الكمبيوتر الوسيلة الأهم في عصرنا للاتصال، وهو الأداة التي يسميها بنو يعرب الحاسب، فهم كعادتهم يعربون كل لفظ أجنبي جديد يدخل قاموسهم الشعبي، بعد أن يكون استعماله أصبح في بلادهم رائجا، فيتوارى اللفظ المعرب الذي اختاروه، ويبقى الاسم الأجنبي الرائج قبله، هكذا الأمر ولا يزال، منذ إنشاء مجامعنا العربية والعلمية، القليلة الأثر في حياتنا اللغوية والعلمية، ولعلنا هنا إنما أردنا الحديث عن هذه الوسيلة التي أخذت تزيح وسائل الاتصال الأخرى، فهي تتميز بسهولة الاستعمال، وبسرعة نقلها الأفكار وبأي حجم مكتوب ومقروء ومسموع، مع الصور والبيانات في ثوان قليلة، وأصبح كثير من المثقفين يفضلون استخدامها لنقل أفكارهم والاعلان عنها، خاصة وأن محاولة وضع قيود على هذه الوسيلة قد فشلت في سائر دول عالمنا الثالث، وأخذ بعض أخوتنا من محترفي العمل الصحفي والإعلامي يقدمون لنا عبرها خدمات جليلة منهم الأستاذ الفاضل فؤاد علي المشيخص، حيث يحشد في رسالة يومية أهم ما ينشر في صحف بلادنا في ذلك اليوم من مقالات وأخبار ومواد إحصائية مهمة، وتعطي مؤشرا للمستقبل، فيعطي لمثلي ممن مشاغله عديدة سعة في الوقت كان يصرفه في متابعة هذه الصحف، وقد لاحظت أثناء المتابعة لهذا المؤشر ولكثير من الصحف أحيانا أنه منذ صدور التعديلات على بعض مواد نظام المطبوعات، تراجعاً كبيراً في ماتنشره الصحف من المقالات النقدية خاصة ما يمس الأجهزة الحكومية، وتتفاوت هذه الصحف في مقدار هذا التراجع، فتقل بعضها عن سائرها في هذا التراجع، خاصة تلك الصحف التي أسميناها المهاجرة كالشرق الأوسط والحياة، وكلاهما نشأ خارج الحدود ولم تهاجر، ولعل ما يجري اليوم على ساحتنا الصحفية شيء لا أظنه إلا مؤقتا، وهو محطة تقف فيها صحفنا المحلية لتراجع خططها التحريرية لتحتفظ بالكاتب الذي إذا انتقد كان نقده نزيها موثقا، لا يعنيه الأشخاص وإنما الأفكار، ولا يستخدم أساليب الذم أو السخرية لينتقد أفكاره، فهذه أساليب تجني على الصحيفة ولا تخدمها، وإن ظن البعض أن الإثارة بمثل هذا تروج للصحيفة بين القراء، وعبر هذه المتابعة للمؤشر والصحف يوم الثلاثاء 14/6/1432ه يظهر أن هناك قضايا في مجتمعنا تراوح مكانها، فلا يزال موضوع استخدام المرأة لوسائل النقل المتوفرة، مثل سيارتها الخاصة أو سيارة الأجرة (التاكسي) تثير جدلاً وتصدر من أجلها فتاوى، ففي إحدى الصحف اليوم فتوى باعتبار ركوب المرأة سيارتها الخاصة مع سائقها لا يعتبر خلوة محرمة، ويذكر قيد ذلك وضابطه، ولكنه يذكر أن آخرين يعترضون على فتواه ويرد عليهم، وفيها الإشارة إلى خلاف حول رقية للفنان محمد عبده هل هي مباحة أم محرمة، وفيها أيضاً عنوان مثير للدهشة وما تحته يثير الدهشة أكثر، وفيه أن رئيس مجلس الشورى يخاطب أعضاءه بأن مداخلاتهم مضيعة للوقت، وأنهم لا يقدمون وجهة نظر مباشرة تصل إلى نتيجة جيدة حول ما طرح عليهم للدراسة بالسلب أو الإيجاب، وشبه وقت عمل المجلس بدوام المدارس من حيث بدايته في ساعة معينة ونهايته في ساعة محددة، وفي جريدة عكاظ متابعة لموضوع معنفي الاطفال في مدينة تبوك، هذه الجريمة البشعة التي طغت على السطح هذه الأيام، ولها فيما سبق وأن نشرته مرات الصحف من هذا العنف غير المبرر على الأبناء والبنات من قبل الآباء والأمهات، مما يدل على أن مجتمعنا تسربت اليه ظواهر، يجب الحسم في مواجهتها أمنيا وقضائيا وثقافيا، فالاعتداء على براءة الأطفال بهذه القسوة التي تفقدهم من حواسهم شيئا وتعطل فيهم أجزاء من الجسم يجب أن يواجهها الجميع بالاستهجان، كذا الاعتداء بالضرب المبرح على الزوجات والأخوات بل والأمهات بمثل هذه القسوة كذلك، ويجب البحث بجدية عن الوسائل الناجعة من أجل محاصرة هذا العنف والقضاء عليه، وفي جريدة عكاظ أيضا خبر لعله يسعد الكثير أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تسعى للحصول على شهادة الأيزو العالمية، عبر تطبيق نظام إدارة الجودة بالرئاسة العامة وفرعين من فروع الهيئة، ونهنئ الهيئة بهذه الخطوة الجريئة، وفي جريدة الجزيرة تكتب الدكتورة ثريا العريض عن المجتمع الذي يحلق بجناحين (الرجل والمرأة) وتقول: المؤسف أن بعضنا رجالا ونساء لا يستطيعون تقبل مجرد التفكير في هذه المستجدات التي ستعطي المرأة حق الخروج من الخباء بمشيئتها دون أخذ إذن ولي الأمر الذكر، ويكتب الأستاذ ناصر الصرامي في جريدة الجزيرة مرحبا بالكشافة النسائية وزهراتها، ويكتب أستاذنا الجليل الدكتور عاصم حمدان في جريدة المدينة عن الطالب السعودي المبتعث إلى الغرب، ومصائد الجماعات المتشددة محذرا لهم إلا ينجروا وراء كل صوت يزعم أنه يمثل الإسلام، ففي الغرب تيارات وجمعيات دينية نجد لها فيه أرضا خصبة وتسعى لاصطياد الطالب السعودي وشحنه بالكثير من الآراء المغلوطة عن الجهاد أو ما يسمى بالفريضة الغائبة، والتي كانت منطلقات القاعدة في تكفير الآخرين، وفي جريدة الرياض تابعت قراءة فضيلة القاضي عيسى الغيث في مقاله الثاني في قراءته التحليلية للأمر الملكي بتعديل نظام المطبوعات، والذي تمنيت لو أنه أجله حتى نقرأ اللائحة التفسيرية التي تصدر، حتى نرسم الطريق إلى كتابة صحفية جادة، أو الامتناع عنها كلياً، فليس في جل حساباتنا ما يفي بالغرامة القصوى، والتي نرجو إلا يحكم بها على أحد لمجرد إعلانه رأياً، فذاك ما نرجوه والله ولي التوفيق. ص ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043 [email protected]