أرامكو تعلن نتائج الربع الثالث من 2024.. صافي الدخل 103,4 مليار ريال    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    الجسر الجوي الإغاثي السعودي إلى لبنان يتواصل بمغادرة الطائرة الإغاثية التاسعة عشرة    اليوم الحاسم.. المخاوف تهيمن على الاقتراعات الأمريكية    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    اتحاد الغرف يطلق مبادرة قانونية للتوعية بأنظمة الاستثمار في المملكة والبرتغال    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    الاحتلال لا يعترف ب (الأونروا)    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «انسجام عالمي» تعزز التواصل مع المقيمين    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر.. الخميس    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    ليلة الحسم    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    رئيس الشورى يستقبل السفير الأمريكي    منظومة رقمية متطورة للقدية    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    تنوع تراثي    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    ترمب وهاريس في مهمة حصاد جمع الأصوات    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى السبت المقبل    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردًا على مقالة الأسمري حول نقد أركون:بل أركون جهول وأفاك ودون الأدلة
نشر في المدينة يوم 25 - 05 - 2011

على صفحات هذا الملحق (الأربعاء) كتب حسين الأسمري بتاريخ 6ربيع الأول ردًا على تعقبي لسقطات أركون مقالة عنونها بأن نقدي هجوم وتضليل عبر محاكمة غاب عنها الدليل، فلعل المعقب المكرم الأسمري يجد في هذه الأسطر بعض الدلائل على ما اعتبِره جهلًا وتضليلًا من قبل أركون، الذي وضعه الأسمري في أعلى معمار الفلسفة والفكر، ولن أنقل عن نقاد أركون ومخالفيه حتى يظهر شيء من نبض الشخصية الفكرية لكاتب الأسطر كما طالب الأسمري؛ ولذا فإنني لن أنقل الكلمة التي قالها محمد الغزالي رحمه الله في (الحق المر) تحت عنوان: “من تلامذة المبشرين” و“جهل فوق جهل”. ولن أقلد أحدًا في تخطئة (أستاذ الفكر الإسلامي) في السوربون الذي جابت مكنونات فكره قارات العالم، بل سأنقل من كتب أركون مباشرة، والتي قرأت بعضًا منها حرفًا حرفًا قبل أن أعقب، ولكن قبل تلك النقولات أود أن أذكر بأن نقلي عن كتاب د. الحسن العباقي إنا كان باعتباره أطروحة علمية يفترض فيها تحقق الموضوعية والاستقصاء، ولأن المقالات الصحافية لا تحتمل العزو والإحالات إلى المصادر، ولا تتسع الصفحات للبحوث المطولة، وتحت يدي الآن مجموعة من القصاصات نسختها من كتب أركون تبين أخطاء أركون في مسائل عقدية وتاريخية، وأحسب أنني لو نقلتها برمتها لما اتسعت لها صفحات الملحق!
في موضوع النص القرآني وكيفية دراسته وفهمه يقول أركون بأن “نقطة البداية كانت باطلاعه بمحض الصدفة على أشياء مهمة فيما يخص الإنجيل فجره فضوله المعرفي إلى أماكن أخرى وأديان أخرى لكي يرى الصورة ضمن الإطار الواسع، وعن طريق المقارنة والنظر. فقد وقع يومًا ما على كتابات دانييل روس عن الأناجيل فتساءل قائلًا: ألا يمكن أن نفعل شيئًا مشابهًا في ما يخص القرآن؟ وما هي النتيجة، التي سنتوصل إليها إذا ما قارنا بين الإنجيل والقرآن بهذه الطريقة؟ هذه هي نقطة البداية، وهذا ما غذى فضولي المعرفي. وعلى هذا النحو ابتدأت العمل في مجال القرآن. (الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد ص270 – محمد أركون – ترجمة: هاشم صالح) ومن هذه المنهجية الخاطئة كانت الضلالات البينة في دراسات أركون عن القرآن الكريم، وذلك أنه في قوانين الفكر والنظر المنطقي لا بد من تماثل الحالات المدروسة حتى يتم تعميم طريقة الدرس والبحث، بل حتى في النقد التاريخي لا بد من تساوي الظروف التاريخية حتى يتم توحيد منهج الدراسة على حالتين معينتين. والعقيدة الإسلامية عبر أساسها وهو الوحي تحتم على المؤمن الإيمان اليقيني بتكفل الله بحفظ كتابه من التحريف خلافًا للكتب السماوية السابقة، التي وكل حفظها إلى أهلها وبناء على الإيمان بصدق النبي وعصمة القرآن الموحى إليه من لدن حكيم خبير تكون دراسة القرآن بالانطلاق من منهج القرآن لا بمحاولة الانقضاض الخائبة عليه من خارج السياج الإسلامي، فأركون أخطأ حين لم يعمل “المعقولية التي يدفع بها إلى نهاياتها القصوى” في أسئلته التي تشكلت كمغالطات؛ وذلك لاستحضاره وهم تسوية القرآن بالكتب الأخرى، حيث يقول بعد أن تحدث عن أن الرسالات المنقولة بواسطة أنبياء بني إسرائيل وبواسطة يسوع المسيح، ثم بواسطة محمد كانت في البداية عبارة عن عبارات شفهية، ثم حصل مرور من الحالة الشفهية إلى حالة النص المكتوب: “وهكذا تشكلت النصوص الكبرى: التوراة والإنجيل والمصحف (قلت المصحف ولم أقل القرآن لأنه يدل على الشيء المادي الذي نمسكه بين أيدينا يوميًا، ولأنه يقابل التوراة والأناجيل بالضبط فهو كتاب مؤلف من صفحات سجل فيها الخطاب القرآني بالخط المعروف.. ثم سمى المصحف مدونة نصية رسمية مغلقة.. وقلت: مغلقة: لأنه لم يعد لأي كان أن يضيف إليها أي كلمة أو يحذف منها كلمة أو يعدل في المصحف أي قراءة معترف بأنها صحيحة” (الفكر الإسلامي81). ويقول في ص85:” القرآن الذي أصبح مصحفًا “وفي عقيدة أهل السنة والجماعة أن ما بين دفتي المصحف كلام الله أي أن المصحف هو القرآن. ولكن أركون يرمي إلى التشكيك في المصحف الموجود وأنه ليس بالضبط ما لقنه النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة حيث يقول أركون: “بعد كل ما قلناه سابقًا يبدو لنا حجم الصعوبة في التوصل إلى كلام المسيح الذي تحدث باللغة الآرامية وليس بالإغريقية، وكما تبدو لنا ضخامة الصعوبة في التوصل للحظة الأولى للخطاب القرآني: أي كما لفظ لأول مرة بعبارات شفهية في مجتمع من دون كتابة أولا يكتب إلا قليلًا. أقصد في مجتمع يعتمد أساسًا على النقل الشفهي” (العلمنة والدين: الإسلام-المسيحية-العرب ص27 محمد أركون – ترجمة:هاشم صالح) ولاحظ هنا المغالطة التي يسوقها أركون عبر حديثه أولًا عن الإنجيل ثم عطف القرآن عليه بدون تبيين أوجه المغايرة التامة بين الحدثين، ويبي أركون هذا التشكيك في كمال القرآن بعبارة أوضح قائلًا: “وعندما نقول الخطاب القرآني فإننا نقصد العبارت الشفهية التي تلفظ بها النبي ضمن حالات الخطاب وحيثياته التي لم تنقل كلها بحذافيرها وأمانة” (الفكر الإسلامي ص 89) ثم يقول صاحب بحث (مشكلة الصدق الحقيقي الإلهي في القرآن): “ولم يعد يكفي التلويح بسخة القرآن كما يفعلون اليوم” (العلمنة والدين27).
ولأن فضاء المقالة لا يستوعب الرد الضافي على الخيانة العلمية ومجانبة الموضوعية التي يرتكبها أركون في معرض كتاباته عن الوحي والقرآن فإنني أشير فقط إلى إغفاله الروايات التي نقلت كتابة القرآن الكريم من قبل كتاب الوحي من الصحابة بل وكتابة الحديث النبوي. ومن معالم النفاق التي تظهر في كتابات أركون عبر تقنية “الخفاء والتجلي” نزع القداسة وصبغة التعالي عن القرآن الكريم وفي ذلك يقول: “عملية الانتقال هذه التي يقوم بها القرآن الشفهي (أو يعبر عنها أو يعكسها) ومجمل هذه العبارات الشفهية سوف تسجل في ما بعد في كتاب بالمعنى الثقافي والعادي للكلمة هنا، وليس بالمعنى المتعالي للوحي” (العلمنة والدين 46). ويقول أيضًا عن: “التصور الإسلامي للوحي يدعى بالتنزيل: أي الهبوط من فوق إلى تحت وهذا المفهوم يشكل مجازًا مركزيًا وأساسيًا” (الفكرالإسلامي78). وإلى جانب نزع القداسة عن النص القرآني يصف أركون الخطاب القرآني بأنه أسطوري قائلًا: «إن إدراك الزمان والمكان في القرآن هو إطار أسطوري” (الفكر الإسلامي 143). وذلك بعد أن تحدث عن نظرته الأفقية (التاريخية) ونظرة القرآن وبشكل عام الوحي عمودية (أسطورية أو إيمانية تقليدية) وفي (الهوامش والشروحات) على الكتاب يعلق تلميذه المترجم “المقصود بالأسطوري هنا أنه خيالي أكثر مما هو تاريخي واقعي” (الفكر الإسلامي 211) وقال أركون في ص 147 “القرآن خطاب ذو بنية أسطورية”. ثم ذهب يفسر الأسطورة بممحاكات لا معنى لها ممارسًا نفاقه المعهود عبر تخفيف درجة النقد، ومما يبين مقصوده ذكره أن من وظائف هذا المصطلح (بناء المتخيل الديني) وهذا الزعم من أركون سبقه إليه سلفه الجاهلي (النضر بن الحارث). ولكن دعنا نستعرض شيئًا من افتراءات أركون على الإسلام حيث قال قبل ذلك: “إن التاريخ يعلمنا أن الإسلام قد احتفظ بالكثير من الشعائر والعقائد الخاصة بالدين العربي السابق عليه، فمثلًا شعيرة الحج إلى مكة والإيمان بالجن والتصورات الأسطورية المشكلة عن الشعوب القديمة والكثير من القصص التربوية ذات العبرة ولكن القرآن يستولي من جديد على أنقاض الخطاب الاجتماعي هذا من أجل بناء “قصر إيديولوجي” جديد... وبهذا المعنى نقول إن القرآن هو خطاب ذو بنية أسطورية «(الفكر الإسلامي145) وعبارة “قصر إيديولوجي اقترضها من “كلود ليفي شتراوس”. إن مشكلة أركون أنه ينطلق من أديولوجية مغرضة فيأتي لدراسة القرآن بأدوات ومناهج يدل الأثر النقلي والنظر العقلي على قصورها. أركون في سياق مغالطاته يقول: “نحن نعلم أن نظام ترتيب السور والآيات لا يخضع لأي ترتيب زمني حقيقي، ولا لأي معيار عقلاني أو منطقي وبالنسبة لعقولنا الحديثة المعتادة على منهجية معينة في التأليف والإنشاء والعرض القائم على “المحاجة” المنطقية، فإن نص المصحف وطريقة ترتيبه تدهشنا “بفوضاها” “(الفكر الإسلامي90) تعالى كتاب الله عن افتراءات الضالين، أركون تلميذ المستشرقين يريد تطويع كلام الله لمناهج العلوم الإنسانية الحداثية ويجعلها حاكمة على نهج القرآن، تلك المناهج غير الناجزة حتى الآن، والتي تختلف في قراءة أي نص أدبي بشري يريد أن يحكمها على النص المقدس. أما “المحاجة” فإنني أسائل كتبه: أين هي المحاجة المنطقية والبراهين على الدعاوى العريضة التي يمضغها في تعالم فج وما هو إلا مردد لافتراءات المستشرقين المغرضين، الذين صرح أركون بتبعيته لهم قائلًا: “المنهجيات التي أطبقها على التراث العربي الإسلامي هي المنهجيات نفسها التي يطبقها علماء فرنسا على تراثهم اللاتيني المسيحي أو الأوربي” (الفكر الإسلامي251). ويقول أيضًا: “إن معالجة الفترة المحددة على هذا المنوال معالجة تاريخية لم تبدأ بفرض ذاتها إلا منذ القرن التاسع عشر نتيجة سعة اطلاع المستشرقين ولم تنجح هذه المعرفة الوسيعة في إثارة ارتياب المسلمين واحتجاجهم وقد ظلوا متعلقين بتصور هو أقرب إلى الأسطورية فيما يتصل ب”بواكير الإسلام” (الفكر العربي ص46-محمد أركون-ترجمة:د.عادل العوا)
وأظن أن مفتاح فهم موقف أركون من القرآن الكريم يكمن في تصريحه بأنه يتحدث عن مسألة الوحي بصفته مؤرخًا لا عقائديًا (العلمنة والدين75) وكأن العقيدة ثوب يلبسه المرء ساعة شاء وينزعه حين يشاء.
أما جهالات أركون في مجال السيرة فيقول: “جعل محمد القدس قبلة في الصلاة أول الأمر، ولكنه بعد أن قضى في المدينة على معارضة القبائل اليهودية وبعد أن استولى على مكة جعلها قبلة المسلمين في الصلاة” (الإسلام الأمس والغد ص15-محمد أركون-ترجمة: علي المقلد) هذا الذي يسميه أركون “استيلاءً “يعرف عند المسلمين ب “فتح مكة” كان بعد ثمان سنوات من الهجرة من مكة وتحويل القبلة كان بعد ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا من الهجرة! مع أن الخبر مذكور في الصحيحين ولكن أستاذ التاريخ المؤدلج ينفث آراءه وكأنها حقائق تاريخية ويكتب (البرفسور) عن حوادث التاريخ بدون أن يحيل على أي مرجع! وبمناسبة كلامه عن حادثة تحويل القبلة محمد أركون لم يسطر “الصلاة” على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا مرة في كتبه كما هي عادة المستشرقين! وفرية أخرى تفوق فيها صبي المستشرقين على من تلقف منهم الأباطيل يقول فيها عن دولة الإسلام: “تجربة المدينة... هذه التجربة أساسًا، تجربة رجل اسمه محمد، مواطن من مكة”.. ثم يصف دولة المدينة بكونها “نموذجًا جديدًا للدولة مستعارًا من دولة أثينا أولًا ثم من الدولة الامبراطورية الرومانية بعد تشكل الخلافة ثانيًا، ثم انضاف إلى هذه الدولة البُعد الديني الداعم لها والمتمثل بالوحي القرآني، ونتج عن ذلك شيء مشابه لما حصل في الامبراطورية المسيحية في القرون الوسطى مع الرأس المزدوج للبابا والامبراطور «(العلمنة والدين49) هنا يتجلى صبي المستشرقين في طقس الجهالة والضلالة والارتهان للعقلية الاستشراقية الحاقدة التي تمارس الافتراء والدجل باسم الفكر والعلم. ومن محاولات أركون المغرضة لتشويه التاريخ الإسلامي المجيد كذبته الرخيصة على الخليفة الراشد الفاروق حيث قال أركون:” وكتاب عمر الثاني شهير حين طلب من أحد القواد العسكريين أن يحدّ من الدخول إلى الإسلام حتى لا تقل موارد الخزينة “(الإسلام: الأمس والغد60) ومشهور موقف الفاروق رضي الله عنه النبيل في إسقاطه الجزية حين رأى شيخًا كبيرًا من أهل الجزية يسأل الناس فقال: ما أنصفناك إن أكلنا شبيبتك، ثم نأخذ منك الجزية، ثم كتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية من شيخ كبير. هذه هي سماحة الإسلام، أما أستاذ تاريخ الفكر الإسلامي بالسوربون فيأبى إلا أن يصور الخليفة الثاني بأنه يمنع الدخول في الإسلام من أجل جباية المال! ولكن الأفاك أركون الذي يحاول تكذيب الوحي لا يتوقع منه حين يتحدث عن تاريخ الإسلام إلا الافتراء والبهتان. وفي مجال الفقه الإسلامي ينقل مزاعم المستشرق المغرض شاخت “كانت الروابط بين القانون الإسلامي و”الجذور” المحلية قد أثيرت من قبل باحثين عديدين كجوزيف شاخت”(الفكر الإسلامي126) ولأنه يثق في ما يأتي من جهة الغرب فإنني أحيله على مؤتمر القانون الدولي المقارن المنعقد ب(لاهاي) عام 1937م ودعي له الأزهر ومثله عالمان وجاء في قرارات المؤتمر: أن الفقه الإسلامي مشروع قائم بذاته ليس مأخوذًا من غيره.
وفي المعيار العلمي فإن أركون يمارس التهويل عبر الادعاء بأن الموضوع الذي يطرقه لا يوجد أي باحث حتى الآن تناوله كما ينبغي ثم يشحن كتاباته بالمصطلحات والمناهج ويحيل على أعلام وكتب غربية، ممارسًا الشقشقة الفارغة بدون إبراز شخصية فكرية ولا رسم خارطة معرفية وإنما يمارس الفرقعة الفكرية التي لا تخلف إلا دخانًا متلاشيًا. أركون بذاته بحاجة كما قيل إلى دراسة نفسية، هذا الأركون الذي يقول عن إمام المفسرين والمؤرخين الطبري: “يستطيع أن يسبق بكل سذاجة كل تفسير من تفاسيره بالعبارة التالية: يقول الله لكأنه يستطيع أن يعرف بالضبط مقصد الله من كلامه ويشرحه حرفيًا” (الفكر الإسلامي94) هنا تظهر عدم النزاهة العلمية لدى أركون فكما هو معلوم أن الطبري عند قوله “يقول الله” يورد نص الآية أما تفسير النص فيورده مسندًا. هذا التبجح على الطبري من قبل أركون الذي أخطأ في إيراد أكثر من آية في صفحة من صفحات كتابه (الفكر الإسلامي) مع أن الكتاب يكاد يخلو من الأخطاء الإملائية والطباعية! مع أنه يعتمد على إيراد الآيات من المعجم المفهرس؛ ولذلك انقطع عندما أورد المستشرق أرنالديز اعتراضات على كلامه، ولم يستحضر آية أراد الرد بها إلا بعد رجوعه إلى المنزل وبحثه عنها! أرنالديز الذي عقب على محاضرة أركون مدافعًا عن الفقهاء والمفسرين المسلمين، الذين افترى عليهم أركون قائلًا: “سوف أذكر محمد أركون بأن هؤلاء الفقهاء كانوا نشيطين جدًا، وأنهم حركوا النصوص القرآنية وأنعشوها بتفاسيرهم إلى درجة أنه يصعب علينا اليوم حتى باسم العلوم الإنسانية العزيرة عليك يا سيد أركون أن تجد فيها شيئًا آخر غير الذي وجدوه”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.