إليكم يا مَن تتشدقون بالبحث عن حق المرأة في قيادة السيارة، أقول لكم: دعوكم من هذا، وتحدّثوا عن حقِّها في أن تنال نصيبها من الدرجات المستحقة لها في وزارة عملت -ولازالت- تعمل فيها منذ سنين طويلة، قد تكون الكلمات قاسية، ولكن لا يعي الألم إلاّ مَن عايَشه، وبعد طول انتظارٍ وصبرٍ منقطع النظير بلغ ستة عشر عامًا ممّن تعيّنّ من عام 1417ه وحتى تاريخه لم ينلن حقوقهنّ، ولا درجاتهنّ المستحقة، والطامة الكبرى أن وسائل الإعلام يوميًّا تلعب بأعصاب المعلمات، وتنشر أخبارًا مفرحة للمعلمين، فبالأمس ورد عبر وسائل الإعلام ما مفاده أن (معلمي عام 1417ه غير التربويين سيمنحون الدرجة (14) اعتبارًا من تاريخ 1/5/1430ه مع صرف فروقات مالية، والمعلمات من دفعات (23-26) يُمنحن درجة وظيفية إضافية دون صرف فروقات، ولو يعلم مُصدرو القرار مدى الأسى الذي نال المعلمات من هذه القرارات التي تُفرِّق بين معلم ومعلمة لهم نفس الحقوق، ومطالبين بنفس الواجبات، ويحملون نفس المؤهلات، لتريثوا قليلاً، فلماذا ينال الرجل حقّه، أما المرأة فلا.. وألف لا..؟! عليها أن تقضي بقية عمرها في الانتظار؛ حتى إذا بلغ الأمر مداه، تقاعدت ولم تحصل على ما تريد! هل يُعقل بعد ستة عشر عامًا تكون المعلمة على الدرجة السابعة فقط؟ أين بقية سنوات خدمتها؟ ألم تكن على رأس العمل في الرئاسة العامة لتعليم البنات، والتي أصبحت اليوم وزارة التربية والتعليم التي تنتظر المعلمة أن تنصفها، وتعيد لها حقوقًا ضاعت منها بعد أن كانت نسيًا منسيًّا؟! والله لو سُطِّرت معاناة المعلمات ما كفاهنّ كتب مجلّدة ممّا يعانين من الأسى والألم الذي اعتصر قلوبهنّ عندما تتساوى مَن قضت سنين من عمرها، وهي تُعلِّم وتُربِّي مع أختها المعلمة التي تعيّنت قبل يوم واحد من إصدار قرار التثبيت، حيث تمت مساواة الجميع ممّن تعيّنّ عام 1422ه مع مَن تعيّنّ من عام 1417ه، عندما ألغي بند (105) بأمر ملكي. سأقول للمسؤولين في الوزارات المعنية ما يتردد في المجتمع الذكوري، ومن أقرب الناس للمعلمة، ومن أهل بيتها (احمدي ربك أنّك تتقاضين راتبًا، غيرك لم تتعيّن أصلاً، ثم أنت لست مسؤولة عن بيت ومصاريف!!) مَن يقول إن ما يستحقه الموظف تبعًا لاحتياجاته الأسرية! ومَن يعلم ما هي الأعباء التي تتحملها المرأة!! هناك نساء يقمن بفتح بيوت، وليس بيتًا واحدًا، وبعيدًا عن الخوض في هذا الأمر هي تستحق وبجدارة وفقًا لعملها ومؤهلاتها مساواتها في الأجر والدرجة كالمعلم تمامًا. حمد الله واجب في كل حال، ولكن الحق المشروع لابد من المطالبة به؛ لأن نفسية المعلمة أصبحت في الحضيض، حيث نركز وبقوة على نفسية الطالبة، وهل المعلمة ليست بشرًا، فهي ليست آلة تتحرك بدون مشاعر، وفاقد الشيء لا يعطيه، وفاقد حقه سيبقى دومًا يعاني ويعاني، وكل ذلك يؤثر على العطاء والتميز والجودة في العمل. سأكتفي بقصة معلمة تحكي مأساتها تقول: (أخي أصغر مني بست أو سبع سنوات، تخرّجت قبله، وتعيّنت على البند، واستمر عملي ست سنوات على البند، وأخي تعيّن على المستوى الثالث مباشرة، عملت في قرية نائية، وعمل هو في مدينة صغيرة، هو لم يمر عليه سوى عامين، وتحسنت أحواله، وانتقل إلى المستوى الرابع، ومن ثم للخامس، وأنا انتظر الفرج الذي تأخر كثيرًا، وعندما جاء تم تثبيتي على المستوى الثاني، وطال الانتظار ولا زال الوضع المأساوي إلى تاريخه، ولم أحصل على المستوى الخامس إلاّ بقرار ملكي قبل عامين تقريبًا، ولكن المستوى الخامس الدرجة الخامسة..! النفسية إن تحطمت اشتكى الجسد، ولو قمنا بدراسة ميدانية عن حالات الغياب المرضي بين المعلمات فحدِّث ولا حرج. رسالة التماس وأمل إلى مقام وزارات التربية والتعليم والخدمة المدنية والمالية، ترجو فيها كل المعلمات في أرض الوطن الحبيب بسرعة النظر في حقوقهن، وإعطاء كل مستحقة درجتها الوظيفية بما يتناسب مع سنوات خدمتها التي عملت فيها وحُسبت لها أنها على رأس العمل، وكل معلمة عندها ثقة في الله أولاً ثم في القائمين على شؤون المواطنين والمواطنات بأن الفرج اقترب، وتنادي المعلمات بنداء الصوت الواحد بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم: (رفقًا بالقوارير).. تقول المعلمات: نحن شقائق الرجال نعاهد الله على أن نخدم وطننا ونشارك الرجال من المعلمين في بناء وتربية وتعليم الأجيال، هذا قدرنا وهذه أمانة في أعناقنا، نحن بكل فخر مصنع الرجال في البيوت، وفي رياض الأطفال وفي المدارس والجامعات، سنتفاءل بأننا سنسمع ما يثلج صدورنا قريبًا جدًا، لأن كل واحدة منَّا تستحق أن تنال حقها على طول صبرها، ونحن نُحسن الظن بربنا الذي لن يضيّعنا. [email protected]