير.. إلخ. حينما أوكلت مهمة الخطوط السعودية للمهندس «خالد»، استبشرتُ خيرًا، فسُمعته، وكذلك إصلاحاته الإدارية، ونجاحاته التي حققها في قطاع الاتصالات، تجعلنا نتفاءل خيرًا به، وتؤهله إلى أن يقود هذه المؤسسة الجبارة، لاسيما وأنها على أعتاب (الخصخصة)، ويكفيه في هذا الجانب، أنه ترك شركة الاتّصالات السعودية، وقد بلغت إيراداتها أكثر من مقدار ما خُصص من ميزانية للخطوط السعودية لعام 2011 البالغة (20.9) مليار ريال.. ولا أعلم ما هي العقبات التي تعترض طريق هذا الرجل، الذي ساقه نجاحه إلى الوصول إلى هذا المرفق المليء بالمتاعب، ففي الوقت الذي كنّا نأمل فيه بأن تقوم الخطوط السعودية بالإنفاق على نفسها من خلال إيراداتها، فوجئنا بأنها تلقت دعمًا بما يعادل (6.6٪) من مجموع ميزانيتها، ولذلك أسباب لا شك، لم تطلها أسئلة الزملاء، وستظل الأسئلة قائمة. الأسئلة التي طرحت مشاعة: (عدم وجود حجوزات، تأخير في الإقلاع، كثرة الأعطال)، ولم يجد المهندس «الملحم» صعوبة في الرد عليها، الأجوبة كانت (معظم الذين يبادرون بالحجز لا يسافر سوى 23٪ منهم، وأمّا بالنسبة للتأخير فقد يكون سببه التغيرات المناخية، أو الأعطال المفاجئة)، وهي إجابات مقنعة من وجهة نظري، ولا أعرف لماذا يتذمر البعض من التأخير الذي يكون بأسباب الأعطال، أو بسبب الظروف المناخية، هل أنفس أولئك رخيصة إلى هذا الحد؟! فتسيير (440) رحلة يوميًّا ليس بالأمر الهيّن، ولابد من حدوث أعطال. وهنا أود أن أورد موقفًا مررتُ به مع مجموعة من الزملاء الصحافيين، وكان معنا الكابتن «أحمد مطر» مدير عام الخطوط السعودية الأسبق -يرحمه الله-، ويشهد على هذا أخي الأستاذ عبدالله النويصر مدير العلاقات العامة بالخطوط السعودية سابقًا، فقد كنا على موعد للسفر إلى الطائف برفقة الكابتن «مطر» لحضور مؤتمر المصالحة اللبنانية الذي تم في الطائف، وبالنظر لسوء الأحوال الجوية، وتعذّر الطيران، أخذنا الكابتن «مطر» في سيارته الخاصة، وأوصلنا للطائف.. وهنا لا أدعو المهندس «خالد الملحم» إلى أن يحوّل سيارته إلى (ليموزين) لكي يوصل كل مسافر تقطّعت به السبل، بقدر ما أُورد شهادة للتاريخ، ودليلاً يُثبت أنّ سوء الأحوال الجوية يمنع أيضًا مدير عام الخطوط من الإقلاع تحت أي ظروف. حقيقة ما كنت أنتظر جوابًا لكل تلك الأسئلة، فأنا أعرف بميزان (المنطق) ردودها، ولكنني كنتُ متعطشًا لجواب ال(5) مليارات الذي أسأت الظن فيه، لكنني عدّلت من جلستي، ونصّبت العقال على رأسي، بعدما فسّر المهندس «الملحم» لغزها، وأماكن صرفها، وإنها لم تُنفق في (الفصفص)، وكنت على وشك رفع دعوى على الخطوط السعودية لعدم وضعها (كيس فصفص) لي طوال تعاملي معها على مدى 40 عامًَا من السفر. أقول بعد تلك الردود التي استمعتُ إليها، بأن المهندس «خالد» ليس بحاجة إلَّا لإدارة علاقات عامة ناجحة، تمتلك عقليته، ورؤيته، وفهمه، وتلم بكل ما يحدث في قطاعها، لتتمكن من الرد على كل أسئلة واستفسارات الصحافة والجمهور، فلو كانت هناك شفافية، لما كانت هناك (فرية)، ولما طُويت (صحف). [email protected]