طالب بتطهير ساحة الرقية الشرعية من المتاجرين والمتكسبين بها، والدخلاء وممَّن لا يعرفون عنها شيئا، ومن الذين جنوا أموالاً طائلة من الرقية، ونفى تمامًا أن تكون لديه «وصفة طبية لعلاج السحر والحسد والعين والأمراض» تباع في الأسواق، ولدى محلات العطارة، وقال لم تصدر عني أي وصفات مكذوبة، وهناك من يتاجرون بكل شيء، وأكَّد على أهمية التقصي، والتأكد من قِبل المرضى قبل الذهاب إلى بعض مدعي الرقية الشرعية والعلاج، أو من المشعوذين الذين يتلبّسون باسم الدين، أو من يستغلون الناس ماديًا، ورفض التكسب بالرقية أو أخذ أجر عنها، وقال «إنه لا يجيز ذلك». واعترف بتزايد عدد الرقاة وقال «إنهم أكثر من عدد علب البيبسي»، وكشف ل»الرسالة» عن الأسباب الحقيقية وراء رفضه حضور الملتقى الخاص بالمعبرين الذي نظمته الشؤون الإسلامية، وطالب بتنظيم تعبير الرؤيا، وقال «لا يكون ذلك إلا عن طريق هيئة كبار العلماء برئاسة المفتي العام ووزارة الشؤون الإسلامية «، مشيرًا إلى أهمية «تشكيل لجان لإسكات المتخرصين في تعبير الرؤيا «، وقال» للأسف قد يكون ممن يعبرون الرؤيا الآن مشعوذين، ومدعي التنجيم وقُرَّاء الكف». جاء ذلك في حوار للشيخ محمد الرومي مع «الرسالة» وفيما يلي نصه:
كيف ترى حال الرؤيا الآن؟ الرقية الشرعية لها ضوابطها وشروطها ويجب على معبر الرؤى أن يلتزم بما ورد في القرآن والسنة كما ورد في قصة يوسف عليه السلام وإخوته، ورؤيا ملك مصر التي فسرها يوسف عليه السلام كما جاء ذكرها في القرآن الكريم، فالرؤيا من الغيب الذي يُطْلِعُ الله عليه بعض عباده بواسطة ملك الرؤيا، سواء بشارة كانت أو إنذار، وسواء أكانت للعبد ذاته أو لغيره، وهي جزء من النبوة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصادقة، يراها الرجل الصالح، أو ترى له»، وقال عليه الصلاة والسلام: «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً». ثلاثة أنواع وماذا عن أقسام الرؤيا؟ الرؤيا على ثلاثة أقسام: أولها: ما كان إنباءً من الله للعبد بما سيحدث في المستقبل، له أو لغيره، وهي التي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنها جزء من النبوة، وكانت من مقدمات الوحي له عليه الصلاة والسلام، ومنها رؤيا يوسف عليه السلام التي سجلها القرآن الكريم، والثاني: ما كانت من الشيطان، وهي أخلاط يراها الرجل في نومه، وهي مما يلبسه الشيطان عليه بقصد التشويش، وإدخال الغم عليه، والتخويف والحزن، أما النوع الثالث: فهي ما يحدث من المرء ذاته «حديث النفس»، وهي حالة نفسية، تفضل الله بها عليه، لينفس بها كربه، ويخرج من حالة الضيق النفسي، والمعاناة التي يحس بها داخله عندما يرغب في تحقيق شيء وتلح عليه هذه الرغبة إلحاحاً شديداً، يملك عليه تفكيره، وهو لا يستطيع تحقيقها، فتهدأ نفسه، وتستريح أعصابه. فيها خير ولكن هناك من يعلق كل آماله على رؤيا؟ الرؤيا فيها الخير وكان دعاء ابن عمر رضي الله عنهما «اللهم إن كنت تعلم فيّ خيراً فأرني رؤيا، وعن عائشة رضي الله عنها «اللهم إني أسالك رؤيا صالحة صادقة غير كاذبة، نافعة غير ضارة. ما سر كثرة عدد معبري الرؤيا في الوقت الحالي؟ لقد قلت يوما إنه سيخرج أناس يعبرون الرؤيا عددهم كعدد علب البيبسي، للأسف لقد دخل مجال تعبير الرؤيا «كل من هب ودب»، ولا يفقه في علم تعبير الرؤيا شيئًا، ومن لا يعرفون ما ورد بشأنها في كتاب الله وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم. هل أصبح تعبير الرؤى مجالاً لجني الأموال والكسب المادي؟ هناك دخلاء على تفسير الرؤى، وهناك متاجرون بالرقية الشرعية، وهناك مدعو التعبير وهم من المتعالين والجهلاء وأهل الكذب الذين يدعون علم الغيب ويروجون بين الناس الشعوذة والخرافة بدعوى تعبير المنام، وهناك من يستغلون الناس لجني الأموال والكذب عليهم واستغلالهم مادياً عبر الاتصالات الهاتفية وفق أرقام محددة، وبأسعار مرتفعة. الأمر تطور من وجود أشخاص إلى فضائيات لتعبير الرؤيا واختلطت بها الشعوذة والدجل؟ للأسف تهافت الناس على المشعوذين الذين تستروا وراء الرؤيا الشرعية، ممن لا يملكون العلم الشرعي لتفسير الرؤى والأحلام، ولقد أطلت علينا العديد من الفضائيات التي تروج لهؤلاء الدجالين والمشعوذين ووصلت إلى البث، ولكن بعد شكاوى تم إغلاق هذه القنوات التي كانت تستغل الناس وتستغفلهم تجاه كثير من المسائل، ومنها مسألة تفسير الرؤى والأحلام، ولابد من تحذير الناس من هؤلاء وأفعالهم المخالفة للشرع ودجلهم وشعوذتهم. التعبير لغير المسلم أنت كمعبر رؤيا ومفسر أحلام هل تعبر لغير المسلم؟ نعم أقوم بتعبير الرؤيا للمسلم وغير المسلم، فصهيب رأى رؤيا قبل أن يسلم، وسلمان الفارسي وقعت رؤياه بعد 80 سنة، فقد رأى الرؤيا وهو عمره عشر سنوات وتحققت وعمره 90 سنة، وملك مصر كان بوذيا ورؤياه هي التي أخرجت يوسف عليه السلام من السجن. وهل كل الرؤى التي يراها الشخص تتحقق؟ ليست كل الرؤى التي يراها الشخص تتحقق، فقد تكون الرؤيا حديث نفس. لكن هناك من يتعلق بالرؤيا التي يراها وقد يعيش في وهم تحقيقها؟ التعلق بالرؤى والأحلام خطر على العقيدة، لأن كل شيء بيد الله عز وجل فإنه لا يبنى عليها حكم في الشريعة الكاملة بالقرآن والسنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنة رسوله»، وقبل ذلك قال تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً»، فهناك رؤيا من الله، وهناك حديث نفس، وهناك حلم من الشيطان. وهل يستطع معبر الرؤيا أن يفرق بين الرؤيا من الله وحديث النفس والحلم من الشيطان؟ لا يعرف الفرق بين الثلاثة إلا المعبر الموفَّق الحاذق، وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في معنى الحديث لا تسأل إلا معبر ناصح أمين، والرؤيا من الله فلذلك ورد أنها كلام الله لعبده في منامه. هذا يعني أن الكذب في الرؤيا أمر خطير؟ نعم ..لأن هذا كذب على الله إذا كانت رؤيا، فعلى المسلم أن يكون صادقاً وهو يقص رؤياه، والكذب في الرؤيا أمر صعب وينتظر صاحبه وعيد شديد من الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أفرى الفرى أن يقول رأيت ولم ير، ويؤمر أن يعقد بشعيرة وما هو بعاقد» وقال صلى الله عليه وسلم «من تحلَّم بحلم لم تره عيناه كلف أن يعقد بشعيرة وما هو بعاقد». ولكن هناك من يتعجل في الرؤيا ويريد تحقيقها خاصة إذا كان له حاجة أو يريد شيئا مهما؟ المسلم لا يستعجل في رؤياه أو في أي أمر آخر لأنه يوقن بقدر الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا أن كلباً يلغ في دمه فتحققت الرؤيا بعد 50 عاماً بمقتل الحسين في كربلاء، والحسين من دم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورؤيا يوسف عليه السلام وقعت بعد 40 سنة. من الممكن أن يكون تعبير الرؤيا قطعياً أو ظنياً. هل تكون الرؤيا بشارة أم إنذار بخطر؟ قد تكون بشارة وقد تكون إنذاراً. وسبق لي أن قلت إن شارون سيموت ميتة لم يمتها أحد قبله ويتعذب بشكل فظيع قبل وفاته. التعبير ملكة وهل تعبير الرؤيا ملكة أم علم؟ تعبير الرؤيا ملكة من عند الله كالصوت الحسن يمنحه الله لمن يشاء من عباده، فلا يكتسب، ولو كان يكتسب لعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه. من يستغلون تعبير الرؤى لتحقيق مكاسب خاصة يستغلون حاجة العوام والضعفاء من الناس. لماذا لم تشارك في ملتقى معبري الرؤيا الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والذي ضم أشهر معبري الرؤى في المملكة لدراسة ضبط هذا العمل ووضع معايير له؟ لم أشارك في هذا الملتقى لأنني وجدت أناساً يدعون أشياء ليست فيهم «من تلبس بلباس لم يعطه الله إياه إلا كلابس ثوب زور». كثر الحديث عن كيفية ضبط ساحة تعبير الرؤيا وتنظيمها ولكن تعدد الجهات هل هي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم وزارة الشؤون الإسلامية؟ تنظيم تعبير الرؤيا وتفسير الأحلام لا يكون إلا من خلال هيئة كبار العلماء برئاسة سماحة المفتي العام ووزارة الشؤون الإسلامية فهما الجهتان المختصتان بضبط هذا الأمر وذلك عن طريق تشكيل لجان من قبل هاتين المؤسستين في جميع المناطق لضبط المتخرصين في تعبير الرؤيا، فقد يكون المعبر دجالاً أو مشعوذاً أو جاهلاً أو يقول بغير علم، ويدعي التنبؤ والتنجيم وقراءة الكف، فيجب ضبط الساحة من خلال لجنة مختصة. وما آداب تعبير الرؤيا المخيفة والرؤية السارة؟ لا بد من التأدب مع تعبير الرؤى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة «إذا رأى ما يخيفه فلينفثن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ولينقلب على جنبه الآخر، ولا يخبر أحداً. وعلى من يرى رؤيا سارة أن يحمد الله عليها، ويستبشر بها، ولا يحدث إلا من يحب. كما ورد في الحديث الصحيح. مجلبة للأمراض هناك من ينصح بقراءة كتب الرؤى وتفسير الأحلام؟ الأفضل عدم قراءة كتب الرؤى لأنها تأتي بالأمراض والأوهام ولا يدخل بها القياس فتختلف من شخص لآخر، وعموما كل كتب تفسير الأحلام عالة على ابن حجر في «فتح الباري». وما يقال عن كتاب تعطير الأنام في تفسير الأحلام لابن سيرين هو كذب منسوب لابن سيرين وهو لم يؤلف كتاباً بهذا العنوان، فهو تابعي كان مولى لأنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقل عنه أنه قال لو كنت كاتباً لشيء لكتبت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما الأوقات التي تكون فيها الرؤيا صادقة؟ إن أصدق الرؤى ما كانت في الثلث الأخير من الليل، أي وقت السحر، قبيل طلوع الفجر الصادق، وقد اختلف العلماء في حقيقة الرؤيا، فقيل: هي إدراك «يخلقه الله» في أجزاء لم تحلها آفة كالنوم المستغرق وغيره، ولهذا أكثر ما تكون الرؤيا في آخر الليل لقلة غلبة النوم، فيخلق الله تعالى للرائي علماً ناشئاً ويخلق له الذي يراه على ما يراه ليصح الإدراك، ومع ذلك قد تكون في النهار كما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في القيلولة كما في صحيح الإمام البخاري رحمه الله وكانت حقاً. وصفة الرومي ما حقيقة وصفة الرومي التي تباع لدى المحلات التجارية ولدى أصحاب محلات العطارة المنسوبة إليك والتي مكتوب عليها «تشفي من السحر والعين والحسد وبعض الأمراض؟ لا أعرف عنها شيئاً ولم أكتبها ولا تخصني وأنا بريء منها وما ينسب إلي من قول مستمد من الكتاب والسنّة صحيح، وهو مثبت في محاضرات سجلت في شرائط صوتية منذ عشرة أعوام، أما ما يباع في الأسواق فلا علاقة لي به، وإنما زج بعض التجار باسمي على بعض الوصفات للترويج لبضائعهم، وسواء وافقت ما ذكرته أم لم توافقه فلا علاقة لي بها. ولكن لك وصفات علاجية؟ ما ذكرته من علاج باستخدام السدر والوصفات هو موجود في كتب السلف، ولسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز توضيح ووصف دقيق ومبارك في هذا الشأن إن الرقى والرؤى كثيراً ما دخل إليهما كثير من المدعين.