حذر خبراء من خطر التغيرات المناخية المتسارعة، مشيرين إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري قد تؤدي إلى زيادة تطرف المناخ بالمملكة، بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر عديدة مثل موجات الجفاف والحر والفيضانات. وطالبوا بإيجاد أنظمة مراقبة فضائية ودراسات عميقة للتغير المناخي، مؤكدين أن مواجهة هذا الواقع من أكبر التحديات التي تواجه العلماء وصناع القرار في هذا القرن. وكشف مدير مركز التميز لأبحاث التغير المناخي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور منصور المزروعي عن توجه المركز إلى بناء قاعدة معلومات مناخية، وإجراء عمليات التشغيل التجريبية لنماذج المناخ الإقليمية والعالمية، مشيرًا إلى أنه تُقام حاليًا عدة دراسات لقياس مدى حساسية تلك النماذج لفهم ديناميكيتها وصلتها بشبه الجزيرة العربية. وأكد في ورقة علمية قدمها في اللقاء العلمي الأول للمركز والذي انطلقت فعالياته يوم أمس الأحد بمسرح كلية الأرصاد والبيئة وزراعة المناطق الجافة بالجامعة، أنه ستتم دراسة المخرجات القائمة على نماذج المناخ العالمية في تقرير التقييم الرابع الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ؛ وذلك للتأكد من صلاحية اختبارات تشغيل تلك النماذج، ومن ثم مقارنتها بالبيانات والقراءات الخاصة بالمركز. وأضاف: هناك محاولات جارية لاستخدام مخرجات نماذج المناخ الإقليمية والعالمية لتوفير التصورات الخاصة بالمناخ المحلي، والقيام بتنبؤ طويل الأجل للطقس، يشمل حالات التطرف المناخي، ومدى ارتفاع مستوى سطح البحر في المنطقة، وذلك بشكل تراكمي، ويمكن أن تمثل هذه المحاولات الإطار العريض لتوجيه فرق إدارة الكوارث بالمنطقة للتعامل والتكيف مع تأثيرات التغير المناخي. وأشار إلى التأثير الكبير المحسوس للتغير المناخي في الآونة الأخيرة على العديد من قطاعات المجتمع المختلفة مثل الزراعة وموارد المياه وتوليد الطاقة، مؤكدًا أن ذلك أبرز حاجة ملحة لتنفيذ دراسات متعمقة لمعرفة نتائج تأثير التغير المناخي وسبل التكيف معه. وأوضح د.المزروعي أن المركز يسعى حاليًا للحصول على أجهزة خاصة بتخزين كميات هائلة من البيانات وإجراء العمليات الحسابية الضخمة، ومن ثم تطويرها، لافتًا إلى أن المركز يستخدم حاليًا أجهزة حاسبات عالية الأداء. وزاد: المركز بحاجة إلى وحدة حسابات ذات قدرة تخزين معلوماتية تقدر ب 1000 تيرابايت للإبقاء على انفراده وتميزه بالدور الرائد في مجال أبحاث المناخ والتغير المناخي، والتدريب وبناء القدرات، وبناء قاعدة بيانات مناخية متطورة لتنفيذ مهام محددة في المنطقة. خطر التغير المتسارع من جانبه أكد مدير برنامج المناخ العالمي في منظمة الأرصاد العالمية الدكتور قاسم إسرار أن خطر التغير المناخي المتسارع وإمكانية حدوث تغيرات فجائية وحالات مناخية متطرفة مثل موجات الجفاف والحر والفيضانات، من أكبر التحديات التي تواجه العلماء وصناع القرار في هذا القرن. وشدد على الحاجة الماسة لعمل توقع مناخى كمي لفترات زمنية متدرجة، وكذلك إلى توفير المعلومات والخدمات المناخية الناتجة عن تلك التصورات في الوقت المناسب لصناع القرار والمستفيدين بجميع أنحاء العالم. وقال: إن حاجة المجتمع لمعلومات مرجعية في دراسات تقلبات وتغير المناخ تتطلب مزيدًا من البحوث والجهود لتطوير هذه الدراسات للاعتماد عليها وفهم عمليات التغير المناخي وتأثيراته وتطوير النمذجة بدرجات عالية من الدقة سواء مكانية أو زمانية بهدف الوصول لأسباب التقلبات والتغيرات المناخية الإقليمية، وكذلك الحصول على تمثيل واقعي للعمليات المناخية المتطرفة، والقدرة على جمع ومعالجة البيانات المقاسة لفهم عمليات المناخ بشكل أفضل لإعداد وتقييم النماذج المناخية وتطوير قدرات الأدوات والبرامج الحاسوبية المستخدمة لتحليل وتفسير نتائج تلك النماذج المناخية ونتائج القياسات للفروق والأخطاء بطريقة الاحتمال، وتوفير الموارد والمهارات الفنية والبشرية اللازمة لتحليل تلك المعلومات وتلبية احتياجات المستخدم، إضافة إلى وجود أنظمة مراقبة فضائية كالأقمار الصناعية في المواقع الطبيعة لرصد المتغيرات المناخية الرئيسة بدقة عالية تغطي الكرة الأرضية وقابلة للاستمرار لعشرات السنيين، وذلك لتحديد الاتجاهات والتغيرات المناخية بشكل دقيق وتطوير التحليلات المناخية واستخدام برامج قياس الخطأ للنماذج المناخية لتحسين استراتيجيات نظم المراقبة. التطرف المناخي من جهته أوضح الدكتور إن سك كانغ بجامعة الملك عبدالعزيز أنه من المتوقع أن تؤدي ظاهرة الاحتباس الحراري في تغيير المناخ العالمي إلى زيادة في التطرف المناخي بالمملكة، مشيرًا إلى أنه لا بد من التنبؤ بمثل هذه التغيرات الإقليمية بهدف إعداد استراتيجيات التكيف في القطاعات المختلفة، وذلك باستخدام نماذج مناخية عالمية عالية الدقة وقادرة على توضيح ملامح التغير المناخي الإقليمي بشكل مقبول. مركز التميز أما وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور عدنان بن حمزة زاهد فقد تحدث نيابة عن مدير الجامعة الدكتور أسامة طيب، موضحًا أن مركز التميز لأبحاث التغير المناخي يعد الأحدث بين المراكز العلمية التي تحتضنها الجامعة، وهو فريد على مستوى المنطقة محليًا وإقليميًا. وأشار إلى أن الجامعة مولت إنشاء المركز من مواردها الذاتية لإجراء دراسات التغير المناخي والحصول على تنبؤات تفصيلية عن الطقس والمناخ بالمملكة وتفادي الانعكاسات السلبية المحتملة للتغيرات المناخية مستقبلًا، وآثارها المحتملة على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وذلك تلبية لرغبة ورؤية خادم الحرمين الشريفين بالشروع في مثل هذه الدراسات وإجراء الأبحاث المتعمقة لفهم الطبيعة المعقدة للتغيرات المناخية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، ولمعرفة الآثار المترتبة والأسباب الحقيقة لحدوثه. وأكد أن مما يعزز من نجاح المركز هو احتضان الجامعة للعديد من التخصصات العلمية المساندة في مجالاته.