يقف الفل الجازاني بشهرته المميزة واحدا من أهم كنوز منطقة جازان ومقومات ثرائها الاجتماعي والاقتصادي، فكثيرا ما نجح هذا الفل في التسويق للمنطقة منذ سنوات، وتمكن من لفت انتباه السياح والزائرين، فهو السحر الأبيض، ورائحة جازان الزكية وأنفاسها الندية. فقد شكل الفل منذ القدم حضورا أساسيا في المناسبات الاجتماعية بالمنطقة وخاصة في مناسبات الزواج، فلا زواج في جازان دون فل، كما أصبح متواجدا أيضا في المناسبات الرسمية، حيث باتت عقود الفل تزين القاعات الرئيسية لاحتفالات المنطقة الرسمية، وأمست رائحته تشكل مقدمة رئيسية لكل الاحتفالات، بل ربما تجاوز الأمر ذلك ليكون حاضرا في مناسبات اجتماعية خارج منطقة جازان أيضا. «المدينة» جالت في أسواق الفل بجازان ومحافظاتها، لتلاحظ تلك الثقة في الفل وقدراته، ليكون واحدا من واجهات جازان الحضارية وعنوانا لجمال طبيعتها. ولكن يرى العديد من المواطنين والتجار في المنطقة أن أسواق الفل بجازان تعاني من إهمال كبير، حيث يصف المواطن أحمد خيري سوق الفل بجازان بالعبثية، وذلك في أقل ما يمكن وصفه بها، فمنظر السوق يطرح تساؤلات عديدة عن هذه الثروة المهدرة في وضع لا يخفى على أي زائر لأسواق الفل، ومنها سوق الفل بمدينة جازان، والذي لا يشكل في ذاته سوقا للفل بقدر ما هو سوق خضراوات وفواكه، يقف على مرتفع أرضي يضم بسطات للخضراوات وفي جانبه سوق الفل المكشوف. ويعلق علي قادري أن التطور مر مسرعا بعيدا عن هذا السوق تحديدا الذي يقف على محور رئيسي لمدينة جازان، وقريبا من المنطقة المركزية الحديثة التي تضم مولات تجارية ومراكز متطورة حديثة، ولكن هذا السوق ظل يشكل واجهة مؤلمة في وجه جازان الحضاري. ويقول عبدالله عابد: إن السوق يضم في مجمله خضراوات وفواكه ومحلات للتمور والعطارة إلى جانب بسطات بيع الفل، أما أماكن بيع الفل فهي ثلاجات صغيرة يتم تزويدها بقوالب الثلج لحفظ الفل، وهي منتشرة في الهواء الطلق، فيما ينتشر باعة الفل حاملين عقوده في انتظار الزبائن. ويلفت المواطن علي عيسى النظر بأسى إلى خربشات كتبها باعة الفل على جدران قريبة من السوق معلنين عن أنفسهم وأرقام جوالاتهم لطالبي الفل في صورة تخدش أنماط التسويق لصالح منتجٍ لطالما اعتبره أهالي جازان رمزا فريدا لمنطقتهم متسائلا عن تلك الصورة العبثية التي كست الأسواق. وأشار عيسى إلى أنه بات منطقيا التدخل العاجل لتحسين وضع السوق خاصة وأنه يشهد زيارات متواصلة من زوار المنطقة وضيوفها، سواء في المهرجانات السياحية أو في اللقاءات والندوات التي تستضيفها مختلف الإدارات على مستوى المملكة، فكثيرا من أولئك الضيوف يريدون اقتناء الفل وحمله كهدايا جازانية غالية، وهو أمر يسعد أهالي جازان، غير أن السوق لا يشكل واجهة حضارية لاستقبال المشترين، وليس بمقدور أحد دعوة ضيف ما لزيارة هذا السوق والتعرف على الفل الجازاني. وأوضح عيسى أن تسويق المنتجات بات اليوم علما اقتصاديا قائما بذاته، وأصبح فناً يعمد المسئولون من خلاله إلى استقطاب شركات متخصصة لضمان نجاحه، ويبرز مهرجان المانجو علامة بارزة على قدرة المنطقة ونجاحاتها التسويقية، فيما يظل الفل وهو أشهر منتجات جازان غائبا عن هذا الفكر التسويقي الحديث. ومن جانبه أوضح الناطق الإعلامي بأمانة منطقة جازان عبدالرحمن ساحلي: أن الأمانة تعمل على تطوير سوق الخضار الحالي ليكون سوقا نموذجيا تخصص فيه أماكن بذاتها لبيع الفل والنباتات العطرية، وذلك لأنه جرت العادة على بيعه في هذا السوق، كما أن هناك توجه من الأمانة في تطوير مخطط العشيما القديمة، وتخصيص جزء منه لإقامة سوق يتم بناؤه بالطراز الشعبي الجازاني كمساهمة من الأمانة لدعم برنامج الأسر المنتجة، ويمكن من خلاله تسويق النباتات العطرية عموماً والفُل الجازاني على وجه الخصوص.