أشرت في مقالتي الأسبوع الماضي عن كتاب قاتل مأجور اقتصادي «Confession of an Economic Hitman» للسيد جون بركنز «John Perkins» وكيف أنه كان أحد هؤلاء القتلة المأجورين الذين تم استخدامهم للاستيلاء على ثروات بعض البلاد. يذكر الكاتب انه في أوائل الخمسينيات في جوانتانامو عندما تولى رئيسها الجديد مقاليد الحكم آنذاك اتخذ قرارًا بإعادة كل الأراضي الزراعية المملوكة للدولة لسيادتها والتي كانت تقوم شركة «United Fruit» الأمريكية بتشغيلها مما أغضب الولاياتالمتحدة وقامت بتوجيه حملة إعلامية شرسة ضده وأشاعت بأنه عميل للسوفييت ويساهم في نمو الآلة العسكرية السوفيتية في المنطقة وتم تسخير كل الجهود للإطاحة به، وبالفعل نجحت في خلعه وتم تنصيب رئيسًا جديدًا للحكومة والذي قام بمواصلة ما انتهى إليه سابقه بإعادة الأراضي كافة إلى الدولة مرة أخرى، ليبدأ بعد ذلك استنزاف ثروات تلك البلاد. وفي عام 1981م كانت الاكوادور تدار من قبل مجموعة وحشية من حلفاء الولاياتالمتحدةالأمريكية ولكن قررت تلك الحكومة إجراء انتخابات ديمقراطية وتم تنصيب Roldos Jaime كرئيس لها وكانت إحدى أهدافه الأساسية استغلال كل موارد الدولة للنهوض بالشعب الاكوادوري مما أثار حفيظة الولاياتالمتحدة فقامت بتوجيه القتلة المأجورين الاقتصاديين لإفساده وإغوائه بأن يصبح أحد أثرياء العالم في فترة وجيزة شريطة تنفيذ مخططاتهم الاقتصادية ولكنه قابلهم بالرفض ليتم اغتياله بإسقاط طائرته في 24 مايو1981م. لم تسلم دولة العراق من تلك المخططات، ففي عام 2003 تيقنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أنه لا مجال للقتلة الاقتصاديين المأجورين على الساحة السياسية هناك كون رئيسها السابق صدام حسين يمسك بزمام الأمور في بلاده ويصعب إمالته أو إفساده ورفضه إجراء أي لقاءات معهم وعندما تكللت العديد من خطط اغتياله بالفشل تدخلت القوة العسكرية وأطاحت به وبنظامه واستولت على ثروات تلك البلاد بعد أن أحكمت قبضتها وأوكلت إعادة أعمارها للشركات الأمريكية. همسة: الكتاب مليء باعترافات مفجعة توضح الاستراتيجية المنتهجة للاستيلاء على ثروات البلاد على أساس إغواء ساستها بقروض دولية يصعب الوفاء بها عبر تقديرات اقتصادية خادعة شريطة أن تذهب للشركات الأمريكية لإقامة مشروعات البنية التحتية التي لا تخدم إلا فئات محدودة وتؤدي لزيادة الفقر كونها تدمر بيئتهم واقتصادهم المحلي وعندما تعجز الولاياتالمتحدة عن إفساد النظام يتم تنفيذ الجزء المتبقي من الاستراتيجية إما باغتيال رئيس الدولة أو التدخل العسكري لتصبح تحت الوصاية الأمريكية.. إنه فعلًا عالم غريب!! [email protected]