حينما يلتحق المواطن بوظيفة رسمية في القطاع الحكومي سواءً كانت هذه الوظيفة مدنية تتبع نظام وزارة الخدمة المدنية أو في قطاع عسكري يتبع لنظام الخدمة العسكرية فإن المواطن (الموظف) قد حصل على هذه الوظيفة بعد سنوات طويلة من الدراسة والتعلم تصل إلى ما يقارب (12) عاماً قضاها في مراحل التعليم العام إن لم يكن قد واصل تعليمه ما بعد الثانوية العامة وحصل على شهادات جامعية وتخرج من دورات تدريبية تخصصية. وهنا فإن الموظف لن يتوقف طموحه عند حصوله على وظيفة حكومية مدنية من خلال جلوسه على كرسي دوار وطاولة في مكتب مكيف، أو تشرفه بارتداء البدله العسكرية ومباشرته العمل في ميدان الشرف مع زملاء المهنة، ولكن يكون طموحه دائماً إلى الأفضل – وأتكلم هنا عن الغالبية من الموظفين في القطاعين المدني والعسكري – الذين يبذلون جهوداً كبيرة في أداء واجباتهم ومهامهم الوظيفية على الوجه المطلوب خدمةً لوطنهم الذي منحهم كل ما يحتاجون إليه وتنفيذاً لتوجيهات وتطلعات ولاة أمرنا الذين يؤكدون في كل مناسبة على أهمية الانضباط وإنجاز معاملات المواطنين. فهؤلاء الموظفون يتطلعون إلى الترقية وهي أهم وأفضل ما يحلم به كل موظف حكومي لتحسين مستواه الوظيفي ومنافسة زملائه الذين يشغلون مراتب أو رتب أعلى منه، فالموظف مدنياً كان أوعسكرياً دائماً ما يبحث عن تحسين وضعه الوظيفي والمعيشي من خلال إخلاصه واجتهاده وتفانيه في العمل وذلك ترقباً وانتظاراً لصدور قرار ترقيته من جهة عمله، ولكم أن تتخيلوا فرحة الموظف المدني عندما تتم ترقيته إلى مرتبة تلي مرتبته الحالية، أو بهجة ذلك العسكري الذي يحتفل بترقيته إلى رتبة أعلى من رتبته التي ظلت سنين طويلة دون أن تتعدل أو تتحسن. فالترقية قبل أن تكون وسام شرف للحاصل عليها، هي حافز لكل الموظفين لمضاعفة الجهد والتميز وبذل المزيد من العطاء والتضحية، وهي أيضاً تميز بين الموظف الجيد والمثابر، وبين الموظف المتقاعس وغير المبالي بوظيفته، وليس جميع الموظفين الحكوميين مثل بعضهم في العمل، فهناك من هم يتميزون في عملهم ولا يتغيبون ويحرصون على أداء مهامهم الوظيفية بكل أمانة وإخلاص وهم الذين يستحقون الترقية تشجيعاً لهم وتقديراً لإخلاصهم وحماسهم وتفانيهم في مجال أعمالهم وعلى العكس هناك موظفون لا يستحقون الترقية بسبب تغيبهم المستمر وغياب عناصر التقييم لديهم مثل الحماس والإخلاص والتضحية. إن أنظمة الدولة لم تضع نظام الترقية عبثاً لموظفيها وأفرادها وإنما وضعت للتحفيز وإبراز جهود المتميزين منهم وزيادة الحماس لديهم، ولأن الترقية حافز ومشجع للجميع فإن هناك جهات لا تزال تتأخر بترقية موظفيها وأفرادها المستحقين للترقية لظروف لا نعلمها وربما يكون للروتين أو بيروقراطية العمل سبب في ذلك، وهذا ينعكس سلباً بدون أدنى شك على أداء الموظف الجيد، فبدلاً من أن يعمل بإخلاص وحماس نلحظ أن هذا الحماس والاجتهاد يقل تدريجياً، ومن الطبيعي جداً أن تأخر الترقية تجعل الموظف يحس ويشعر بأن لا أحد يقدر جهوده وإخلاصه وتفانيه في مجال عمله.